الجمعة 2024/4/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
كتاب المُخرجُ بوصفهِ قارئا .. إشكالية التأصيل في المسرحي العراقي
كتاب المُخرجُ بوصفهِ قارئا .. إشكالية التأصيل في المسرحي العراقي
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

علي لفتة سعيد

في كتابه الجديد الذي حمل عنوان «المُخرجُ بوصفهِ قارئا» تطرق المؤلف الفنان والمخرج المسرحي علي العبادي لبعض المتغيرات التي حدثت بعد عام 2003 على صعيد النص أو العرض أو تقنيات العرض المسرحي، حيث تجلّت في دراسات للمسرح العراقي المعاصر، إضافة إلى دراسة لبعض العروض والنصوص، منها من شاهدها ومنها من قرأها، مثلما حاول التأكيد على الخطابات المسرحية التي فيها مغايرة، والتوقف عند موضوعات مثيرة للجدل، ومنها ما أخذت نصيبها في ذلك، في ما يخص تأكيد خطاب أو لون مسرحي من عدمه، ومنها من لم تأخذ نصيبها في ذلك، عبر تعضيد هذه الدراسات برؤى وطروحات لمختصين في هذا الشأن.في الكتاب الذي صدر عن دار ابن النفيس في الأردن حمل عنوانا آخر «دراسات في المسرح العراقي المعاصر» بدأت في مسرحة الشعر في سوق عكاظ، حين أنشدت الخنساء قصيدتها (قذىً بعينكَ أم بالعينِ عُوّارُ / أَم أقْفَرتْ مُذْ خَلَتْ مِنْ أهْلِهَا الدَّارُ) على اعتبار أن ألقاء الشعر كان ممسرحا أيضا، وأن القصيدة الجميلة النابغية هي تلك التي تمتلك مقومات العرض المسرحي الأدائي.. ويبين العبادي في مقدمته على أن الخطاب الثقافي الراديكالي نافذة معرفية فاعلة في إعادة أنتاج الرؤى، وهو عامل مهم في تحريك الساكن، كونه خطاباً انفتاحيا على الذوات الأخرى، وهذا ما يعزز التقدم الحضاري لدى أي مجتمع، وأن المسرح واحد من أهم الحواضن لهذا الخطاب.. وهو بهذا يطرح كتابه في هذه المقدمة، التي مفادها أن المدونات النصية في هذا الكتاب تمحورت على دراسات لموضوعات مسرحية اتخذت طابع الاشتباك المعرفي لطروحات ذات إشكالية مفاهيمية وجمالية وفكرية، وهو يطرح الأسئلة منذ البدء، لكي يسحب المتلقي إليه عبر محاولة التصحيح وتوظيف القيم الجمالية للجسد، أو اللجوء إلى الاستنساخ والسرقة في بعض الأحيان، ومغايرة المدونات الترويجية لخطاب العرض، والوقوف عند محطات مليئة الأسئلة الشائكة، حيث يطرح أسئلة متنوعة.الكتاب تضمن العديد من الأقسام التي لم يجعل لها أرقاما، وكأنه يريد أن يوضح أنها عبارة عن دراسات في هذا الجانب يوحدها التشابه والتطابق مع العنونة.. ففي قسم «المغايرة في الإشهار المسرحي» بين أن أغلب المشتغلين في الحقل المسرحي العراقي تأتي تجاربهم «استنساخية تفتقر إلى محاولة التمرد على المألوف، وكسر نمطية المتداول، فهو متحفظ لا يريد أن يضع نفسه في مواجهة معرفية وفكرية مع الآخر، من خلال انفلاته من الأنساق الجاهزة»، وهنا قد يضع جمرا في الطريق قد ينفخ فيها أحد فتشتعل العلامات الاعتراضية والنقدية، رغم أنه يستدرك أن هذا الخطاب «شهد الإشهار المسرحي تطوراً في خطاباته، وإن كانت قليلة أو تميزت في الندرة في بعض الأحيان». ويضع لذلك أسبابا منها: الهامش والعقل العربي والصورة الذهنية، وكذلك الوعي، ويعطي نماذج من هذه المسرحيات القليلة منها مسرحية «أوديب وعزف نخلة».. وفي القسم الثاني (المسرح العراقي بين الاستنساخية والسرقة) ربما هو قسم يفكك فيه ما لم يقله في القسم الأول، حيث يناقش إشكالية التأصيل في المسرح العراقي منذ نهاية القرن التاسع عشر خاصة في مدينة الموصل من خلال المدارس المسيحية وبالخصوص مدرسة (الكليركية) التي أسسها الآباء الدومنيكان سنة 1750، ثم يقول تطوّر المسرح إلى أن وصل إلى ما هوعليه الآن لعدة أسباب منها، التأصيل وما حصل بعد التغيير ويناقش (فرضية نتاج بعض الخطابات المسرحية لما بعد التغيير، عبر ذاتية منتجة وذاتية غير منتجة.. ثم يتطرق العبادي إلى ما يصر على تسميته بالسرقة «السرقة بين التصريح والتلميح) التي يعدها محاولة اغتيال حق المبدع، عبر إزاحة مباشرة وأخرى غير مباشرة، ما يعني الوصول إلى تدني الخطاب الثقافي والفني «لدى الكثير من المشتغلين في الحقل المسرحي وانغلاق المسامات الإبداعية جعلت منهم توابع إبداعية..تضمن الكتاب العديد من الأقسام التي لم يجعل لها أرقاما، وكأنه يريد أن يوضح أنها عبارة عن دراسات في هذا الجانب يوحدها التشابه والتطابق مع العنونة

 

ليأتي قسمه الآخر (سرقات النصوص المسرحية عبر منظومة الإنترنت) الذي يؤكد فيه على كارثية ما حل بأهل الإبداع، حينما ينشر المبدع نصاً مسرحياً في أحد المواقع المتخصصة في الشأن المسرحي أو غيره، عملية السطو على هذا المنجز تتم بسهولة بالغة، وتصبح للسارق حرية ما لم يألفه في واقعه، عبر اشتغالاته في مجالات السطو واغتيال المؤلف، وكذلك (سرقة الدراسات) التي يؤكد فيها «لم تقف السرقات أو الخطاب الاستنساخي عند العرض أو النص، فقد تجاوز ذلك بولوجه عالم المعرفة عبر الدراسات الأكاديمية العليا المختصة بالشأن المسرحي.. كذلك (سرقة الذات) وهو ما يوضح أنه «يدور في حلقة مفرغة عبر اجترار بعض مما أنتجه سابقاً وإعادة تقديمه تارة بإعادة تسمية النتاج، أو بحذف وتعديل الذي يجريه على النتاج الإبداعي في شتّى مجالات المسرح.. ويطرح أقساما أخرى عبارة عن سؤال (لماذا نسرق أو نستنسخ؟) و(هل هناك حقوق محفوظة؟) وكذلك (المشرق يدحض ويزيح المعتم) وهو جاء استدراكا لما أماط عنه اللثام، على اعتبار أن ما حصل هو» جزء معتم من ذلك الوجه البراق الذي قدم أعمالاً مسرحية مهمة، شكّلت وساهمت في خطاباتها المتنوعة والمختلفة، في نسيج خريطة المسرح العربي». وحفل الكتاب بعنوان جاذب (التوظيف الجمالي لسينوغرافيا الجسد في العرض المسرحي) على اعتبار أن السينوغرافيا تعد أحد مكملات المنظومة الجمالية في العرض المسرحي، وأنها مرّت بعدة مراحل حتى تطورت، وأنه من المصطلحات المسرحية الحديثة على مستوى التداول وأنها «لم تقف عند عتبات القطع الديكورية المنتشرة في الفضاء المسرحي، بل ذهب المشتغلون في تنقيبها الجمالي إلى فضاءات أوسع، حيث لغة الجسد وتحولاتها الدلالية في البناء السينوغرافي» ويطرح العبادي عدة مستويات يتجلى فيها خطاب سينوغرافيا الجسد منها المستوى الفكري/ المستوى المكاني /المستوى الزماني، ليناقش بعدها إشكالية المصطلح في المسرح التجاري، على اعتباره واحدا من معاناة المسرح العراقي، الذي يرتبط بالوعي والجمهور والحاجة وغيرها.. ثم يناقش في قسم جديد (النقدُ المسرحي) على اعتباره «أداة مهمة في الكشف عن مدى التطور الحاصل في التجربة الفنية»، وهو يصنف ذلك عبر طرح الأسئلة إن كانت هناك أزمة نقدية في المسرح العراقي ويشرح عبر فروع لهذا القسم (الأزمة نقدية/ الجلسات النقدية للعروض/ هل النقد موهبة؟/ النقد تابع أم مستقل؟) ويطرح الكاتب في قسم «إشكالية التجنيس في عروض واقعة الطف» وهو يناقش ما اصطلح عليه (نظرية المسرح الحسيني) من قبل أحد كتاب المسرح الذي ألف كتابا لذلك، وأنه خرج بمفهوم بعد قراءته لذلك الكتاب بأنه «تدمير لمفهوم النظرية لما تحمله من التباسات علمية، جعلتني أتساءل في أحيان كثيرة ما هي مسوغات إطلاق هذه النظرية؟»، ثم يطرح سؤالا أين هو الجانب العملي في النظرية؟ هل هي نظرية نص أم عرض؟ وتضمن الكتاب كذلك مناقشات حول (توظيف التراث في النص مسرحي) وجاءت عبر مناقشات لنصوص عروض مسرحية منها (تمثّلات فلسفة الانتظار المأساوي في النص المسرحي العراقي.. المجموعة المسرحية «لا وجه للشجر» نموذجاً للكاتب حيدر عبد الله الشطري) وكذلك (ملامح المونودراما في القصة القصيرة «بقايا الميدان» إنموذجاً للقاص حسن الغبيني) و(تحوّلات الجسد النسوي في عرض «عزف نسائي» للمخرج سنان العزاوي) وحمل الكتاب جدولا مهما أطلق عليه عنوان (المرأة العراقية قبل وبعد عام 2003) الذي جاء ما قبل وما بعد هذا التاريخ، فهو في الجدول أبقاها مهمشة في التاريخين، وأنها أقصيت في الزمن الأول وأنه تم تعزيز الإقصاء في الزمن الثاني، وأنها عاشت في ظل ديكتاتور واحد وهي الآن مع تشظي الديكتاتوريات.

المشـاهدات 524   تاريخ الإضافـة 26/11/2019   رقم المحتوى 3325
أضف تقييـم