الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
زيارة البابا فرنسيس إلى العراق : مسارُ الأخوة والسلام ..والتساؤلات أيضا
زيارة البابا فرنسيس إلى العراق : مسارُ الأخوة والسلام ..والتساؤلات أيضا
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

انشغلت وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة , بزيارة البابا فرنسيس إلى العراق , للمدة بين الخامس والثامن من آذار الحالي , وتأتي هذه الزيارة التي أعدّها المراقبون تاريخية , بعد إصرار من البابا على القيام بها رغم صعوبة الظروف , وتصاعد الإصابات بوباء كورونا , وكذلك  إصابة السفير البابوي في العراق، ميتجا ليسكوفار، بفيروس كورونا. وهو من الشخصيات المحورية في التحضير للزيارة على المستويات الدبلوماسية واللوجستية , إضافة إلى الحملات الإعلامية التي تتحدث عن أحداث وتظاهرات وعمليات إرهابية وتفجيرات  في بغداد ومدن العراق.

للزيارة أبعاد فهي تحمل شعارا  مستلاً من إنجيل متى "أنتم جميعكم أخوة" , وهذا شعار نبيل في محتواه , لاسيما وهو يصدر من شخصية البابا الذي منذ توليه منصبه في عام 2013، اتسم خطابه بحساسية عالية تجاه الفقراء والمهمشين والمتعبين، هو الآتي من إرث لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية، وحامل فلسفة الرهبنة اليسوعية القائمة على التبشير.

ويأتي برنامج الزيارة حافلا بتنقلات بين بغداد والنجف وسهل أور واربيل وقرقوش والموصل.

ومن أهم اللقاءات التي يترقبها المجتمع الدولي , هو لقاء البابا بآية الله العظمى السيد علي السيستاني , وكان قد التقى شيخ الأزهر أحمد الطيب، في أبو ظبي، في شباط عام 2019 وتوقيعه "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" معه , ليكون لقاؤه بالمرجع الشيعي الأعلى مكمّلا للقائه بشيخ الأزهر .

وكما هو معروف بأن أرض العراق تحظى بمكانة رمزية في معتقدات أتباع الديانات السماوية كافة، من خلال الاعتقاد بأنّها كانت مهداً في الأساس لخلق آدم وحواء. كذلك يُجمع اليهود والمسيحيون والمسلمون على الاعتقاد بقصة برج بابل، وببشارة النبي يونس أو يونان إلى أهل نينوى، وقبل هذا وذاك، على ميلاد النبي إبراهيم، في سهل أور الذي يزوره البابا.

هذا الاستعراض العام السريع لطبيعة الزيارة وتأثيراتها الإيجابية المتوقعة , من  الأمور التي تجعلنا نشعر بشيء من الأمل والتفاؤل , لكنّ الذي نتوقف عنده هنا طبيعة اهتمام الحكومة العراقية ومؤسساتها الخدمية تحديدا , حيث لاحظنا حركة غير مسبوقة في تبليط بعض الشوارع وتوفير الخدمات والعمل على إظهار صورة البلاد وكأنه ينعم بالعمران والبناء والإصلاح , وهذه ال" هبّة" في تجميل وجه البلاد , جعلت أبناء الشعب يتساءلون , بل أطلق البعض عبارات فيها شيء من مرارة السخرية , وهي تطلب من البابا التأخر في الوصول إلى العراق من أجل القيام بمزيد من الاصلاحات , وكأن الأمر مرتبط  بهذه الفترة التي تشهد وصول وفود إعلامية وكاميرات راصدة لمظهر البلاد , وبالتالي يجب أن تظهر الحكومة أمام العالم بشكل لائق !!

ألا يثير هذا الأمر الاستغراب ؟

إننا نستنتج هنا بأن الحكومة ومؤسساتها الخدمية قادرة على توفير الخدمات والإصلاح وتبليط الشوارع , والدليل على ذلك , هو هذه الحملات السريعة للتجميل وإظهار العراق أمام الرأي العام وهو بحلّة جميلة , إذن لماذا هذا التلكؤ والسكوت عن الخراب الذي يعم البلاد منذ ثمانية عشر عاما ؟

لا أدري حقا , هل أن الطبقة السياسة والحكومات المتعاقبة منذ 2003 حتى الآن , كانت نائمة ليوقظها البابا فرنسيس من نومها , وتبدأ بالإصلاحات ؟

وما الذي تفعله مع مظاهر الفساد التي عرف العالم كله طبيعتها وتلمسها وقرأ تقارير عنها وعن رموزها وعدم قدرة أي زعيم سياسي أو جهة معينة على القضاء عليها ؟

أسئلة موجعة تفرزها عمليات الترقيع والماكياج والتجمّل أمام شخصية دولية تعرف حتما المخفي والمعلن في حياة العراق , لذلك على المسؤولين أن يصحوا وأن لا ينتظروا زيارة قادمة لمسؤول كي يرمموا شيئا من الخراب الذي كانوا هم سببه الأول والأخير .

المشـاهدات 852   تاريخ الإضافـة 06/03/2021   رقم المحتوى 10004
أضف تقييـم