المجتمعات الحية هي التي تستطيع ان تعيد بناء نفسها وتنفذ خططا للإعادة الاعمار وبناء نهضة عامة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتكنلوجية وهناك من الدول التي كانت تقبع في اسفل سلم التقدم استطاعت ان تبني نهضتها حين توفرت لها ارادة البناء ووجدت القادة الذين كان همهم الاول نهوض الدولة وانتشالها من رباعية الموت كما يطلق عليه علما ء الاجتماع وهي  كما وصفها مهندس نهضة ماليزيا الحديثة الدكتور مهاتير محمد بال (الفقر والبطالة والجوع والجهل) فهذه الرباعية هي الاسفين الذي يدق في نعش الشعوب ويمنع تقدمها وتطورها واذا كانت ماليزيا الحديثة وصلت لما وصلت اليه الان من انتعاش اقتصادي وتقدم علمي وأمن مجتمعي بفضل خطط الاصلاح التي تبناها مهاتير محمد  فان سنغافورا التي تعتبر اليوم ثالث اقتصاد عالمي ناشىء هي الاخرى لم تكن الا دولة فاشلة عند انفصالها عن ماليزيا وتأتي التجربة الصينية الرائدة في هذا المضمار بعد تجربة ماوتي سونك فكيف هي الصين اليوم صاحبة المليار ونصف المليار نسمة فها هي تقف اليوم في مقدمة الاقتصاديات القوية بالعالم .

ان من  يريد الاصلاح الحقيقي يجب عليه ان يبدأ بخطط شاملة ومتزامنة على الصعد كافة  ان يعالج رباعي العجز والموت من جذوره حتى تنجح خطط الاصلاح والتنمية وان  تتبنى الدولة مشورة علماء النهضة الاقتصادية والتكنلوجية لا مشورة الوعاظ .

لقد استوقفتني كثيرا رسالة الدكتور مهاتير محمد الاخيرة التي وجهها الى الشعب الماليزي قبل تقاعده حيث اوضح فيها الكثير مما كانت عليه ماليزيا وكيف اصبحت  اليوم ولماذا شن الحرب على تجار الدين والفاسدين والجشعين ووصفها بالزمر التي يقودها الشيطان.

وعراقنا اليوم بحاجة الى نهضة شاملة لمحاربة الفقروالجوع والجهل والبطالة والمخدرات ومروجيها والفساد والمفسدين والمرتشين والمزورين وان نبدا  بخطط مدروسة ودقيقة وبتوقيتات محددة فالعراق يمتلك كل مقومات النهضة الاجتماعية والاقتصادية والتكنلوجية لما حباه الله من قوة بشرية وثروات اقتصادية هائلة  وارض زراعية ونهرين عظيمين  تستطيع اي حكومة مخلصة ان تبدا بمشروع نهضة العراق بعد تخلصها من امراض المجتمع وفوضى السياسة فلسنا منزوعي التاريخ الحضاري والانساني     فقد كانت هناك دولة مؤسسات قائمة اسمها العراق ولكن مع الاسف لم نتخلص من سطوة وسيطرة الوعاظ  واخيرا اقتبس  هذه المقولة من الرسالة  الاخيرة للدكتور مهاتير محمد فيقول :

(قيادة المجتمعات يجب ان لا تخضع للوعاظ بل لعلماء النهضة الاقتصادية  والتكنلوجية  لقد آن الاوان لطرد تجار الدين من قاموس حياتنا اليومية).