الثلاثاء 2024/4/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 25.95 مئويـة
تقاسيم على الهامش (( حين يكتبُ الشاعرُ روايةً .. ماذا سيقول ؟! ))
تقاسيم على الهامش (( حين يكتبُ الشاعرُ روايةً .. ماذا سيقول ؟! ))
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد السادة البصري
النـص :

عتبةٌ أولى :ــ

وأنا أقرأ في رواية صديقي الشاعر منذر عبد الحر (( غناءٌ سرّي )) قفز إلى ذهني سؤال :ــ هل نعيش الآن عصر الرواية ،، أم نحن مقبلين على عصرٍ ذهبيّ لها ؟!

الرواية فنٌ صعب ، كما يقال ، لأنها خلقُ عالمٍ من الحيوات والحكايات والرؤى والأفكار بشكل متنوع ومتشابك ، والولوج  إلى عمق النفس البشرية ، والقيام  بتشريحها وتفكيك كل مفاصلها ، لهذا تحتاج إلى الإمساك  بخيوطها وأدوات حبكتها بقوة وبالشكل الأمثل والأكمل !!

اليوم نقرأ إعلانات  وأخبار هنا وهناك عن صدور روايات عديدة ، منها تدخل إلى بوابة المسابقات ومنها يتم التبشير بأنها الرائعة وغير ذلك ، لكننا لم نقرأ نقداً حقيقياً يفرز الغثّ من السمين والرديء من الجيد ، أغلب ما نقرأه مجاملات اخوانية لا تنفع في شيء أبداً حتى لمن كُتبت عنه ، حيث أن الكثير من الروايات لم ترقَ إلى مستوى الرواية الإبداعية التي ننتظرها ، ونُفرد لها وقتاً للقراءة والغوص في لجّة بحرها ، بل أكثرها حشواً فارغا وتشبه حكايات الجدّة عند موقد الشتاء ، ما أن توشك على نهايتها حتى تأخذك غفوة ، تفزّ بعدها قائلاً :ــ مالي شغلتُ نفسي ووقتي بكتابٍ لم يمنحني فضاءً وخيالاً ما ؟!

ولكن ــ الحقّ يُقال ــ هناك روايات تقرأها مرتين وثلاث ، وتعود إليها كلما احتجت إلى سرحة حقيقية في عالم الإنسان والطبيعة !!

نعود لأصل مقالنا هذا ، ألا وهي رواية الشاعر منذر عبد الحر ، لنقف متأملين تاريخ الفن الإبداعي بشكل عام ، والشعر بشكل خاص ، أليس المسرح هو أسّ الفنون وأبوها ؟! ألم تُكتب المسرحيات الأولى ــ اقصد المسرح اليوناني والروماني ــ شعراً ، ويقال عنها :ــ رواية مسرحية أو ملحمة ؟! وهي عبارة عن قصيدة طويلة بأوجه وأشكال وأنماط متعددة ، تحكي بطولات الرومان واليونانيين ، فإلياذة هوميروس ، وانيادة فيرجيل ، ومسرحيات سوفوكليس ويوربيدس ، وكذلك شكسبير وغيرهم عبارة عن رواياتٍ كتبت شعراً ، هذا يعني أن الرواية أصلها شعر أو ملحمة شعرية ، وكان يطلق على كاتبها شاعر ، ثم تحولت بمرور الأيام إلى النثر لتأخذ مسارات وأشكال وأنواع شتى !!

إذاً ، وصلنا إلى ما نريد ، وهو أن الشاعر كان روائياً في الأصل ، كتب رواياته وملاحمه ومسرحياته وحكايا التاريخ القديم شعراً !!

وإذا تأملنا قصائد الشعراء العرب القدامى وغيرهم من شعراء العالم المحدثين قبل قرون نجد أن كل قصيدة لهم ، هي حكاية أو مجموعة حكايات ، و فيها أبطال وغير ذلك ، يروونها شعراً !!

وعليه ، ليس من الصعب الآن أن نجد الكثير من شعرائنا يكتبون الرواية ، وبأسلوب عالي الجودة والإبداع ، ونعرف جيداً أن عددا من الروائيين ذائعي الصيت في بداية مشوارهم الأدبي كانوا قد أصدروا مجموعات شعرية ، على سبيل المثال :ــ جيمس جويس في ( موسيقى الحجرة ) ، وعبد الخالق الركابي ، وعبد الرحمن الشرقاوي ، وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم  !!

لهذا استمتعت كثيرا برواية صديقي الشاعر منذر عبد الحر ، التي منحها ثريّا نص شعري ( غناءٌ سرّي ) ، والغناء هو الشعر الذي يحاكي الروح والوجدان ويدغدغ شغاف القلب والأحاسيس ، كتبها بأسلوب شعري رائع ، إنها رواية شعرية ، سأتوقف عندها في عتبات أخَر قادمة ، لأنها تمنحك جواز سفر إلى حكايات الإنسان الحقيقي والعفوي ابن الماء والطين !!

حديثنا القادم ما بعد عبورنا العتبة ، وسرحة مع الشجن !!

المشـاهدات 523   تاريخ الإضافـة 16/02/2020   رقم المحتوى 4556
أضف تقييـم