السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 37.95 مئويـة
عالم متناقض؛ تعاطف مع مأساة الطفل المغربي الشهيد ريان، وتجاهل مأساة أطفال فلسطين!
عالم متناقض؛ تعاطف مع مأساة الطفل المغربي الشهيد ريان، وتجاهل مأساة أطفال فلسطين!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي
النـص :

في الأول من شباط من العام 2022 زلت قدم الطفل المغربي ريان ذو الربيع الخامس من عمره في بئر عميق فمكث فيه خمسة أيام، فانشغلت وسائل الإعلام، واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في العالم بصورة عامة وفي عالمنا العربي بصورة خاصة تعاطفاً وحزناً على مصير الطفل الصغير الذي ساقه القدر إلى هذا الحال، حتى تحول إلى رمز للوحدة والألم، فتوجهت الأنظار إلى هذه الحالة الإنسانية التي حجزت أكبر مساحة من الضوء منذ عقود من الزمن، فكانت الخمسة أيام التي قضاها ريان في البئر كفيلة بتوحيد العرب بكل أطيافهم من المحيط إلى الخليج ولو من خلال المشاعر والعواطف فحسب، وما انتهت هذه الأيام الخمسة حتى تم اخراج الطفل ريان من البئر جثة هامدة بعد أن عانى من ضيق الأرض وظلام البئر، فالقدر قال كلمته ولم يمهل الطفل ريان وقتاً ليرى أهله، وتقرّ عيون أبويه برؤية طفلهم ريان حبيس البئر. على الرغم ما في قصة الطفل ريان من معاني ودلالات حيث تفاعل فيها الحزن مع الرحمة، الألم مع الأمل بخروجه سالماً، ورغم ما ناله الطفل ريان من تعاطف إنساني واسع وهو مستحق ذلك طبعاً، إلا أن هذا التعاطف الذي حظي به ريان لم يحظى به عشرات الآلاف من الأطفال الذين يقتلون ويموتون من الجوع والبرد والمرض في فلسطين وغيرها من البلاد المنكوبة، فمأساة أطفال فلسطين لا تزال مستمرة ومعاناتهم لا تزال قائمة فهم يعيشون بين معاناة لا تتوقف ومأساة تتكرر، فهم يعانون من الجوع والبرد والمرض فوق الخوف، فتراهم يقفون وأمام أنظار العالم طوابير ولساعات حاملين أوانيهم الفارغة ليحصلوا على بعض الطعام الذي لا يكفيهم وعوائلهم ويرجع البعض ولا يحصل على شيء من الطعام لنفاذه، مما يضطر هؤلاء الأطفال للنوم جياعاً في بعض الليالي بسبب عدم وجود طعام يسد جوعهم، ويسكت آلم بطونهم، فأطفال غزة وفلسطين يتضورون جوعاً وسط تحذيرات أممية من مجاعة محققة كما حذرت المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، فمدير أحد المؤسسات الحقوقية أكد أنه تم توثيق موت العديد من الأطفال بسبب الجوع في غزة، ففلسطين تعاني من حرب تجويع ممنهج توازي حملة القتل الممنهج، كل هذه المعاناة المستمرة والمأساة القائمة ولا معين لأهل فلسطين ولا ناصر لهم إلا الله، فالعرب تخلوا عن فلسطين منذ زمن بعيد هذه حقيقة لا بد أن نؤمن بها، فحكومات الدول العربية متواطئة مع الكيان الصهيوني بشكل مباشر أو غير مباشر، وشعوب الدول العربية يبدو هي الأخرى قد تحذو حذو حكوماتهم في التخلي عن شعب فلسطين فلا تكاد تجد لهم موقف قوي حازم لنصرة هذا الشعب المستضعف الذي تُرك ليواجه مصيره المجهول بمفرده، فلم تعد تهز المشاعر ولا تبكي العيون ولا القلوب صور الأطفال الذي يدفنون تحت أنقاض البنايات والبيوت التي يقصفها الكيان الصهيوني البربري الوحشي، أو الأطفال الذي يموتون جوعاً وبرداً ومرضاً نتيجة نقص الطعام والمأوى والعلاج، أين وسائل الإعلام التي سلطت الأنظار على مأساة الطفل الشهيد ريان؟ وأين مواقع التواصل الاجتماعي في العالم التي اشتعلت تعاطفاً وحزناً على الطفل الشهيد ريان؟ أين الإنسانية؟ أين الضمير العالمي مما يجري في فلسطين إن بقي هناك شيء من الضمير! إلا يستحق الآلاف من الأطفال الأبرياء في فلسطين أن ننتصر لهم بكل ما نملك كلٌ حسب استطاعته، أم نعيش حالة التناقض فمأساة الجماعة لا تؤثر فينا كما تؤثر مأساة الفرد، فهل قصة الطفل ريان والتعاطف معه تؤكد مصداقية نظرية التفرد التي صاغها عالم النفس باول سلوفيتش التي ترى أن المأساة كلما كانت متفردة لشخص واحد، كان التعاطف معها أوسع، وكلما اتسعت دائرة المأساة، تلاشت دائرة التعاطف؟!

المشـاهدات 70   تاريخ الإضافـة 19/02/2024   رقم المحتوى 40040
أضف تقييـم