الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
وراء القصد شاكر ابن حجي علي
وراء القصد شاكر ابن حجي علي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد السيد محسن
النـص :

في روايتها "عابر سرير " تقول احلام مستغامبي : الصورة محاولة لتحنيط الزمن.

من منا لا يتذكر أول صورة, فنحن جيل كتب لنا التاريخ ان نرى انتقالة التكنلوجيا بشكل سريع قياسا الى السنوات وليس قياسا للاعمار.

عشنا مرحلة الكاميرا التي تستند الى الصدر وبعدها الكاميرا ذات العدسة , والكاميرا المحمولة بمساند خشبية وكيف يختفي رأس المصور بكيس اسود , وثم الكاميرا الفورية "بولارويد" باسم الشركة المصنعة وقتذاك, حتى فقدت الصورة الاحساس بالزمن وباتت اللقطات تتسم بالتوثيق الاني ولم نعد ننتظر ان نرسل الفيلم الى المصور كي يغسل الفيلم وننتظر بشوق كيف ظهرت صورنا, وكيف كنا نحتفظ بها ورقيا , وليس مثل اليوم حيث نحتفظ بها في هواتفنا.

ما زلت اذكر اول صورة لي بحياتي تلك التي صورها لي "شاكر ابن حجي علي" , هكذا كان اسمه لم نذكره باسمه فقط ولم نذكر اسم والده الا باضافة قرينة حجي.

قبل ايام توفي شاكر ابن حجي علي في منطقة الدير التابعة لمحافظة البصرة , تلك المدينة الجميلة بحدائقها الغناء والتي تمتاز بأقصر مسافة بين نهرين شط الدير شرقا وهور حمرة غربا ,  وكان بها قصر مهجور يعود للاقطاعي سيد حامد النقيب.

الدير مدينة تمتاز بطيب اهلها وقدرتهم على العمل الجدي في الحياة , وهي ككل المدن لها مجانينها , وكانوا يمثلون جزءا من تراث هذه المدينة. 

في الدير كانت ثلاث عائلات "عشائر" رئيسة هي بيت طعمة , والكوام والبو حسين. ولم نر انهم اختلفوا في يوم من الايام حيث كانت تصلهم القربى الوثيقة بشكل كبير , وتلك اعتقدها كانت تمنع اي احتكاك بين العشائر الثلاث.

كان "شاكر ابن حجي علي" رجلا كبيرا مذ رأيته وانا ابن خمس سنوات, وكان يمتاز بفكاهة قل نظيرها , كان ابي يمزح مع شاكر كصديق , ويبتسم حين يراه , والاخير كان لا يتوانى عن المزاح مع ابي , كنت حينها اعد والدي من الاعيان , فاستغرب حين اراه يمزح مع بعضهم. لم نكن من اهل الدير , وانما قدمنا من المعقل بالبصرة , بعد تعيين ابي محاسب بلدية الدير ,ومع ذلك فقد عشنا في هذه المنطقة ونحن نضع فاصلة اجتماعية لم نكن نقصدها , حتى بات لنا نحن الاخوة اصدقاء , فكان جبار طه عودة صديق اخي احمد , وبديع علي صباح صديق اخي جلال , وستار طه عودة صديق اخي فارس , وانا كان صديقي صلاح مطشر عجمي .

حين سمعت بوفاة شاكر ابن حجي علي , اخذتني الذاكرة الى تلك السنوات البهية , حيث كنا لم نكن نجيد البحث عن المال , كنا نجده عند امهاتنا , وكنا لا نعرف ضنك العيش , كنا نقرؤه بجباه ابائنا , ولم نكن نعرف الطائفية , حيث كان جامع الدير مكانا للاعمال المسرحية , اجل , وان كانت المناسبات دينية , لكن مسرحيات كوميدية يذكرها اهل الدير كانت تعرض في الجامع.

شاكر ابن حجي علي وقع اسيرا عام 1981 , وشقيقه وقع عبد الحسين اسيرا عام 1988 , وكنت اقرأ فرحة عبد الحسين حين كنا نسمع اسماء الاسرى العائدين ضمن الوجبات الاولى عام 1991.

رحم الله شاكر ابن حجي علي , هو جزء اصيل من ذاكرتنا الورقية التي حولناها اخيرا الى صور في هواتفنا .

المشـاهدات 421   تاريخ الإضافـة 31/03/2020   رقم المحتوى 5527
أضف تقييـم