الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
أم كلثوم.. والسينما 45 عامًا على رحيل صاحبة أنصع سمعة في تاريخ الغناء العربي.
أم كلثوم.. والسينما 45 عامًا على رحيل صاحبة أنصع سمعة في تاريخ الغناء العربي.
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

في قرية منسية على الخريطة يقال لها "طماي الزهايرة" بمحافظة الدقهلية ولدت أم كلثوم في 30 ديسمبر/كانون الأول سنة 1902 على الأغلب، لأن المؤرخين والنقاد تحيروا في تحديد سنة مولدها لأنها أخفت عمرها الحقيقي – ربما خوفا من الحسد – كما فعل محمد عبدالوهاب. لكن الناقد والمؤرخ اللبناني إلياس سحاب توصل إلى هذا التاريخ بعد سلسلة من الحسابات والاستنتاجات متكئا على حوارها الطويل مع الدكتورة نعمات أحمد فؤاد في كتابها "أم كلثوم وعصر من الفن".

لعلك تعرف أنها بدأت حياتها الغنائية بالإنشاد الديني مع والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، وأنها ظلت تجوب القرى والمراكز المحيطة ببلدتها تنشد وترتل، حتى استجاب أبوها إلى إلحاح المخلصين في ضرورة الحضور إلى القاهرة والاستقرار بها حتى تنال ابنته المجد الذي ينتظرها، وهو ما كان بالفعل في عام 1923، أي بعد ثورة 1919 بأربع سنوات فقط. وفي ظني لولا هذه الثورة المدهشة ما تركت أم كلثوم قريتها، ولا كنا سمعنا بها.. لماذا؟

ما الذي بقي من هذه الأفلام الستة؟ إنها بلا جدال الأغنيات الفاتنة التي ترنمت بها في تلك الأفلام، فقد شدت أم كلثوم بأكثر من أربعين أغنية قصيرة، كثير منها لا يزال يرن في أذان الملايين حتى الآن 

لأن هذه الثورة المذهلة هي التي انتشلت المصريين من كهوف العصور الوسطى إلى سماوات العصر الحديث، ذلك أنها منحت المصريين للمرة الأولى إحساسهم بوطنهم وبعزته، وأنهم قادرون على مقاومة المستعمر ومطاردة المغتصب، وأنهم يمتلكون طاقة جبارة لتحقيق أحلامهم المؤجلة وأمنياتهم الموؤدة.

أم كلثوم على الشاشة

يقول محمد عبدالوهاب في مقابلة إذاعية عن صوت أم كلثوم، وهو من هو، "إنه صوت نادر يتمتع بمزايا عديدة، تكفي كل مزية منها لتجعل صاحبتها مطربة عظيمة، فكيف إذا اجتمعت هذه المزايا لصوت واحد؟" كما جاء في الكتاب الذي سبقت الإشارة إليه.

والسؤال.. هل نجحت السينما في استثمار هذا الصوت لتقديم أفلام ناجحة ومهمة؟ الحق إن السينما في مصر كانت تحبو حين اقتحمتها كوكب الشرق، فأول أفلامها "وداد" للمخرج الألماني فريتز كرامب عرض في عام 1936، أي بعد أن نطقت السينما المصرية بأربع سنوات فقط "أول فيلم مصري ناطق كان أولاد الذوات عرض في 1932". لذا انطبعت أفلام كوكب الشرق الستة بمنطق السينما في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، هذا المنطق كان ينهض على المبالغة في القصة والزخرفة في الأداء الصوتي، والنزعة الدرامية الفجة التي تعتمد على المصادفات غير المنطقية، كما أن صناع أفلامها لجأوا إلى التاريخ ليستلهموا منه القصص التي تصلح لها، ففيلم "دنانير" 1940 يرصد حكاية مطربة من العصر العباسي، وفيلم "سلامة" 1945 نحا النحو نفسه، ووداد قبلهما تحدث عن جارية حظيت بصوت رائع عاشت في الفترة المملوكية بمصر.

بقيت أفلام (نشيد الأمل 1937)، (عايدة 1942) و(فاطمة 1947)، وكلها تدور في العصر الحديث. صحيح أن فيلمها الأخير كان أكثر نضجًا من حيث بساطة الأداء وسرعة الإيقاع ومتانة الحبكة وسيولة الأحداث، ومنطقيتها نسبيًا، لكن ذلك يعود في المقام الأول إلى التطور الذي لحق بصناعة السينما في وقت إنجاز الفيلم، فضلا عن أن أم كلثوم نفسها كانت قد اكتسبت قدرًا لا بأس به من مهارة التمثيل بعد كل هذه السنوات التي أمضتها داخل البلاتوه.

 

تحف غنائية خالدة

ما الذي بقي من هذه الأفلام الستة؟ إنها بلا جدال الأغنيات الفاتنة التي ترنمت بها في تلك الأفلام، فقد شدت أم كلثوم بأكثر من أربعين أغنية قصيرة (بسبب ضرورات السينما)، كثير منها لا يزال يرن في أذان الملايين حتى الآن ويشجيهم ويطربهم، ومن ينسى أعمالا مثل (بكرة السفر/ أفرح يا قلبي/ على بلد المحبوب وديني (بصوت عباس البليدي أولا في فيلم وداد)/ غني لي شوي شوي/ قالوا أحب القس سلامة/ الفوازير - التي لا شبيه لها في تاريخ الغناء العربي كله/ سلام الله على الأغنام/ عن العشاق سألوني/ الورد جميل/ هاقابله بكرة/ ساعة القرب تهنالي مادمت معاك/ ظلموني الناس/ نصرة قوية/ أصون كرامتي). وغير ذلك 

كثير بطبيعة الحال. لاحظ أن هذه الأغنيات عمرها الآن بين سبعين وثمانين عامًا، وما زلت قادرة على الإمتاع.

نسيت أن أخبرك أن السينما استضافت صوت أم كلثوم فقط مرة أخرى في عام 1963 في فيلم (رابعة العدوية/ إخراج نيازي مصطفى)، حيث قدمت لنا عدة أغنيات بالغة الرقة والعذوبة منها (حانة الأقدار/ الرضا والنور/ أحبك حبين)، لكن المثير حقا أن الأفلام المصرية التي تم إنتاجها منذ انطلاق هذه الصناعة المميزة وحتى الآن تحتفي بأم كلثوم على طريقتها، فمعظم هذه الأفلام تستعين بمقاطع من أغنيات كوكب الشرق تمررها في خلفية المشاهد أو يدندن بها نجم الفيلم، أو يرددها أحد الممثلين بوصفها حكمة، أو يحوّرها مطرب لكنه يحافظ على نغمتها الموسيقية، كما فعل محمد فوزي مع أغنيتها (الآهات)، حيث راح يغني في زفاف أحد أصدقائه (آه.. آه.. يا اللي في المأذون طبيت.. آه.. آه.. يا اللي هاتجرّش في البيت.. آه.. آه) في فيلم (فاطمة وماريكا وراشيل)،

المشـاهدات 678   تاريخ الإضافـة 05/02/2020   رقم المحتوى 4102
أضف تقييـم