الأحد 2024/5/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 26.95 مئويـة
دراسة نقدية الاسترسال الشعري في ... ليس... للطريق إجابة!
دراسة نقدية الاسترسال الشعري في ... ليس... للطريق إجابة!
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

يوسف عبود جويعد

 

المجموعة الشعرية  ( ليس... لطريق إجابة!) للشاعر سرحان  الربيعي، تتمتع بشحنة كبيرة من الاسنرسال المتدفق للمفردات الشعرية الحسية والروحية النابعة من ذات الشاعر، وتداعياته الداخلية، وهو يقوم بصناعة قصيدته النثرية، التي يشعر القارئ من خلالها بأنه أمام بوح مطلق حر ينتقل فيه الى العالم الشعري الذي ينساب كنهر جاري دون توقف، إذ أن الشاعر لا تحده حدود، ولا تقف أمام مخيلته أي عوائق تحول دون أن يكون حراً وهو ينقل أفكاره الشعرية الى متن النص الشعري، وهي في بنائها وأقصد القصيدة الشعرية، لا تتقيد بنظام القصيدة الانزياحية والصورة الاستعارية المكثفة، كما نجدها في بعض قصائد الشعر النثري والتي تتطلب مفردة أو مفردة جزيلة المعاني بل أن مفردات الشاعر في هذه المجموعة، تنصاع أمام ما يمليه الشاعر من أفكار شعرية تتعدى اكثر من مفردة وحتى تصل الى سطر كامل، وهي مفردات شعرية انزياحية ذات دلالات رمزية وصور استعارية متتالية ومتوالية ومتصلة، وهذا النمط من القصائد النثرية الشعرية، واحد من الانماط التي وظفت في قصائد الشاعر جبار الكواز، وكذلك قصائد الشاعر يوسف حسين، وهو يمنح مساحة كبيرة من الحرية لضخ القصيدة بمفردات شعرية تخدم عملية البناء وتساهم في توضيح وحدة الموضوع وكذلك الثيمة، ونجد أن الشاعر سرحان الربيعي، يدون في متن قصيدته الشعرية الهموم اليومية التي يعيشها، بعد أن ننتقل معه الى عالمه الشعري المتفرد، وهي هموم الشاعر الذي يعيش مع الناس وما يحدث في البلد، والانحرافات الغريبة التي حدثت، وكذلك ينقل لنا في بعض قصائده، الثورة التشرينية للشباب وماحدث فيها، وشهداء هذه الثورة، وكذلك نجد قصائد تميل في محتواها الى الرومانسية، وقصائد تنبذ السلوك  غير القويم والفساد والكذب وغدر الصديق، وهموم كثيرة يضعنا الشاعر بين ثناياها في اسلوبه الشعري.

حيث نتابع في موطن من متن قصيدته (وكيف العبور؟!) التي تضعنا مع الثورة التشرينية وما يراه الشاعر فيها من رؤية فنية شعرية معبرة وصادقة تخرج من أعماق روح شاعر مهموم حد الاختناق:

( يا ميكيا فيلي..!)

بين أضراس كلاب الفجر فريسة الضوء!

على مرأى القارات السبع

كيف شنقوا ثلاثة ارباع الصوت

وان الوطن العربي

مسجى على سرير النوبة الدماغية

العاهرة الدبقة.

نار تأكل أطراف ثياب (قضيتنا)!.

والمطبعون ادناه

حسب الحروف الابجدية

ما بك يا ساحل الجرح

هل لديك دلو قيح؟

أخبار؟

أرى في مقلتيك

لساناً طويلاً من الوجع

وهي قصيدة طويلة بعض الشيء تستعرض بهذا الاسترسال وتلك الانسيابية واقع حياة شبابنا في الثور التشرينية.

أما قصيدة ( غذّ سيّرك) فأنها تمنحنا فرصة للدخول في أعماق روحه، ونكتشف ما يعانيه ويحسه، وهو ينقل لنا صورة لحياة موحشة حزينة كئيبة:

ذاهب أنا لا ادري الى اين

اغدقي بلطافتك

يا اصابع الرياح بدفع الشراع

ما عادت القلوب هنا تشرب ماء غصوني

أو تستظلُّ فيء وفائي

ولا الطريق التي مشيتها آهلة بصوت هديل يعلو مآذن

المسافات

غذّ سيّرك

بعيداً عن المدن المعقدة والوجوه المعلبة

في قوالب يوميات الرتابة

عليك اعادة النظر

قبيل فوات الماء تحت القدمين غقلة

ان يقدم عقلك الواهم اوراق تقاعده

أما قصيدة ( لا تفتش في راسي عن تهمة) فهي تجعلنا أن نغوص أكثر وننزل الى الاعماق ونحن نتحسس هذا الشعر المتدفق الحر الصادق النقي مرسوم على الاوراق البيضاء:

لا تفتش في رأسي عن تهمة

وتفتح أوراقك

هل لبراءة الذئب شاهد أم هو اعتراف أخوة يوسف

ليس لي رأي في الصعود إلى القمة

وليس بمقدوري أن امنع خطوتي في النزول الى السفح

والخروج عن الخشبة في نهاية آخر مشهد

ولا رأيت في الصعود أو النزول معجزة

ربما نحن المعجزة الكبرى والاجرام الاخرى وصائف

أنا اكره السؤال حين يكون موارب

حين يكون مؤدلجاً لدكاكين الصفهاء واوكار عمالتهم

لا أحترم البكاءين في صوامع الدعاء

والفجيعة

واحترم الإجابة الساخرة وهي جالسة على كرسي هزاز

أما قصيدة (أنا الذي) فتنقلنا الى رؤية شعرية غائرة في الاحاسيس والمشاعر التي يبوح عنها الشاعر وهو وسط ضياع الضياع:

أين أنا...

أنا الذي قد ضاع في طريقك الوعرة

العاصفة

إقتلعت جذور خطاي

واحسب اني جذور نخلة

أين أنا ..؟!!

مهلاً أيّها العابرون إلى المناديل التي لوّحت

قولوا للتي تبعث بالعواصف نحوي

إننا رأيناه

وقد كسته ثلوج انتظاره

وبين الصقيع والصقيع

تركناه يكاتب شمسك الدافئة

وفي قصيدة (إذا ما احترّقت) التي تنحى منحاً رومانسياً خيالياً شعرياً رائقاً:

وألهبت شفاه الحلم ووثبنا!

اغفر لي

لو خفَّ الليل بخطوته الواسعة

لنقل أي شيء غير هذا الضجر

لو طرق الضوء علينا الباب

هكذا هي

ساعات الليل لحظات راكضةٌ

بأجنحة مهزومةٍ

حين يكون الطقس مثالي في مخدع هذا الليل!

ما أثقله

وأنا وهذا المدى بلا وتراً.

وهكذا وبعد ان مررت على بعض قصائد المجموعة الشعرية 0ليس... للطريق اجابة!) للشاعر سرحان الربيعي، والتي هي مجموعته الاخيرة  التي اهدانياها وبعد أيام فارق الحياة، لروحه الرحمة والسلام.لتبقى واحدة من اعماله الشعرية المميزة

من اصدارات دار المثقف للطباعة والنشر لعام 2023

 

المشـاهدات 85   تاريخ الإضافـة 05/05/2024   رقم المحتوى 45153
أضف تقييـم