السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
الورشة المسرحية لكتاب مسرح الطفل توظيف الراوي : في مسرح الطفل وفي الدمى الكاتب الدرامي الباحث عبد الجبار حسن
الورشة المسرحية لكتاب مسرح الطفل توظيف الراوي : في مسرح الطفل وفي الدمى الكاتب الدرامي الباحث عبد الجبار حسن
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

* ظهور الراوي :

     لو تتبعنا نشوء المسرح في بداياته وتحديداً قبل الميلاد بخمسة آلاف سنة وذلك في عصر الاغريق , العصر الذي أشرق فيه المسرح بأبهى صوره ودلالاته ـ لوجدنا أن المسرح بدأ بممثل واحد أسمة ( ثسبس ) , وقد كان جوالاً في عربته يروي من عليها قصصه وحكاياته فيتجمع الناس حول عربته في الساحات والأسواق ليستمعوا ويستمتعوا بما يقوله ويرويه من أحداث ووقائع ومؤثورات تخص عصره وكذلك البطولات .

     كان هذا في زمن الممثل الواحد الذي يمكن أن نطلق عليه نوع من مسرح المونودراما ـ الممثل الواحد ثم تتطور شكل العروض المسرحية آنذاك وعلى أيدي كتاب أغريق كبار منهم ( أسخيليوس و يوربيدس وسوفوكلس ) إذ أدخلوا تباعاً أعداداً من الممثلين على العرض المسرحي فشمل الممثل الثاني والثالث والجوقة معهم .

     وقد تطورت وبمرور الأزمنة شكل وأسلوب وهيئة وحضور تلك الشخصية المتفردة في الأداء      ( الراوي ) لتصبح جزءاً من حكايا وأساطير وملاحم شعوب الأرض .

     أما في محيطنا العربي فكانت تلك الشخصية توصف بعدة ألقاب منها : ( الحكواني في مصر والقصخون والمسولفجي في العراق ) خاصة في تجمعات وحضور الناس في المقاهي وفي المناسبات , وكان هذا الحضور جذاباً ومؤثراً أتخذ له هيئة وزياً شعبياً مميزاً وهناك من أطلق عليه بـ ( الراوي ) وتصريفه ( روى ـ يروي ـ روياً ) أي أشبع المستمع بما لديه من قصص الخيال والدعابة مع خيال الظل وحكايات الملاحم والاساطير والخرافة . وكان لكل شعب من الشعوب ومجتمع من المجتمعات شخصية ظهرت وأبهرت في حضورها المشاهدين .

      والراوي هو خزين معرفي اجتماعي وسياسي وثقافي يلم بتاريخ مجتمعه وعصره , وأميناً على ذلك التاريخ في صدقه وجديته وحرصه .

     وقد لمسنا وبشكل واسع حضور الراوي في المسرح بشكل عام حتى اصبح جزءاً لا يتجزأ من مسرح الأطفال يتولى رواية الحكاية ويغوص في أعماقها متسلسلاً مع أحداثها متلوناً بأداءه للأحداث وممثلاً أيضاً يشارك الممثلين أحياناً أحداث المسرحية برمتها .

     وهنا يترتب على الكاتب المسرحي مراعاة حضور الراوي بالوقت المناسب والملائم ليتواصل مع قصته بحضوره ومعايشته لكل فعل ينشأه الحدث الدرامي في النص المسرحي , ويتناسب أداءه ويتماشى مع المواقف والاحداث ويتنقل من أيقاع لآخر ومن لون أداء معين الى آخر أكثر تشويقاً وإبهاراً .

      وفي شخصية الراوي وأداءه وبحضوره كطرف مهم من أطراف الصراع الدرامي في النص . نجده يمنح العرض الواقعي والخيالي والعلمي قوة وجذباً ومتعة .

      وهو المؤثر النفسي والحسي والشعوري في نفوس الأطفال من خلال الصوت والالقاء والأداء الحركي المرافق للموسيقى أحياناً , فنجده في كل أنواع المدارس حاضراً .

     ففي المسرح الملحمي هو المعلم وحامل الوعي والإرشاد والمنبه للواقع المعاش والمحفز على رفض النظم القمعية والدكتاتورية كما هو عند مسرح الألماني ـ بريشت .

      وكما ولعب الراوي الدور الرئيسي الفاعل في مسرح ـ اللامعقول ـ في نصوص كثير من الكتاب الفرنسيين إبان الثورة الثقافية ما بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية .

      وقد ظهر في نصوص عدة عالمية وعراقية , وما نصوص الرائد المسرحي طه سالم إلا دليلاً على عمق حضور الراوي وأحياناً الراويان كما ظهر في مسرحيات ( فوانيس ـ وطنطل ـ والجدار ) وكذلك في عدة مسرحيات كتبها للأطفال ولم تره النور .

      من كل ما تقدم نكتشف أن شخصية الراوي هي المفتاح المؤدي لولوج الفكرة من أوسع أبواب الفعل الدرامي للنص المسرحي خاصة فيما يتعلق بالطفل , فهو يمكن أن يرحل بمخيلة الطفل الى عوالم رحبه , عالم الفكرة الواسع , والخيال الشفاف والصور التي تمنح الطفل التشوق والتفاعل والمعايشة الحقيقية مع أحداث النص المسرحي .

      فالراوي هو الممهد الأهم في روي احداث المسرحية الماضية والقادمة ونقل الطفل وبأيقاع جاذب نحو آفاق وعوالم المتعة والتفاعل معاً .

      ولا يبتعد عنا كون الراوي هو العين الثانية لكل ما يجري على خشبة المسرح من احداث , يرصدها ويرويها ويشارك افعالها يتجسد فاعل بعيداً عن النمطية في الأداء وتكرار المواقف الضعيفة التي من شأنها أن تترك ردود فعل على نفسية الطفل فينفر ويبتعد عن مواكبة ما يجري على خشبة المسرح .

      وعلى الكاتب المسرحي أن يمنح شخصية الراوي قوة الوعي وسلاسة اللغة وعفوية الأداء ودقة التحليل والمفاجأة والدهشة لصنع تركيبة منسجمة من الرؤى والأفكار التي من شأنها أن تغذي مدارك الطفل وتوسع مخيلته وتفعل حضوره ومشاركاته مع كل ما يعرض فوق خشبة المسرح .

      وتعميق الصلة والاتصال ما بين الطفل ومحيطه الاسري والمجتمعي والثقافي والفني بتوسعة حلقات المشاركة والمشاهدة وتفعيل الورشات المسرحية التي من شأنها تحقق تقارباً حميماً بين الطفل وحبه للمسرح وتنمية رغباته وهواياته ورعاية مواهبه لخلق أجيال من الكتاب في مجال مسرح الطفل وتنشيط القاعدة الثقافية لعموم الأطفال .

      فمشروع كهذا يؤكد حجم دعم المؤسسة الراعية والجادة في خلق وعي فاعل ينسجم وأهداف وبرامج مؤسسات الطفولة في كربلاء التي ادركت مبكراً حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها تجاه الطفل وفي مجالات ثقافية وابداعية مختلفة ومتنوعة لكنها تسير باتجاهات واضحة متماسكة لبلوغ الأهداف النبيلة المتوخاة فأن استنتاجنا يكون :

   - ان ورشة صناعة كتاب مسرح الطفل على قدر كبير من التخطيط والوعي في إيجاد مخرجات خلاقة لتحقيق المبتغى .

   - ان كاتب المستقبل سيكون متفاعل مع الحاجات ومتطلبات النص المسرحي الخاص بالطفل وتقدير الذائقة الثقافية والفنية لديه .

   - انتاج نصوص مسرحية تمتلك شبكة من التواصل في الوعي المدرك والوعي الممكن بين الطفل وما يقرأ ويشاهد .

   - تكثيف في الرؤى والأفكار والتمدد بحدود الومضات التي من شأنها تسليط الضوء على هدف الكاتب من كتابة منجزة الادبي .

   - وعليه فأن لا نص مسرحي للطفل بعيداً عن واقعه واحلامه وطموحاته وبيئته المجتمعية القاعدة الاوسع والاشمل للتفاعل مع الحياة والمستقبل .

 

المشـاهدات 176   تاريخ الإضافـة 19/02/2024   رقم المحتوى 40103
أضف تقييـم