عز الدين المانع

شهدت بغداد خلال العقود الثلاثة الأخيرة توسعاً هائلاً وامتدت أحياؤها أُفقياً من كل صوب.. وصار عسيراً على الأجهزة الخدمية عموماً وأجهزة الأمانة بشكلٍ خاص أن تُلاحق هذا التوسع وتشملهُ بالمشاريع الأساسية والخدمات الضرورية المطلوبة.

ومرّت الأعوام الثقال بطيئة وهي تنوء بكلّ ما خلّفهُ الحصار من هموم ومعاناة، وسقط النظام البائد في التاسع من نيسان عام 2003 وأطلّ فجرٌ جديد، واستبشر المواطنون خيراً وتفاءلوا بالأيام المقبلات، وتوقعوا أن بغداد ستكون أحلى وأجمل وأبهى.. وإذا برياح التغيير تجري بعكس ما تمنّاهُ “السَفّانون”.. فقد راحت بغداد تشكو نَهبها وأُفول بريقها خلف السواتر الكونكريتيةِ وأكوام القمامة وثقل التجاوزات عليها وتَسرُّب المياه الطافحة من مجاريها المغَلّقة والمهجورة. واُغلقت الشوارع بالحواجز الكونكريتية والأسلاك الشائكة، وتعرّضت شبكات أنابيب المياه الخاصة بالشرب، وأنابيب المياه الخام، ومجاري الصرف الصحي الى تكسرات عديدة، واختلطت المياه الصالحة للشرب مع مياه المجاري والمياه الجوفية في العديد من المناطق السكنية القديمة لتشكل أخطر ظاهرة غير صحية واجهت أبناء هذه المدينة العريقة، ولم يستطع المعنيون في الأمانة خلال الأعوام الساخنة والعِجاف أن يفعلوا شيئاً ملموساً لانقاذ بغداد وأهلها من هذه المحنة..

وأعلنت أمانة بغداد أكثر من مرة عن القيام بحملات (كبرى) لرفع النفايات والأنقاض عن شوارع بغداد وأزقتها.. ورفع المزيد من الحواجز والكتل الكونكريتية عن بعض الشوارع والجسور، وتفاءل المواطنون من جديد، وتوقعوا أن هذه الحملات التي رافقتها حملات اعلامية وتوعوية ستحقق المعجزات، وأذابها مجرّد(فقاعات) ما برحت أن تبخّرت وعادت الحالة الى ما كانت عليه قبل تنفيذ هذه الحملات أو (الهبّات) الآنية..

نأمل أن تقوم الأمانة بحملات حقيقية وفاعلة، وتنجز المشاريع التي بحوزتها بلا ضجيج إعلامي، وتباشر بتنفيذ المشاريع التي ما زالت غير منفذة.. وان يؤدي منتسبو هذه المؤسسة الخدمية المهمة والكبيرة عملهم بجهود استثنائية ومتواصلة ومبرمجة، ويؤكدوا صواب المثل القائل (البرميل الممتليء أقلُّ ضجيجاً من الفارغ) والأيام المقبلة ستكون هي الحكم..