وسيلة أمين سامي

أخذ منه الإجهاد مأخذه ، وقف متهيئا لمغادرة مكتبه هو وبعض زملاءه .

رتب بعض الأوراق والملفات ووضعها في الدولاب ، وما أن هموا بالخروج سمعوا جلبة عند باب المكتب ، فتح الباب بقوة  إمرأة أربعينية  تدلف المكتب يُثقلها كمد  غائر ، يسبقها تحفز سافر ، ملامحها تشي بفيض جمال عرَُش تحت هدبيها زمنا ثم ارتحل ونسي بصيصَ أثر  منه على محياها  صارخة :

_ أين  القاضي ؟

نادى وكيل النيابة الجندي عند الباب

_ كيف دخلت هذه المرأة كيف سمحت لها ؟

_ حاولت منعها سيدي القاضي  دون فائدة .

إلتفت اليها :

_ ماذا تريدين ؟

أجابت بانفعال شديد :

_ لدي شكوى مستعجلة لابد أن تسمعني سيدي القاضي .

_ تأخرت ، لقد انتهى الدوام .

_ لاشأن لي بالدوام ، يجب أن تسمعني .

أشار لساعة يده غاضبا :

_ قلت لك انتهى الدوام  وأنا مجهد ، الاتفهمين ،لاطاقة لدي لسماع شيء…

[2:13 ص، 2024/4/26] dydxxp364ننذر: "ويسألونك عن الألم" بين الانغماس في التجربة الانسانية والتكيف مع المتغيرات

د.انسام المعروف

قصيدة "ويسألونك عن الألم" للشاعر منذر عبد الحر هي قصيدة تعبّر عن الألم النفسي والوحدة، وتستكشف جوانب حياة الشاعر وذكرياته المؤلمة. كما انها تعبر وبوضوح عن قدرة الشاعر على المستوى الشخصي وقدرة الانسان على المستوى العام على التكيف مع المتغيرات. تتميز القصيدة بأسلوب كتابة معبر واستخدام تقنيات شعرية متنوعة تسيطر على ذهنية القاريء لتجعله يختار اما الانغماس في التجربة الانسانية او الاستفادة منها والتكيف مع متغيراتها.

تبدأ القصيدة ببيان الشاعر لاعترافه بوجود عزلة داخله، وتأثير هذه العزلة على ذاكرته.  حيث يقول:

"آن لي ان أصدق

 ان لي عزلة

تشتمني بالذاكرة"

فيتخيل الشاعر نفسه وهو يزحف على جدران ذاكرته، متنوعًا في مرآتها وينزف على رأسه جنون تقويمها. هنا يأخذ الشاعر المستمع والمتلقي إلى عالم داخلي مضطرب ومعقد. ويعبّر الشاعر عن عدم تأثره بقلق منتصف الليل، حيث لا يشعر بغياب الأب والأم، اللذين كانا يجلبان القلق والحيرة في الماضي. فيتمثل هنا تحرر الشاعر من رباط العائلة والقلق المرتبط به. ومع ذلك، يبدو أن الشاعر يشعر بالتثاقل من امتحانات الحياة والألم الذي يسببها. وتأتي المفارقة حين يعبّر عن فرحته بعدم وجود دروس إضافية تقتل بهجته وتجعله يشعر بالوحدة. حيث يظهر هنا تعاكس الشاعر وتناقض مشاعره بين الألم والفرح، وكيف يمكن للسهرة والأغاني أن تجلب السعادة رغم الألم الداخلي.

في الأبيات التالية، يدعو الشاعر الألم للحساب والتصالح معه. فيقول

"هكذا

ايها الالم

تعال نتحاسب!"

يصف الألم بأنه يحيط به ويسكب عليه سنوات من الهديل والأصوات المؤلمة. ويستخدم الشاعر صورًا تعبيرية مثل الخوف والصور لتجسيد العزلة التي يشعر بها وتأثيرها على حياته.

اما في الأبيات الأخيرة، فيطلب الشاعر من الألم أن يأتي ويستلقي معه، ويحلم معه أو يخرج في نزهة معه. يتخيل الشاعر اللحظات الجميلة التي يمكن أن يشاركها مع الألم، مثل الجلوس على أرجوحة في مدينة الألعاب أو التجول على الشاطئ والتحدث عن الماضي.و تنتهي القصيدة بتأكيد الشاعر على التصالح مع الألم وفتح صفحة جديدة صباحًا. تعكس هذه النهاية رغبة الشاعر في تجاوز الماضي والتركيزعلى بداية يوم جديد وبدء حياة جديدة خالية من الألم. ان ما تتميز به القصيدة هو اللغة الشاعرية المعبرة والصور المعقدة التي تعكس الحالة النفسية للشاعر. ويستخدم الشاعر منذر عبد الحر تقنيات شعرية متنوعة مثل الاستعارة والتشبيه والتكرار والتغيير في الوزن والإيقاع. هذه التقنيات تعزز تأثير القصيدة وتعمق الانغماس في الأحاسيس والمشاعر التي يعبر عنها الشاعر. لذا، تعتبر قصيدة "ويسألونك عن الألم" قصيدة تعكس الألم النفسي والوحدة وتقدم رؤية عميقة للحالة الداخلية للشاعر. وتستخدم القصيدة تقنيات الكتابة بشكل متقن لإيصال الرسالة وإحياء الأحاسيس في نفوس القراء ليتخذوا قرارهم بحرية كاملة.