الجمعة 2024/5/3 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 28.95 مئويـة
ميناء الفاو الكبير - الأهمية الاستراتيجية والجيوسياسية بمنظور جغرافي
ميناء الفاو الكبير - الأهمية الاستراتيجية والجيوسياسية بمنظور جغرافي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب ا.د.حسين الزيادي جامعة ذي قار
النـص :

يمتلك العراق ساحلاً قصيراً لا يتجاوز (٥٨) كم وهو ساحل ضحل في اغلب اجزائه ومعرض للتناقص نتيجة لزحف الحدود الإيرانية باتجاه شط العرب بسبب عامل النحت و الارساب، والساحل البحري لا يتناسب ومساحة العراق وموقعه وحاجاته الاقتصادية، فالساحل العراقي قصير مقارنةً بمساحته التي تزيد على(٤٣٤.٥٢) كم علما ان حدوده البرية تزيد على(٣٥٠٠) كم ، وبذلك فالعراق يعد من وجهة نظر بعض الباحثين دولة شبه حبيسة، لان حدوده البرية لا تتناسب مع حدوده البحرية، لكن وجود ميناء الفاو الكبير سيفتح الباب على مصرعيه ليكون العراق دولة بحرية مؤثرة في حركة النقل العالمية، اذا علمنا ان الميناء يقع ضمن اكبر عشرة موانئ في العالم.  بناءً على الصعوبات التي تعترض الساحل العراقي من حيث قصره وضحالته ومنافسة دول الجوار وتهالك الموانئ القديمة، فان ميناء الفاو الكبير حال انجازه سيشكل العمود الفقري للاقتصاد العراقي في المستقبل، ويشكل اهمية كبرى للتجارة العالمية وسيستقبل حال انجازه اكثر من (25) مليون حاوية سنويا، فضلاً عن كونه سيوفر فرصًا كبيرة للعراق، ويعزز مكانته الجيوسياسية في المنطقة والعالم وسيخلق فرص عمل كثيرة ويسهم في تطوير ظهير الميناء(البصرة)، كما سيسهم في تنمية الاقتصاد العراقي، وزيادة الحركة التجارية، ويذهب البعض الى انه سيحقق اربعة أضعاف ما يجمعه العراق مالياً من الموانئ الأخرى مجتمعة.

من الناحية الاستراتيجية

الاستراتيجية تأخذ ابعاداً متعددة بحسب الزاوية التي ينظر منها الباحث، لكنها عموما لا تتجاوز كونها علم وفن تنسيق واستخدام القوة السياسية والاقتصادية والمعلوماتية لتحقيق الاهداف الوطنية ، اما الجيوستراتيجية فهي التخطيط السياسي والاقتصادي والعسكري الذي يهتم بالبيئة الجغرافية، اي المركز الاستراتيجي للدولة في الحرب والسلم ، وتحلل هذا المركز الى عوامله الجغرافية والتي من اهمها الموقع البحري ، ومن الناحية الاستراتيجية سيكون للميناء الأثر الكبير في تغيير موقع العراق على مستوى التجارة العالمية كونه يمثل طريقاً مختصراً بتكاليف نقل أقل كلفة وهنا تقع أهمية الجدوى الاقتصادية لذلك المشروع، وبهذا فان موقع العراق سوف يحتل موقع الصدارة ليكون اولاً مشروعاً خدمياً للعراق بالدرجة الاولى كونه الخيار الاوحد الذي لابديل عنه، وهو من الممكن ان يكون طريقاً للاتصال مع أوربا برا،ً اذا ماتوفرت الامكانات لذلك،  وليكون جسرا ً أرضياً بين شرق أسيا و أوربا ،عبر تركيا وسوريا ، إذ إن المسافة بين الموانئ العراقية في شمال الخليج العربي والأراضي التركية تبلغ حوالي(١٢٠٠كم)، وهي المسافة الاقصر بين الخليج العربي وتركيا او مواني البحر المتوسط ، ولاندعي ان الميناء سيلغي او يقلل من اهمية مواني الخليج او الموانئ الايرانية، بل سيكون مرتبط ومكمل لمينائي دبي وخورفكٌان في الامارات ، وصلالة في عُمان ، ومن المؤكد ان ميناء الفاو سيضيف أهمية جديدة لموقع العراق كممر بين آسيا وأوربا خاصة وإن العراق يملك من المقومات الاقتصادية ما يجعله مركزاً عالمياً للتجارة والاستثمار، وسيكون من أهم الموانئ الاستراتيجية التي يمكن لها ان تغير خريطة النقل البحرية العالمية، اذا توفرت الظروف الملائمة لذلك. ومن المتوقع أن يكون للمشروع مردودات مالية كبيرة على العراق من خلال نقل وإيصال البضائع والنفط بشكل أسرع من أي وقت مضى، كما ستبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 99 مليون طن سنوياً ، فضلاً عن تنشيط قطاع النقل في العراق، وتنويع طرق الاستيراد والتصدير، وذهب البعض الى ان الميناء سيحقق للعراق منافع تقدر بنحو 15 مليار دينار شهرياً عند اكتمال المشروع وعمله بطاقته القصوى، تطوير عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية واثره على واقع التنمية المستدامة في العراق على المدى المتوسط  والبعيد من خلال انشاء البنى التحتية ومشاريع المنطقة الصناعية الملحقة بميناء الفاو الكبير.

الاهمية الجيوسياسية 

تهتم الجيوسياسية بتأثير المحيط الطبيعي للدولة على الحياة السياسية فيها، وهي عنصر من عناصر الجيوستراتيجية، وتكمن أهمية ميناء الفاو الجيوسياسية في كونه عاملاً مغيراً للمحيط الطبيعي للدولة ، لانه حال اكتماله سوف يربط الشرق بالغرب باقصر الطرق،  وتبرز الأهمية الجيوبولتيكية لميناء الفاو الكبير من خلال استثمار موقع العراق الجغرافي في تحقيق المطالب المكانية للعراق محليا و إقليميا و دوليا و ذلك بتأثيره على اتجاهات النقل الدولية مستقبلا.يعد انشاء ميناء الفاو الكبير والمشاريع الملحقة بمنطقة الفاو الاقتصادية ذات اهمية اقتصادية كبيرة تنعكس اثارها على تطوير عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يسهم في تحقيق اهداف التنمية المستدامة في العراق على المدى المتوسط والبعيد، عن طريق انشاء البنى التحتية للطرق والجسور والسكك الحديد والمطارات وتطوير الموانئ القائمة فضلاً عن كونه يجعل العراق ممرا اقتصادياً مهماً في المنطقة الموقع مستغلاً الموقع الاستراتيجي للعراق بين قارات العالم القديم، واهم حلقة في المنطقة لربط الشرق الاسيوي بالغرب الاوربي والافريقي، ولاجل التخلص من المشاكل العديدة التي تشكل عقبة تجاه الانشطة المختلفة للموانئ العراقية القائمة في ظل التطورات الحديثة التي شهدتها الموانئ اذ لم تعد موانئ العراق تواكب تلك التطورات.ولاشك ان هذا المنفذ سيقدم دعامة جيبولوتكية مهمة تضيف توازناً اقليمياً مؤثراً في صراع القوة المحتدم في منطقة الخليج العربي، ويوسع الخيارات لأطراف عديدة مما يقلل فرص الابتزاز والضغط، ويحقق مصلحة اقتصادية لأطراف عديدة ، وبما أن النفط هو السلعة الأساس التي يعتمد عليها الاقتصاد العراقي، والنفط يعتمد بشكل كبير في تصديره على المنافذ البحرية، لذا أصبح البحث عن خيارات جديدة لتوسيع منطقة حراكه ونشاطه البحري ضرورة ملحة.

اهمية العامل الجغرافي

على الرغم من أهمية خصائص الدولة ومواردها الاقتصادية ومكانتها السياسية، وتأثيرها في محيطها الإقليمي والدولي، يبقى العامل الجغرافي هو التحدي الأكبر الذي لا يمكن تجاوزه في حالتي القوة والضعف، فكم من دولة تمتلك الموارد والامكانات الا انها تعاني من العزلة ومحدودية المنافذ التي اتعبتها وجعلتها ترضخ لجيرانها وتقدم التنازلات لدول أصغر حجما منها واقل منها سكاناً في سبيل الحصول على منفذ لاستيراد بضاعتها او تصديرها، في حين تمتلك دولا اخرى اشراقات بحرية واسعة وفرت لها مرونة كبيرة في التعامل مع الاحداث ، فالموقع المتميز للولايات المتحدة الأمريكية وفر لها حصانة أمام الكثير من التحديات الحربية، ومرونة في تصدير منتجاتها ، والعراق احد الدول التي تملك موقعا استراتيجيا بالنسبة إلى القارات الثلاث إلا أن هذا الموقع المهم منقوص التأثير بسبب اللسان البحري الضيق والمحدود والضحل، اما مايتم تداوله حول طريق الحرير وما يمكن ان يوفره للعراق، فهو من الناحية النظرية لاغبار عليه ، لكن في مجال التطبيق العملي والرؤية الاستراتيجية فان المشروع تعتريه صعوبات لاعد لها ولاحصر ، اولها الواقع السياسي المضطرب للبلد وتهالك بناه التحتية ووجود منافسين للعراق كايران ودول الخليج والتي تمتاز باستقرارها الامني والسياسي، فضلاً عن الكلفة العالية للنقل البري قياساً بانواع النقل الاخرى ، لذلك يجب ان ينصب الاهتمام على ميناء الفاو الكبير بوصفه مشروع مهم، وضرورة استراتيجية تتعدي في أثرها الاقتصادي والسياسي حدود العراق.

المشـاهدات 1432   تاريخ الإضافـة 07/03/2022   رقم المحتوى 13748
أضف تقييـم