الخميس 2024/5/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
قصة قصيرة غرابة الموقف
قصة قصيرة غرابة الموقف
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

حاتم حسين

فتحوا عليّ الباب عنوةٓٓ ورغوة الصابون على جسمي وعينيّ قالوا:-- اطلع  بسرعة أنت مطلوب، لم يفسحوا لي

المجال ان اتنشّف،حالة غريبة وقعتُ فيها وأنا في الحمّام ،قلت:-- أمهلوني لحظةٓٓ  أرجوكم  أن اتنشّف وارتدي ملابسي التي مضت عليها شهر لم استبدلها، ، مطلوب لمن.؟!لم اكن مطلوبآٓ لأحد،لكنّهم لم يمهلوني حتّى أخرجوني بقوة من داخل الحمّام،هنا الحكاية اخذت منحىٓٓ آخر لايمكن التهاون او السكوت  عنه مهما كان العدة والعدد . ألمسالة اخذت طابعآٓ  رجوليآٓ اما أن تخضع وتستسلم، وأما ان تقاوم حتى الموت ،لم أُغمض عيني في تلك الليلة المشىؤومة التي هجموا فيها عليّ، شلة من رجال (تنظيم القاعدة) ،الوضع يوحي  بأني مقتولٌ لا مُحالة وأن الطريق أمامي مغلقٌ تمامآٓ،أنا لم إفعلُ شيئآٓ، كل الذي قلته لزعيمهم هل أنتَ مُتاكد أني  مطلوبآٓ ؟

أمسكو بيدي الموغوف بالصابون والأمير   يَشهر مسدّسه ويصوّبها نحو صدري وهو يصرخ:--(يلله لك  اتحرك  أتحرك)   عصابة مارقة مئه بالمئة لايخطئها الحدس ، لا ادري كيف هجمتُ عليه وسيطرت على المسدّس. بيدي اليسرى  وضغطت بالاخرى على لوزيته  وحنجرتيه بقبضة من حديد اخذ يكح ويسعل،منعتة أن يتنفس..  أن يكح ثانية .تلك اللحظة التي لم استطع تحمّلها.صرخت بوجهه وهو يختنق حتى تراخت أصابعه عن الِمسدس الذي لم اكن انوي قتله بها، بل أردته ان يموّت تحت أصابعي الفولاذية،إنهار ووقع ميتا  في تلك اللحظة الّتي ضغطت على لوزتيه  ورميت الثلاثة وهم يتراكضون منهزمين.اطلقت عليهم النار بلحظة خاطفة  وارديتهم قتلى. هولاء اللذين  أخرجوني عاريآٓ من الحمّام بلا ملابس ،ركضت خارج البيت، كان لسعة البرد قد هجم عليّ وانا أركض، رميتُ بالمسدس حين فتح جار لنا باب بيته وهو يؤشر لي بصمت ان أدخل الدار كي يستر عليّ، فعلا دخلت البيت وأنا بسروالي الابيض حتّى انّ الرجل قدم لي  بِسرعة ملابس ارتديتها واستاذنته كي ابتعد عن موقع الجريمه التي تناهى اخباره الى رجال (القاعدة ) اصبحت هدفآٓ للتنظيم منذ ذلك اليوم الذي حلمت ان اسبح بماءحار ودافئ في البقعة المحاصرة بيد (التنظيم) في البدء مدوا رؤوسهم ليستطلعوا جسدي، قلت انهم يريدون التأكد  فقط هل الحمّام فارغٌ أم لا؟ لكن بعد ان تكرر الحدث، شعرت بميولهم  اللاأخلاقية،ميول اشبه  بقوم لوط،انا لا اعرفهم،ربما عانوا في طفولة مبكرة سببت لهم هذه الانحرافات،ترى هل كانوا يريدون التهجّم علي،فقد قرأت ودرست كل كتب (نوال السعدواي)* واستوعبتها ،حاولتُ أن أجلبهم الى طاولة النقاش،ارجوكم انني لست مطلوبآٓ لِأحد،لكن توسلاتي باءت بالفشل،كان أميرهم ينضح غضبآٓ،،لم يمهلمني الصبر ان أشرح له بأني برئ؟ يريدُ إخضاعي لأوامره بالقوة،بقيت مأخوذآٓ بغرابة الموقف؟ترى ماالذي جعلهم يتربّصون بي أنا بالذات في هذه اللحظة التي حاولت ان اغتسل وان اتطهر ؟لكنّي فؤجئت ،ولم احتمل كل هذا الجبروت  والصراخ علي وانا عاري في الحمّام، دوت صرخاتهم وغضبهم علي ،في لحظة طار الأمان والسلام من عقلي وهواجسي،اكيد وهذا ماخمنته بالضبط، بأنهم يريدون الاعتداء الجنسي عليّ،حاصروني،حاولت ان أفلت من بين ايديهم،خلية واحدة من هارمونات الرجولة برزت  نحو قشرة الدماغ فأستحالت كي احكم قبضتي،  تحولت الى مارد في تلك اللحظة ، اريد ان اضغط على حنجرته. هجمت باصابعي  وانا اضغط على هذه المنطقة الحساسة التي تُفضي  الى الموت المحتًم اشبه بحبّل القنب حين يلتف على رقبة المعدوم،إما الثلاثة الاخرين فقد سقطوا واحدآٓ تلو آخر،كنت أمام تحدّي وموقف سافر لم استطع السكوت حيالها، إمّا ان اخضع للتعذيب  والانتهاك حين يتمكّنون مني،وإما القضاء المبرم عليهم،هرولتُ مبتعدآٓ في جو بارد وانا الهث  لهذه الكارثة التي حلت بي،حاولت ان أُوقف في رأسي  صراخهم الذي اثر بي حد الأنفجار،كنت مرعوبآٓ وأنا أُحاول إسكات هذا  الكائن الشرّير الذي يتردّد صوته   في سمعي وعقلي،حملته معي حتى وصلت المدينة، وسيظل يلهث  هذا الصوت في ذاكرتي، هذا الغول الشرير الذي له رائحة نفاذة تختلط مع الروائح العطِنة.روائح  تأنف عنها النفس لكنها تاتي وتتوالد مع الرياح،رياح عاتية ضربت البلاد على غفلة من الزمن،ضربت  في الصميم القاصي والداني وهجّرت وابعدت ومارست شتى صنوف التعذيب والقهر البشري،سيظل  تاريخ مشوة في جسد هذا الوطن وهذا الانسان الذي شلت ارادته  وقدرته على النهوض في زمن اشبه بزمن ذلك السفاح الذي قاد حملته نحو بغداد (هولاكو) الذي استباح  فيه الدم العراقي .

*كاتبة وطبيبة

المشـاهدات 90   تاريخ الإضافـة 14/04/2024   رقم المحتوى 43616
أضف تقييـم