الخميس 2024/4/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 30.95 مئويـة
 خولة الساردة تأخذنا إلى عالمها بكل أنوثته الهادئة والرقيقة
 خولة الساردة تأخذنا إلى عالمها بكل أنوثته الهادئة والرقيقة
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

منتهى عمران

تجعلنا نعيش مع ذكرياتها ويومياتها بكل سلاسة السرد وانسيابية التنقل من قصة إلى أخرى دون أن نشعر بالملل رغم خلوها من الدراماتيكية والعنف والدم الذي يملأ حياة مدينتها (البصرة) التي كانت لها الحصة الأكبر في مجموعتها ابتداء من العنونة ( جنوب خط 33 ) الذي تحدد به موقعها تماما من الكرة الأرضية وإن كانت هناك إشارات متفرقة مثل قطع الأصابع في قصة (أصابعي أشجار ) لكنها كانت قصة تفاؤل كبيرة فقد حولت الأصابع إلى أشجار قوية ومثمرة مثل شجرة الديباج والنخلة ..

رغم ارتكاز خولة على أحداث عاشتها واقعا إلا أن خيالها كان حاضرا بقوة ولعب دورا كبيرا في صياغة قصصها ومع ذلك فقد حددته ضمن نطاق موضوعاتها ولم تجعله يشطط بها فتتيه منها الحكاية فتتحول إلى فانتازيا.. فخولة تعتز بنفسها وشخصيتها التي أرادت لها أن تكون هي لاغيرها رغم أن ثقافتها السردية وتأثيراتها واضحة بصياغاتها للقصص وحياكتها للحبكة المتينة الخالية من الترهل والثغرات.

ومن أقوى قصص المجموعة كما أرى في تجسيد هذا المعنى هي قصة (حلم منتصف نهار ظمأ) الذي لعب فيها الخيال لواقع حياتي من مدينتها انتهت بضربة مفارقة عندما أعلنت أنها كانت تتأمل في قدر مرق السمك.

وقد كانت المفارقة أيضا رفيقة لمعظم قصص خولة وخاصة القصيرة جدا منها.

ورغم محاولات خولة الخروج من مدينتها الى مديات أوسع فقد ذهبت إلى غابات البلوط وإلى استراليا إلا إنها كانت تُحدث ربطا بينها وبين مدينتها بشطها ونخيلها.. كما كان لخولة آراء في السياسة أشارت إليها ولو بشكل محدود وكذلك في الحب فهي تُشعرك أنها لا تريد أن تتمادى كثيرا في ذلك كعادة فتيات الشرق لأسباب معروفة ربما. ولابد هنا من الإشارة إلى أن لغة السرد كانت تميل كثيرا إلى شعرية قصيدة النثر مما أضفى عليها جمالا وسحرا خاصا بها وتتضح في مقدمتها الافتتاحية للمجموعة ص٥ ومنها أيضا عبارة (أحبك يا إلهي ولكن ليس بكل هذا التأثر الذي أدّعيه).

كما أن الرمزية كانت جزءا مهما في المجموعة وأضافت لمسة واضحة على بعض القصص.

مايُحسب لخولة أنها لم تتخلَ عن روح الأنثى في السرد معتمدة على ذكائها في التقاط الصور والحدث والذكرى ولكنها انضمت إلى قائمة السرد البصرية التي تعلقت بهذه المدينة ولم تستطع أن تنفك عنها وبذلك نستطيع أن نقول أن للمرأة البصرية بصمتها في تاريخ هذه المدينة العريقة.

المشـاهدات 811   تاريخ الإضافـة 26/02/2020   رقم المحتوى 5062
أضف تقييـم