قاسم ماضي . ديترويت

صدر مؤخرا عن دار المحجة البيضاء في لبنان وضمن اصدارات المجمع الثقافي الاسلامي في ديربورن صدر المطبوع الجديد لفضيلة الشيخ باقر بري الذي حاول في هذا المطبوع قراءة التجربة الاسلامية في المهجر الامريكي في خضم التحولات التي مرت على الجالية الاسلامية من جهة والمجتمع الامريكي من جهة أخرى . وقد تضمن الكتاب عدة عناوين اخضعها الشيخ بري للبحث والمقاربة في ضوء النصوص القرآنية وكتب الحديث . والاثر . وقد تم تقسيم الكتاب الى اربعة فصول وتسعة عشر مبحثا تنوعت عناوينها بين المعاصر والتاريخي وبين الديني والدنيوي وبين السياسي والاجتماعي . واتسم الطابع العام للكتاب المذكور بشمولية تعرضه للموضوعات الشائكة وغير الشائكة التي تخص حياة الفرد وقد استفاد الشيخ بري من المصادر الدينية لتقريب وجهة نظره للقارئ حيال المحاور التي تحدث عنها فيما يتعلق بمفردات التجربة الاسلامية في امريكا بجوانبها المختلفة وتفاعل ابناء الجالية مع مفرداتها والخروج بحصيلة هوياتية من شأنها تمكين الفرد العربي والمسلم من اكتشاف ذاته وصياغته هويته في مجتمع الاغتراب ومحاولة لعب دور ايجابي متميز .

عناوين المباحث .

وقد عمد الشيخ بري على تناول مفاهيم معينة وشرحها من وجهة نظره ومن خلال الكتب الدينية والارآء الفقهية لتوعية الفرد المسلم بماهية تلك المفاهيم مثل الاستقامة كمفهوم وتطبيق والتضحية ومفاهيم كثيرة وعديدة الى جانب تخصيص فصول لعناوين سياسية تخص لبنان بوصفه البلد الام للمؤلف الشيخ باقر بري ومجمل تفاصيل الواقع السياسي وتداعياته انقسامه والاطار التاريخي للاحداث السياسية في لبنان التي بلورة شكل النظام السياسي وفعاليته في الحياة اللبنانية كما وفي هذا السياق تناول الباحث تجارب الاحزاب السياسية التي يتشكل منها المشهد السياسي اللبناني داعيا اياهم الى توحيد مواقفهم وتبني مبدأ بناء دولة مدنية ومحاربة كل أشكال الفساد التي تم مواجهتها في لبنان عبر الحراك الشعبي .ولم تفته مناقشة ما سماه في مبحثه الرابع بنكبة المرفأ وتداعياته الى جانب مشكلات اختزلها الباحث ضمن عناوين تضمنت عرض المشكلة ووجهة نظر الباحث في اجتراح حلول لانهائها ويمكن القول ان الشيخ بري يحاول من خلال هذا المطبوع ايصال رسالة اصلاح للفرقاء اللبنانيين لانقاذ لبنان من واقع الجمود السياسي  الذي يعيشه مستعرضا نقاطا بوصفها خارطة طريق لحل الازمة السياسية في لبنان  كما تناول الشيخ بري القضية الفلسطينية وتعقيداتها وتعاطي المجتمع الدولي وفكرة التطبيع العربي وحروب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبوصفي مغتربا لم انفصل عن التفاعل مع القضايا المهمة التي تناول مؤلف الكتاب فيما يتعلق ببلداننا الام .ولكن ما يجب قوله ان الشيخ بري حاول في هذا الكتاب ايضا توجيه رسال تنبيه وتوعية لابناء وللقائمين على صياغة الخطاب الديني في المساجد وعلى الاهالي والعائلات بضرورة مواجهة تحديات المجتمع الاغترابي الاخذة بالاتساع ومنها تفشي ظاهرة المخدرات وغيرها من الظواهر المهددة للامن الاجتماعي للمجتمع الامريكي بشكل عام ومجتمع الجالية مؤكدا على دور المسجد ايضا في حياة الفرد ومعالجة الخطاب والمنبر الديني وفق رؤية تقوم على الانفتاح.  كما تطرق الى ما سماه إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام بوصفه عنوانا يرتبط به ابناء الجالية ضمن طقسية مناسباتية دعا بري الى ان تكون مجالس علم وذكر وفقه وتواص بالحق لا ان تكون مفرغة من محتواها الروحاني . وثمة العديد من المحاور التي جمعت بين التاريخ والمعاصرة والدين حاول الشيخ بري اطلاق المقاربات الفكرية والدينية معتمدا على النصوص الشرعية . ولم يتردد في غرف بعض مقولات الفلاسفة الغربيين حيال بعض قضايا حياتنا لاستنباط الحكمة . ومن خلال رحلة القراءة في الكتاب . يمكن القول ان فصوله ومضامينها المهمة للقارئ كان يمكن تصنيفها وتقسيمها على نحو يتيح للكاتب اصدار ثلاثة كتب قائمة على فصل الموضوعات وفق العناصر المشتركة .حيث يمكن ولادة كتاب سياسي وآخر تاريخي وديني ولكن اجتمعت هذه الباقة الغنية من العناوين ضمن مباحث وفصول لتسلط الضوء على قضايا لطالما ارتبطت بحياة ببعدها التاريخي والديني وبتأثيرها المعاصر .