الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
ديانة الماء…من الذي يختارها
ديانة الماء…من الذي يختارها
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

علي ابو تراب

منذ الدقائق الاولى وانت تشاهد فيلم ديانة الماء تشدك احداثة البسيطة العميقة واشخاصه القليلين حيث ان القصة العاطفية بين المشلولة زهرة والاعمى عيسى تشدك وتحبها فتندمج معها وتسرق تعاطفك بسرعة شديدة لقد اختار المخرج بداية جميلة عاطفية لقصة حب غير معلنه بين زهرة وعيسى…الفيلم جميل جداً وقصة هذه العلاقة ماهي الا بداية لاحداث متشعبة ومشوقة جداً وبعيدة كل البعد عن قصة الحب الساذجة تلك التي بدأنا معها الفيلم …استطاع المخرج العماني الشاب ان يمسك بتلابيب قصة الفيلم الذي هو نفسه كاتبها تحت عنوان( اعمى الرويس الفائرة بجائزة القصة القصيرة لعام 2015) ويطوعها لكاميرته ولافكارة التي ترفض الخرافات والتعايش معها…ذلك لانه يكشف لنا فيما بعد ان (الجمارية) لا تنبش القبور وليست غاضبة من احد ولا هناك جنانوة بحر وليس للماء دخل بكل ما يحدث للبشر…انما كل الاحداث هي من صنع البشر انفسهم بل ان الماء نفسه قد يتضرر بافكار البشر…تعامل الفنان المخرج هيثم سليمان مع احداث القصة برشاقة وتركيز  على الرغم من ان الفيلم يطرح علينا اكثر من محور في نفس الوقت وقد مرر لنا كل ما يريد ان يقوله ووافقناه على طرحه دون ان ندري…كان الفيلم محملاً بالحكم والعبارات الجميلة ك(الكلام اذا زاد دفاه لسعتك ناره)

و(لا تتكلم عنها يسمعك الماي)

يطرح الفيلم خرافات تعشعش في مجتمعاتنا العربيه كلها وليس العمانية فقط..فالكثير من احداث الفيلم تشعر انها حدثت في بلدك او قريتك وهذا واحداً من اسباب الالفة التي شعرت بها تجاه الفيلم…الجميل في الفيلم انه لا يسخر من الخرافات ولا يقدمها باستهزاء وتعالي ابداً لكنه يفندها ببساطة عندما نكتشف ان من ينبش القبور ليسوا الجمارية انما هو (سبيت)

الرجل الغريب الاطوار المثقف الجاهل والذي لا يختلف كثيرا في افكاره عن (الجمارية) انفسهم لاسباب سخيفة لا تمت للعلم بصلة انما تعشعش في رأسه هو فقط  على الرغم من انكاره هو لذلك بقوله لعيسى( لا تشبه العلم بالخرافات)

وهنا يجب ان نعترف ان الفيلم يقول لنا ان الماء ليس له ديانه الا اذا اخترنا نحن له ديانة فنجعلة مثلاً مليئاً بالجنانوه و(السعالو) والخوف والخطف والغرق..او ان نجعلة سبب كل شئ حي…اذن

ديانة الماء…نحن الذين نختارها له

ومن ثم نتهمه بها

لقد تمكن المخرج وكاتب السيناريو الفنان العماني الشاب المخرج الواعي هيثم سليمان ان يقدم لنا صورا وتشكيلات سينمائية جميلة اخاذة اضافة الى القصة والسيناريو والحوار..خصوصا صف الرجال بملابسهم الموحدة اللون وهم يقفون على الساحل ليقوموا بطقوسهم التراثية المتوارثة

كذلك مشهد القاربين فقد كان رائع

ومشهدي الشروق والغروب

وغيرها الكثير….كما شاهدت مشاهداً جميلة ربط بها بين الخير والشر…الحزن والفرح…الامل والالم…مثل مشهد التشيع والحزن بمشهد لعب ومرح زهرة وعيسى على الرغم من احساس زهرة انها القربان التالي وانها ستموت…. كذلك حياكة الام لشنطة لعيسى من ملابس ابيه

انا شخصياً من عشاق قلة وجود الموسيقى بالاعمال السينمائية الا اذا احتاجها الفيلم وبقوة…وشاهدت ذلك جليا في ديانة الماء حيث وضف المخرج اصوات الماء والهواء والانفاس والخطوات توضيفاً عبقرياً واستفاد منها في تعزيز فكرة الفيلم وثيمته واستعاض عن الموسيقى التي قد لا تأتي أوكلها اغلب الاوقات

شعرت من خلال مشاهدتي الفيلم ان المخرج بذل مع بطليه مجهوداً كبيراً وسيطر على انفعالاتهما سيطرة كاملة فضهرا لنا وهما ينفذان تعليمات المخرج بحذافيرها فتقبلناهما ممثلين جميلين فيما ادى باقي الممثلين ادوارهم ولكن بلا ابداع مؤثر مثلما هو المونتاج في بعض المشاهد القليلة جداً كان متعثراً بعض الشئ..

اذن برشاقة شديدة وتأني متعب صاغ لنا الفنان الشاب العماني هيثم سليمان تحفة سينمائية قصيرة اسماها ديانة الماء…شارك الفيلم في الكثير من المهرجانات وفاز بكم مهم من الجوائز اخيرها في مهرجان العين السينمائي في الامارات حيث فاز بجائزة لجنة الحكم وهي ثاني جائزين فقط تمنحان للافلام المشاركة…مبارك للفنان الشاب والمخرج العماني هيثم سليمان الذي كان قد شارك في مهرجان السماوة السينمائي الدولي الخامس بفيلمه التجريبي (هولوغرام) واتمنى عليه ان يستمر في تقديم الاعمال السينمائية الدرامية القصيرة ويبتعد عن الافلام التجريبية..ديانة الماء فيلما جميلاً يستحق ان يُشاهد

المشـاهدات 113   تاريخ الإضافـة 20/03/2024   رقم المحتوى 42226
أضف تقييـم