الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 31.95 مئويـة
حياتنا ليست سعيدة!! طه رشيد الكاتب علي عبد النبي الزيدي والمخرج كاظم نصار يضيئان لنا الدرب الموحش! الكوميديا السوداء جزء من حياتنا اليومية! طاقم فني جميل يبعث برسائل تحذير: انتبهوا يا سادة حياتنا في خطر!
حياتنا ليست سعيدة!! طه رشيد الكاتب علي عبد النبي الزيدي والمخرج كاظم نصار يضيئان لنا الدرب الموحش! الكوميديا السوداء جزء من حياتنا اليومية! طاقم فني جميل يبعث برسائل تحذير: انتبهوا يا سادة حياتنا في خطر!
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

دعاني الصديق والفنان المبدع كاظم نصار لحضور  التمرين لعمله المسرحي الجديد " حياة سعيدة" وهو من تاليف صديق اخر، (اعدّه من المهمين جدا في الكتابة المسرحية، ليس على مستوى العراق فحسب بل عموم الوطن العربي انه الكاتب علي عبد النبي الزيدي).ترددت في حضور " البروڤة" ثم امتنعت لكوني احب المفاجآت التي تحملها الاعمال الفنية.وانتظرت بشغف يوم العرض الاول ( ليلة 15/11/2023 المسرح الوطني)، لاتفصح او بالأحرى، لأرى ثلاثة اشياء: اولهما كيف يعالج المخرج كاظم نصار النص الذي كتبه المبدع علي عبد النبي الزيدي، دراميا وجماليا، خاصة واني سبق وإن قرأت النص المسرحي بفضل صديقي نصار.اما ثانيهما فهو شوقي الكبير لارى اصدقائي الممثلين للمرة الاولى على خشبة المسرح وهم علاء قحطان وحسن هادي ولبوة عرب، وماذا يمكن ان يقدموا لنا، اذ وبحكم الغربة اللعينة، لم تسنح لي الفرصة سابقا لمتابعة اعمالهم المسرحية!ولم يخيب ظني المبدع كاظم نصار المهوس بالكوميديا السوداء والعارف بالمكان الذي يضع فيه قدمه! والقارئ المتميز للواقع العراقي بكل جوانبه سياسيا واجتماعيا وثقافيا. مسرحية “الدهر دهرنا” التي كتبها الزيدي تحت هذا العنوان تحولت الى “ حياة سعيدة “ على يد المخرج كاظم  نصار  والذي صرح حول عرضه الجديد قائلا "من جديد حاولنا في هذا العرض وكما فعلنا سابقا ان نقترب من الهم الاجتماعي وانعكاس التحول السياسي عليه وذلك عبر نص دال ومكثف، غالبا ما يدوّن الكاتب المبدع علي عبد النبي الزيدي نصوصا شبيهة تشير لهذه التحولات والحكايات المنبثقة منها مع اختلاف الحكاية وتنوعها وعبر فرضية اخراجية راعت التنوع المشهدي وعالجت المساحة السردية عبر الفكاهة السوداء حينا وعبر نسق ادائي حاول ان يحفر بحرفية في خطاب النص وشخصياته".واضاف: العرض بانساقه الثلاثة يقدم قراءة لما مر بنا وماجرى لبلادنا خلال تلك التحولات السريعة والبطيئة.." لقد كان كاظم نصار امينا لما صرح به ولقراءته الدقيقة لواقعنا، مترجما عبر عمله الفني الابداعي كل مفردات الحياة اليومية للمواطن، والتي لا تقود الا الى الجنون!وتبدأ الحكاية/ الحدوتة حين يضطر عروسان ( الفنانان حسن هادي ولبوة صالح) الدخول الى غرفة ليست لهما، اثناء حدوث تفجيرات تهز المدينة، ثم يتفاجئان بعد قليل بوصول عريس اخر، وجسد ادور العريس الاخر الفنان علاء قحطان (مع زوجته التي لا نراها) لتبدأ المفارقة! اذ انه يدعي بان هذه الغرفة تعود له وقد هيأها لاتمام حفل زواجه فيها!!وبعد اخذ ورد بين الطرفين يتم الاتفاق على ان يمنح علاء ( صاحب الغرفة) العروسين الدخيلين عشر دقائق لاتمام زفافهما! ولكن هذه العشر دقائق تمتد على طول زمن العرض، الذي يكسر الرتابة، ويثير تساؤلات عديدة عن كل شخصية وعن العلاقات المتواترة في المجتمع في ظل انعدام أمنٍ  ملحوظ يشبه التيار الكهربائي الى حد ما، اذ اننا نحسه ولكن لا نستطيع تلمسه ماديا، بمعنى ان المخرج ابتعد عن الروتين المستخدم في معظم المسرحيات لهكذا مشاهد حيث يبالغ الاخرون باستخدام المفرقعات واصوات المتفجرات العنيفة على المسرح، ويحولون “الخشبة” ساحة معركة حقيقية.. فاين دور الفن في كل هذا؟ الابداع لا يحتاج لنقل الواقع فوتوغرافيا، اذ لا بد من دخول عنصر الوعي، الذي يبتكر التأويل والتورية، لدن المؤلف والمخرج والممثل ومصمم السينوغرافيا وبالتالي تشذيب الواقع من اجل ايصال الرسالة المبتغاة وهذا ما لمسناه في مسرحية “ حياة سعيدة” التي اجاد فيها المخرج كاظم نصار بقيادة فريقه ( ويساعده خلف الكواليس مستشاره الفني والدرامي “دراماتورج“ د. سعد عزيز عبد الصاحب ) الى مرتفعات ابداعية يحسدون عليها وبالاخص الممثلين حسن هادي ولبوة صالح وعلاء قحطان الذين وقع عليهم الجهد الاكبر والذين جمعوا بين الكوميديا والتراجيديا بشكل رائع حتى نسينا انفسنا ونتساءل :انضحك على دقوننا ام نبكي مصيرنا الذي نراه امامنا؟! لقد كانوا ممثلين  كبار بحق اذ استطاعوا فهم شخصياتهم واختيار الشكل المناسب في الحركة وفي تلوين الطبقة الصوتية والتعبير عن دواخل تلك الشخصيات دون اسفاف او تكرار او مبالغة! اما الفنانة هديل سعد والتي لم تنطق بكلمة واحدة فقد اثبتت ان الممثل الكبير لا يحتاج الى دور كبير ليثبت امكاناته! كان لهديل، التي تظهر وتختفي كانها نسمة، وجسدت في الختام دور الممرضة،  شخصية راسخة على الخشبة!ولم نكن نعلم بان جمالية السينوغرافيا والديكور والانارة وتطويعها من قبل المخرج من اجل صالح العرض، والاداء المميز للممثلين جميعا لم يكن سوى السبيل لاقناعنا بان تنتهي القصة بترحيل الجميع الى مصح الامراض النفسية، يعني بكلمة اوضح او ادق، الى مستشفى المجانين! وهو المستقبل، الذي ينتظر اولئك الذين يعانون من مشاكل على مستويات مختلفة وفي جميع مناحي الحياة: بطالة، نقص خدمات، تعليم متدني، صحة متدنية، تفشي المخدرات، غلاء، بنية تحتية متهرئة، ارهاب، طائفية، عرقية، اثنية، مناطقيه، انتشار الرشوة مع محاصصة تتبنى الفساد وفساد يدافع عن المحاصصة! ففي ظل هكذا جحيم لم  يبق للمواطن المسكين سوى ان يستخدم “ اضعف الايمان” ليصرخ سرا او علانية:حياتنا يا سادتي ليست سعيدة!!

المشـاهدات 246   تاريخ الإضافـة 25/12/2023   رقم المحتوى 36174
أضف تقييـم