الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
ظاهرة التقسيم ولعبة تفكيك الدول
ظاهرة التقسيم ولعبة تفكيك الدول
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب غريب دوحي
النـص :

امتازت الفترة التي اعقبت الحرب العالمية الاولى والثانية ظاهرة تقسيم الدول على اثنين او ثلاثة او اكثر . وكان هذا التقسيم اساسه التميز العرقي او القومي او المذهبي او غيره . اما اهدافه فهي اما سياسية او استراتيجية او اقتصادية . وكانت بولندا اول الدول ضحايا التقسيم ولعبة تفكيك الدول في التاريخ الحديث. حيث قسمت بين روسيا والنمسا وبروسيا. وظلت مقسمة بهذا الشكل حتى  حصولها على الاستقلال بعد الحرب العالمية الاولى. وهكذا كانت الدول الاخرى ولاسباب مختلفة تقسم الى شمالية وجنوبية او شرقية وغربية. وتعد المانيا من اوائل هذه الدول الاوربية التي طالها التقسيم الى المانيا الغربية والمانيا الشرقية بعد سقوط هتلر بعد الحرب العالمية الثانية. وتلا هذا التقسيم بناء حائط برلين ليكون حاجزا بينهما ولكل منهما عاصمته الخاصة. وفي عام (1947) اتخذت الامم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين الى قسمين القسم العربي والقسم اليهودي. اما اكبر عملية تقسيم بعد الحرب العالمية الثانية عام (1947) فكانت تقسيم الهند بين الهندوس والمسلمين على اساس العامل الديموغرافي, وكان ذلك بناءا على اقتراح محمد علي جناح الزعيم الباكستاني الذي يعد مؤسس دولة الباكستان الحديثة. وبعد الحرب الكورية عام (1950- 1953) تم تقسيمها الى كوريا الشمالية التي احتلتها جيوش الاتحاد السوفيتي, وكوريا الجنوبية التي احتلتها جيوش الولايات المتحدة. واليابان بعد احتلالها عام 1940 لفيتنام التي استطاعت الجماعات المناهضة لليابان من تأسيس جمورية شعبية شيوعية بزعامة (هوشي منه) في الجزء الشمالي من البلاد الفيتنامية, هكذا قسمت بعد ذلك الى فيتنام الشمالية تؤيدها الصين وفيتنام الجنوبية وتناصرها الولايات المتحدة.وكان نصيب دول المشرق العربي كبيرا في عمليات التقسيم بالاضافة الى العراق والشام بعد الحرب العالمية الاولى. وكان ذلك بموجب اتفاقية (سايكس بيكو) عام (1916) المعقودة بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية لمدة (100) عام حيث ظلت بريطانيا والولايات المتحدة تعمل جاهدة على تنفيذها حتى الوقت الحاضر. وبعد ان دب الخلاف بين بريطانيا وفرنسا حول تنفيذ هذه الاتفاقية لجأت هذه الدول الى فرض الانتاب ومن ثم ربط العراق والشام بعجلة الاستعمار سياسيا واقتصاديا عن طريق المعاهدات غير المتكافئة مثل معاهدة (1930) ومعاهدة (1948) في العراق, ومعاهدة (1936) في سوريا.وفي سبعينيات القرن الماضي كانت المشاريع التي تطرحها الخارجية الامريكية من مهندس السياسة الخارجية الامريكية ووزير خارجيتها (هنري كيسنجر) والتي بلغت ذروتها حين ركز وزير الخارجية على رسم خارطة جديدة للشرق الاوسط تقوم على تقسيم العراق وسوريا بهدف اضعاف هاتين الدولتين سياسيا واقتصاديا مرة عن طريق احتواء الانظمة السياسية الهزيلة ومرة عن طريق الانقلابات العسكرية كما حصل في العراق في الاعوام (1963) وعام (1968) حيث المشروع الامريكي لتقسيم العراق على اسس عرقية ومذهبية حيث يمكن ترشيحه للقسمه الى (3) دول بدلا من (2) بحسب مكوناته الطائفية والقومية المعروفة لدينا, اما سوريا فاوضاعها معقدة كما هي في العراق حيث يكون تقسيمها على اساس نوعية سكانها فدولة للدروز ودولة للعلويين وثالثة للاكراد في شمال شرق سوريا. أي رجاع عجلة التاريخ الى الوراء عندما كانت سوريا مقسمة الى مقاطعات ابان السيطرة العثمانية وكذلك ارجاع العراق الى عصر دويلات المدن السومرية التي كانت دماء العراقين تسيل فيها لأتفه الاسباب.ولا يقتصر الامر على الولايات المتحدة وحدها فان العامل الاقليمي يلعب دورا فعالا في تهيئة الظروف المناسبة لانجاح مشاريع التقسيم, فعلاقات العراق الخارجية مع دول الجوار تحكمها عقد نفسية قديمة جعلت من هذه الدول تفكر في ان اضعاف العراق وكسر هيبته لا يتم الا عن طريق تقسيمه وتحطيم وحدته الوطنية, وما تفكيك الاتحاد السوفيتي من قبل المخابرات الامريكية بالتعاون مع الصهيونية والقوى العربية الرجعية الا نموذج واضح لهذا التامر .  ان ما يجري في عراق اليوم ومنذ سقوط النظام الديكتاتوري ما هو الا مقدمة لانجاز مشروع تقسيم العراق والذي هو جزء من المؤامرة الكبرى التي تقودها الولايات المتحدة ودول الغرب وبعض الدول الاقليمية بالاضافة الى اطراف عراقية في الداخل والخارج لتحسين صورة التقسيم وجعل العراق مجرد (اقليم) تتحكم فيه نزوات وأرادات خارجية عابرة لحدود العراق كما يحصل اليوم.ان انتفاضات واحتجاجات الشعب العراقي التي بدأت منذ عام (2011) وما تلاها من ثورات شعبية بلغت ذروتها في انتفاضات اكتوبر (2019) هي ليست مجرد ردود افعال ضد مؤامرات التقسيم والهيمنة الخارجية على العراق ومقدراته وشعبه وانما هي ثورات الوعي السياسي والفكري العظيم الذي تميز به الجيل الجديد الذي يقود الثورة .               

المشـاهدات 552   تاريخ الإضافـة 23/02/2020   رقم المحتوى 4922
أضف تقييـم