النـص :
يُعرّفْ أحد فلاسفة الحداثة و الفكر المعاصر " الشِعر " على إنه فن تنظيم أحزان العالم ، ترآى لي ذلك التعريف الموجز و المدهش و أنا أتهيب ألسنة لهيب قصائد الشاعر الشعبيالشاب " حازم جابر " الذي لم يحدث أن ألتقيه - يوماً - بشكلٍ مباشرة ، ولم أراه إلا عبر لقاءاتٍ تلفازية كشفت عن موهبته و حقيقة ملكاته في ملكوت شعره العاطفي ، و أسراب أغانيه المحلقة في حناجر مطربين من أقرانه ، فيما - اليوم - أسمو به شاعراً ، صادحاً ، وطنياً بإمتياز وعي و عمق ذائقة و براعة تلقائية وسطو تأثير ، تجعله يرتقي مرتبة الشعراء الثوار ممن قرأنا عنهم في سجل البطولات الوطنية بلداهم و قضايا التحرّر في العالم ، أمثال الاسباني " لوركا " و التركي " ناظم حكمت" وغيرهم ، الأمر الذي جعلتنيمأخوذاً ، متأثراً بالنمط و النسق الذي يفكر و ينهل منه ، و هو يلقي على سجيته الواثقة من سيول مشاعره الصادقة ، و دفق أحاسيس قصائدهالتي جاد ينشدها من أعلى " جبل أحد " - المطعم التركي ، كما كان يُعرف كما وسط حشود و قوافل الرفض في ساحة التحري و متواليات التعبير في سوح وغى الإحتجاجات التي عجت بها عقول و أرواح و حناجر مظالم شباب و شعب بلاد ما بين النهرين الذي أبتكر أجدادهم العِظام أشراقات الحرف و مباهج العجلة و ألق المسلة ،و نهج القوانين ، فيما أورثوهم سياسيو الصدفة - اليوم ، و الأمس القريب - نكد الحياة و سخطها ، للحد الذي حدا بغالبية المتظاهرينأن يكونوا من جيوش الرافضين ،الباحثين عن ملمح لفرص عمل تعينهم على متاعب الدنيا و قحطها ، تلك التي يخلقها و يتفنّن في صيغ إبتكرها و تمرير تبريراتها كل من شاءو أعتلي و تسنّم إدارة السلطة في وطن نعمةالنفط قبل أنتتحوّل إلى نقمة " النقمات " - أن صحت صيغة الجمع - ، تزيدني قصائد " حازم جابر " ثقة و تعميقا بقدراته، و حقيقة من كان يقول ؛ " إذا خلا رأس السياسي من الشِعر يصبح طاغية " ، و ما أكثر طغاة هذا العصر ممن ينفردون بحشر إمتيازات السلطة في جيوبه و خزائنهم ، و يدعوا شعوبها تنتفض غاضبة مدويّة في ساحات الإحتجاج .
|