الخلط الثقافي في نظرة المواطن العراقي لدور الدولة ومطالبتها ان تكون الاب الراعي الذي يستوجب عليه التضحية والبذل والعطاء بغض النظر عن عقوق اولاده هو نتاج عدم وجود صورة واضحة وثابتة لشكل النظام الذي يقود المؤسسات.

ولان انظمة الحكم المتعاقبة على ادارة الدولة العراقية الحديثة لم تستطع في اغلبها خلق الثبات الشكلي والمعرفي لدى القناعات الشعبية مع الاخفاق المستمر جراء تدخل النزعة الخاصة للقيادات بالمحددات العامة لطبيعة النظام وتغليب الخاص على العام في نقطة تقاطع المصالح وتسويق ذلك على انه من متطلبات الحماية الضرورية للنظام ، هتكت حرمة النظام وحمل خاصية المطاطية لينتج فيما بعد اطاراً طبقياً غير معلن عنه ، او بالاحرى مسكوت عنه ، ليلقي بظله على طريقة استحضار الحاجات الخاصة للمواطن والذي اتاح لنفسه استخدام ما يمكن من الطرائق المتوفرة للوصول الى اكتفاء غذائي وامني حتى وان اعتمد وسائل غير مشروعة ، ولكي يسوغ استحواذه على اكبر قدر من المغانم مع اول فرصة تقع امامه ، القى باللائمة على النظام متجاهلاً انه جزء منه ، وللخلاص من طرفيته بالمعادلة صار يخلط بين طبيعة النظام وماهية الدولة مطالباً اياها بكل شيء مستثمراً عدم اكتمال بنيتها وضعف وفساد منظومة قيادتها.

ادى تمرد المواطن على الدولة انطلاقاً من بغضه للنظام وان لم يكن معلناً الى بحثه عن بدائل تتسبب بتعهير الدولة بمؤسساتها متهماً اياها بالتقصير المستمر حتى وان كان هذا الاتهام بغير محله ، بدعوى مسؤوليتها الرعوية عن كل تفاصيل الحياة نائياً بنفسه كأحد اركان البناء ومتجاهلاً الاشارة الى الاركان الاخرى التي تقع عليها المسؤولية الاهم المتعلقة بالاسناد والدعم وتوطيد عرى الدولة.

باسم الشيخ