الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
فنون تشكيلية ريشة تحسين الزيدي ترسم خلود اللحظة الساكنة
فنون تشكيلية ريشة تحسين الزيدي ترسم خلود اللحظة الساكنة
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محسن الذهبي
النـص :

لم يبق لي من وجهه إلاّ شحوب الفجر في يوم حزينْ...

لم يبق لي من صوته إلاّ الرّنينْ...

لم يبق من كفّيه إلاّ هذا الاخضرارْ.. "الشاعرة التونسية فوزية العلوي"

***

بعد سلسة من المشاركات التشكيلية وثلاث معارض شخصية في صالة المدى "دمشق" 2009 وغاليري الاندي "عمان" وغاليري زمان "بيروت " 2010، استطاع الفنان الشاب تحسين الزيدي أن يسجل حضورا واضحا في المشهد التشكيلي العراقي المهاجر. فمنذ الوهلة الاولى ونحن نطالع أعمال الفنان، نحس بتأثير ذلك التلاعب والابهار اللوني الذي يغرق ارجاء اللوحة ويستدرج العين بحدة لونيه محملة بأجواء ضاجة بصخبها ، فالضوء يحول الوجوه في اللوحة الى فضاء حي مشبع بنبض الفعل اليومي والانفعال الممتد إلى أعماق النفس، وابداعه ينفتح على مداليل التأثير اللوني لإحداث الأثر المطلوب وايجاد الاشباع النفسي والادراكي لدى المتلقي وبسعي واضح الى اغواء العين بهذا التناقض الحاد لانه يعرف مقدما أن وعي المتلقي يستثار بالمختلف المستفز ولا يبالي بالمألوف الجاهز. ولا تقتصر أعمال الفنان تحسين الزيدي على ما هو صوري بصري دلالي، بمعنى صياغة تشكيلية للصورة الواقعية، بل تذهب أبعد من ذلك، إلى استنطاق ما وراء الصورة، من خلال تجسيد ما بعد المرئي والحسي، ليحمل الما وراء بعده الوجودي بمكوناته الثلاثة "الإبستيمي والأنطولوجي والوظيفي"، فتغدو للوحة دلالات متعددة من معطيات تقدمها شفرات الخطاب التشكيلي فضلا عن قيمتها الفنية والجمالية.. فهي مكون حقيقي من مكونات هوية هذا الفنان التشكيلي، التي لا تنفصم عن اللحظة الابداعية التي ينتمي إليها. فهو يشتغل على زمنين.. زمن ابداعي يحاول تجميد واستنطاق اللحظة الحسية لوجوه منفعلة يختارها بعناية شديدة وهي تمارس ابداعها في العزف الموسيقي، وزمن واقعي يحافظ على تثبيت ذلك الواقع الفيزيقي الفضائي على الشخوص والاشياء والامكنة لادراك تلك اللحظة السكونية وبذلك يحرك السكونية الزمانية ويحيلها الى انفعال عبر ضربات لونية سريعة لكنها متقنة تنم عن استيعاب لقدرة اللون التعبيرية. ويجهد الفنان لخلق بؤرة لونية في تشخيصية الوجوه تشع وسط فضاء اللوحة وتكون مركز الاستقطاب للعين تعبر عن مزاج ونفسية لحظة الابداع والحالة الوجدانية التي تغرق بها الشخوص فهو يتوغل الى عمق حالة الالهام فيسبغ على تشكيلاته اسقاطات متخيلة لا تنحرف في انطباعيتها عن الواقع كثيرا بل تستثمر عدة اتجاهات فنية في بوتقة واحدة فمن التشخيص التشبيهي الى الانطباعيةالتجريدية تتمازج فيها الفنتازيا بالواقع بعنف وجموح لوني لتجسيد مشهدية احتفالية متقاربة ومتماهية مع صدى النغمات الميته التي يحاول الفنان رصدها فالامر وكما يقول مارتن هايدغر في كتابه – أصل العمل الفني – "لا يتعلق بإعادة التعبير عن الموجود الفرد الحاضر في كل مرة، إنما يتعلق بالتعبير عن الجوهر العام للأشياء. إن أعمال الفنان تحسين الزيدي تتأمل المظهر البصري - المادي - لتوصل الأنا المجسدة الى استنتاجات حدسية حول الجوهر الداخلي فهدف الفن عنده ان يظهر للعيان ما يتولد عن الروح من التمثلات والتصورات عبر اختراق الاشياء والنفاذ الى ماوراء الواقع بل الى ماوراء الخيال كذلك. فالوجدان الانساني في أعماله هو نور يخرج من الاعماق ليتوج ويضيء المشهد في اللوحة مستعيرا من الموسيقى رومانسيتها لخلق هذا التناغم اللوني وجمع تشظيات اللحظة الحسية وصهرها في مداليل اللون في بحثه عن خلود اللحظة الساكنة . أ ن تجربة الفنان تضيف إلى المشهد التشكيلي العراقي الذي تبلور خلال السنوات الأخيرة الماضية في العديد من المغتربات العالمية مع مجموعة من الأسماء الشابة بعدا يحاول أن يحمل لواء الجرأة في تقديم منجز بصري حداثوي يضاهي ما تنجزه محترفات الفنون العالمية.، مضيفا إلى تراث المشهد التشكيلي العراقي الثر ي دماء جديدة فاعلة ومؤثرة واعتقد أن مثل هذه التجارب تتطور وستثمر إن وجدت الفضاء المفتوح لإيصال تلك الرؤى والتجارب والأفكار الثرية بانسانيتها الى قاعات العرض وعين المتلقي الواعي.

المشـاهدات 685   تاريخ الإضافـة 22/04/2020   رقم المحتوى 6390
أضف تقييـم