السبت 2024/5/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
نافذة من المهجر صراع الوجود في فلسطين والمواقف المراوغة
نافذة من المهجر صراع الوجود في فلسطين والمواقف المراوغة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

طوت الحرب الدائرة في فلسطين العزيزة شهرها الأول، وقد شهدت احداثاً موجعة عرف العالم كله من خلال متابعتها، مدى الوحشية واللاإنسانية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد الأبرياء العزل من أهلنا في غزة تحديدا، حيث تجاوز عدد الشهداء عشرة آلاف شهيد مع آلاف المصابين، والعدد الكبير منهم من الأطفال والنساء وكبار السن وهم كما يعلم الجميع ليسوا قادرين على القتال، وبذلك لا يشكلون خطرا على المدّعين المحتلين الصهاينة، وهذه الجرائم لا يمكن وصفها بصفات أخرى ولا يمكن تبرير فعلها أو الدفاع عن مرتكبيها تحت ذل الإذعان لمواقف التطبيع المخزية من قبل عدد ليس قليلاً من المسؤولين والقادة العرب، وحتى اولئك الذين اخفوا رذائلهم تحت رداء الدين الإسلامي البريء منهم ومن أفعالهم.

لا أريد هنا الاستنكار والادانة  فهذه الكلمات ومعها العبارات الرافضة لممارسات الاحتلال لم تعد كافية , ولم تعد تفي الغرض المطلوب من فضح أفعال هؤلاء الوحوش , الذين استطاعوا ترويض أبواق إعلامية تسعى لقلب الحقائق , وقد تحدثنا عنها هنا في عمودنا السابق , أريد هنا أن أتوجّه للمخادعين من أصحاب المواقف المراوغة من المحسوبين على الخندق العربي في الصراع الوجودي الذي لا يقبل التهاون أو المساومات , عليكم أن تسمّوا الأشياء بماهياتها  , وأن تنصروا الحق الواضح الجلي وضوح شمس الضحى وأن لا تتلاعبوا بالألفاظ  والشعارات , فالحرب ليست بين الجيش الإسرائيلي ومنظمة حماس , ولم ولن تكون ردّ فعل يمارسه الصهاينة لأن رجال حماس بدأوا الهجوم عليهم , فالمواجهة ليست وليدة السابع من أكتوبر , وليست جديدة على واقعنا العربي , فقد تجاوز عمرها أكثر من خمسة وسبعين عاماً من الاستهتار الصهيوني بمصير أهلنا وتشريدهم وقتلهم , أما الفعل الذي قامت به حماس بشكل مباغت أذهل الصهاينة فهو شرارة الثأر والانتقام العربي الذي لابد أن يحصل مهما طال أمد الاحتلال .

إن ما يحصل في فلسطين في هذه المرحلة يمثل برأيي الحد الفاصل للمواقف والقناعات , فقد سقطت أقنعة عن وجوه كالحة اتضحت ملامحها التي تشير لخيانة الانسانية أولاً , والتجرد من الإيمان بقيم السماء ثانياً ,  والتخلي عن سمات العروبة ثالثاً , فالذي يتابع الأحداث لابد أن يصغي لمنطق إحدى هذه الركائز في التعامل الإنساني , فإسرائيل اللقيطة تجاوزت عليها كلها بوقاحة مدعومة من قوى الغرب الشريرة , التي ترى في هذا الكيان حماية لمصالحها , وخصوصاً الراعية الكبرى للتخريب والدمار والقتل – أمريكا – التي سحبت خلفها جوقاً من العملاء والمأجورين والخونة , الذين أعميت أبصارهم وقلوبهم عن مشاهد قصف المستشفيات واستشهاد الأطفال والنساء , والأكثر وقاحة أنهم يدّعون أن رجال المقاومة الفلسطينية يتخذون من المستشفيات والمساكن الآمنة ملاجئ لهم , لكن الصور ومشاهد الموت تفضح ادعاءاتهم وأكاذيبهم لتظهر العالم على حقيقة ما يجري وعلى جسامة الفعل الإجرامي للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الصابر المظلوم الذي يعاني ما يعانيه في التصدي لوحوش ضارية .

وطالما كنت في سياق الحديث عن المواقف التي لا تحتمل الحياد في هذه المرحلة , أقول لبعض الذين يربطون أمر نصرة فلسطين بأحداث مؤلمة حصلت في العراق تحديداً كان سببها من المحسوبين على الشعب الفلسطيني المنكوب , إن فلسطين ليست قضية فئة محددة من الفلسطينيين حسب , وإن الذين جاؤوا محملين بالحقد , لا يمثلون الشعب كله ولا جوهر القضية التي تعنينا جميعا , فهي قضية العرب والمسلمين وقضية الإنسانية جمعاء أيضاً , لذلك لا تربطوا مواقفكم المهادنة بجزء من القضية , ولا تنصروا عدوّاً لا يخفي حقده وعداءه على أهلنا الذين يحتاجون منا كل كلمة حق وكل دعاء موجّه بصدق للسماء , واعلموا أن الصهاينة لا يمكن أن يحبّوا عربيّاً أو مسلماً مهما تخاذل لهم وقدّم فروض الطاعة من أجل إرضائهم , إنهم يتخذون الخونة وسائل رخيصة للعبور إلى غاياتهم , لذلك أقول أن الموقف الآن هو موقف الوجود الحقيقي الذي لا يقبل تهاوناً أو مرونةً أو مراوغة في تسمية الأشياء بأسمائها ...

وأخيراً أقول أدعو الله العلي القدير أن ينصر أهلنا في فلسطين الصابرة وأن يخزي ويذل أعداءنا الصهاينة ومن يسير بركبهم الخائب .

المشـاهدات 257   تاريخ الإضافـة 10/11/2023   رقم المحتوى 32929
أضف تقييـم