كتاب بارسونس (رحلات في آسيا وأفريقيا) المطبوع سنة 1808 من كتب الرحلات العراقية النادرة، وجدته معروض للبيع في معرض للكتب القديمة في لندن صيف سنة 1997، وبسعر مناسب (حوالي 600 دولار) حينها، سألت احد اصدقائي الكتبيين مايكل هاريسون اذا كان يعرف بائع الكتاب واسمه غاي ديفيز .. ابتسم وقال لي اخبره انك من العراق .. لقد كان مسجونا في بغداد في السبعينيات واصيب بطلقة في رجله في العراق وما زال يعرج في المشي. فعلمت انه كان يساعد الاكراد في حربهم ضد الدولة. وفعلا خفض لي السعر 20% حين تحدثت معه. الكتاب من اجمل كتب الرحلات العراقية القديمة، توفي المؤلف سنة 1785 ولم يفلح في نشر الرحلة، فوجد المخطوطة احد اقربائه ونشرها بعد اكثر من عشرين عام سنة 1808. كان بارسونس قنصلاً تجارياً لشركة الهند الشرقية البريطانية في الأسكندرونة في شمال سورية، وفي طريق عودته الى بريطانيا في عام 1774 زار العراق قادماً من حلب للتجارة ثم رحل الى الهند عن طريق البصرة ومنها الى مصر ثم انكلترا. دامت رحلة بارسونس في العراق عاماً كاملاً، وتشمل خمسة فصول من الكتاب، يتناول فيها وصف الطريق من حلب الى بغداد، وفصل في وصف مدينة بغداد حيث مكث ما يقارب ستة شهور يضع فيه ملاحظاته العديدة عن المدينة منها قياساته لمنسوب نهر دجلة في فترة أقامته في بغداد ووصف دقيق للجسر في صفحات عديدة، إضافة الى عدد المقاهي والأبنية المهمة فيها وكذلك المواد الغذائية وأسعارها خلال فترة أقامته. وكانت بغداد قد تعرضت في عام 1773 لوباء هلك فيه ثلث سكانها. من بغداد رحل بارسونس الى الحلة ومنها ركب الفرات الى القرنة فالبصرة. وبعد وصفه لمدينة البصرة يتناول في فصل خاص بدء الحصار الفارسي للمدينة في بداية عام 1775 على شكل مذكرات يومية، يبين فيها التحصينات حول المدينة وإغلاق مدخل نهر العشار الذي أدعى أنه كان من فكرته بربط القوارب بسلاسل وبأحكام من جهتي النهر، ويشيد بتعاون البصريين بكل طوائفهم وأجناسهم في حماية مدينتهم. وغادر بارسونس البصرة في أحد المراكب البريطانية المسلحة هرباً مع طاقم القنصلية البريطانية بعد ملاحقة ومناوشات مع المراكب الفارسية في شط العرب.

علي ابو الطحين