الجمعة 2024/5/3 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
عواصف رعدية
بغداد 23.95 مئويـة
هي شعر لا قصيدة ولا نثر
هي شعر لا قصيدة ولا نثر
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

ناصر أبوعون

أخيرا وجدت من يتفق معي: لا يوجد ما يسمى بقصيدة النثر لاعربيا ولاغربيا ولافي أية ثقافة أخرى؛ بل إن هذا المصطلح ينفي الشعرية عنها كُليا، ويجعلها كائنا لقيطا حائرا في المنطقة الرمادية بين (الشعر) و(القصيدة)؛ وإنما يكون الإنصاف والانتصار لها بالقول إنها (شعر حُر) تتحرك في فضاءات لا نهائية، وقادرة على إنتاج قانونها الخاص، وترك بصمتها المختلفة والمتفردة، بل وتخليق تنظيرها النقدي الذي ينطلق من قواعد علمية في إطار حركة التطور التراكمي.

ويؤكد ما ذهبنا إليه الشاعر والناقد المصري عمارة إبراهيم بقوله: "بالدليل العلمي: لا يوجد ما يسمي بقصيدة النثر؛ فاللغة المنثورة لاترتقي إلى فحولة اللغة الشاعرة، ولا تقترب منها في شكل بنيتها أيضا؛ فالأقرب لتسميتها (الشعر الحر) الذي يملك فضاءات التوظيف من دون قانون حسابي لمكونها الجمالي".

أما السير وراء الداعين إلى البحث في (الشكل)، فسيعيدنا للمربع الأول، إيمانا بأن الاشتغال المنهجي على قضية المصطلح وآليات وأدوات إنتاج النص، ودوائره المرجعية، والوصول إلى  شفيرة جنسها الثقافي سيفضي إلى نتائج عديدة وسيخرجها من إطار (القصيدة) واشتراطات (النثر المتوارث والفني الحديث) إلى فضاءات (الشعر) الرحبة؛ ويسقط الأدعياء الذين اعتلوا أغصانها وولوجوا إلى محرابها من الأبواب الخلفية للثقافة العربية في عصر الانحطاط الحضاري الثاني الذي دخلناه مع طلوع شمس الألفية الثانية.

وتلك القضية (لم تقتل بحثا) كما يدعي البعض السائرين على الخط الرأسمالي (دعه يربح دعه يمر) وإنما فتح أفضية النقاشات سيعيد تموضع البوصلة فلا نفي لمنجز السابقين ولا إقصاء للمتنكبين، ولا تجاوز لمنتج المبدعين الجدد، وما ألقيناه من حجر في بحيرة الشعر دعوة لإنقاذ هذا المنجز من نفسه ومن التسمية الظالمة المجحفة؛ فنحن ندعو إلى قيامة جديدة للشعر، الشعر وفقط؛ فكلمة (قصيدة) وكلمة (نثر) ما هي إلا وقوف في المنطقة الرمادية و (سور أعراف)  دنيوي ما بين جنة (الشعر) بكينونتها وشروطها،  ومملكة (النثر) وانفتاحها على سرديات لا نهائية.

والأزمة التي نعيشها والتي غشيتنا ذات غفلة راجعة لضياع الإبداع ما بين قضبين: الأول سطوة النقد المدرسي التعليمي والذي خرج من عباءته الانطباعي الصحفي، والثاني: عدم مواكبة النقد لحركة الإبداع المتسارعة والمتراكمة وانحساره في النظرية الأدبية وعجز المشتغلين به عن تعميمه في سائر قطاعات الحياة.

المشـاهدات 67   تاريخ الإضافـة 14/04/2024   رقم المحتوى 43612
أضف تقييـم