الخميس 2024/3/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
على ورق الورد الحدث الفني ..ورصده
على ورق الورد الحدث الفني ..ورصده
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منذر عبد الحر
النـص :

أتذكّر , في منتصف تسعينيات القرن الماضي , صحونا صباحا ً فطالعتنا الصحف الأربع , حينها , بخبر رحيل الفنان الخالد "رياض أحمد " وبشكل كان مفاجئا للجميع , رغم علم الجميع بإصابته بمرض عضال , ولكنه كان في ذروة نشاطه ونجوميته قبل أن يرحل بوقت ٍ قصير , والذي علق في ذهني من ذلك الوقت المانشيت المعبّر الذي كتبه الزميل العزيز القاص والروائي والكاتب الصحفي شوقي كريم حسن وقد كان المانشيت هو "انكسرت سنديانة الغناء العراقيّ" ...فيما ظهرت مانشيتات الصحف الأخرى  معبرة عن أسى الوسط الثقافي والفني والجمهور المحب للغناء لرحيل الفنان ذي الشجن الخالص المتفرّد بأدائه وحزنه رياض أحمد , وبعد الخبر أطلّت علينا , محطة التلفزيون الوحيدة في بغداد , تنافسها محطة تلفزيون الشباب , بتقرير عن الفنان الراحل وتشييعه وحديث ذويه والفنانين عنه , وهكذا رصد الحدث , وتمت تغطيته ومتابعة تداعياته  وآثاره في الشارع العراقي .

أما بعد 2003 , وتحديدا في السنوات الأخيرة , وبعد أن صار عدد الفضائيات العراقيّة لا يمكن حصره بدقة , فهي بزيادة شبه يومية , وبعد أن صارت مواقع الانترنت تتابع الحدث وتعطي نتائجه لحظة وقوعه , وبعد أن صار السبتايتل الذي يعطي الأخبار عند وقوعها , صار من السذاجة أن تظهر الصحيفة الورقية في اليوم التالي لتقدم تغطية خبريّة عن حدث وقع وأشبع تعليقا , ورؤى وآراء وتداعيات وآثار , ولم تعد وكالات الأنباء قادرة على حجب خبر أو تأجيله حتى يكون حصريا لصحيفة دون أخرى , فالتسابق والتنافس وسرعة الأداء والتفرّد هي السمات التي تسعى إليها كل الجهات الخبريّة , والدليل على ذلك , ما تعرّضت له صحيفتنا و ثلاث صحف أخرى من هجوم أرعن حطّم فيه المجهولون أجهزة العمل في القسم الفني في الجريدة وضربوا عددا من المنتسبين ضربات ٍ موجعة ً مؤلمة ً , تم نقلهم على أثرها للمستشفى , وكانت عيون الفضائيات العراقية تلاحقنا وتأخذ منا مفاد الحدث وتداعياته وتصريحاتنا – المنفعلة وغير المنفعلة حوله – واتهام بعضنا لجهات دون أخرى , وظهرت الأنباء بعد وقوع الحدث مباشرة , على طريقة "عاجل" , وهكذا مع كلّ  حدث , فليس من المنطقيّ هنا , ولا من المقبول مهنيا ً أن يبات الخبر , ويظهر في اليوم التالي وكأنه جديد , فيما هو قد أشبع نقاشا , وصار قديما , وهكذا مع أحداث رحيل الرموز الفنية والثقافية والأحداث الأخرى , حين تبثّ "عاجلا" يكون من الباهت أن تصدر في اليوم التالي كخبر ٍ  جديد , لذلك يسعى المحررون المختصون إلى بناء الموضوعات التفصيلية عن الحدث المنقول خبرا ً مجردا , قبل يوم , من خلال أخبار الفضائيات ومواقع الانترنت .

أشير لهذا الموضوع بعد أن قرأت موضوعا ً في أحد المواقع يشير إلى تجاهل الصحف العراقية للتغطية الإخبارية الخاصة برحيل أو مرض بعض نجوم الفن , وهو أمر ٌ يدعو للمناقشة , إذا ما قيمة الخبر المكرر , إذا لم يكن جديدا على القارئ ؟

كما أن صحفنا المحلية , في عمومها , تتعطّل أيام العطل الرسمية , وبذلك يكون الخبر , قديما جدا , لذلك نعمد في كتاباتنا الصحفية على تجاوز الصيغة الخبرية للأحداث التي يتم تناولها عاجلا , ونؤجل الكتابة عنها , لنتحدث فيها عن الظاهرة   وليس الحدث , وبذلك تكون الكتابة , أكثر موضوعية وغنى , كما أنها تكون بعيدة عن الخبرية , وبذلك نكون مواكبين للظاهرة , وليس لنبأ نقل الحدث .

المشـاهدات 579   تاريخ الإضافـة 23/02/2020   رقم المحتوى 4916
أضف تقييـم