الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
الدولة العربية الفاشلة
الدولة العربية الفاشلة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.عدنان عودة الطائي
النـص :

مع بداية القرن العشرين بدأت معه إشارات لقيام دول عربية والتخلص من التبعية الاستعمارية التي كانت جاثمة على مقدرات هذه الدول تماشيا مع حركات الاستقلال والتحرر التي شهدها العالم آنذاك خصوصا بعد توقف الحرب العالمية الأولى وإعلان تشكيل عصبة الامم....

فقامت حركات العصيان والتمرد هنا وهناك وعمليات الاستنزاف لطاقات المحتل بتفرعات تسمياته ومن ثم إعلان الثورات التي حركها توحد الجماهير في قوالب الأحزاب والمنظمات التي أخذت على عاتقها السير بهذا المطلب...

كما حزب الوفد في مصر والحركة السنوسية في ليبيا والمهدية في السودان والثورات التي مهدت لذلك كما في ثورة الخطابي في المغرب وثورة العشرين في العراق وثورة سلطان الأطرش في الشام وثورة 1919 في مصر وغيرها من ثورات وحركات في عموم بلاد العرب...

وبالفعل أثمر ذلك النضال عن حصول معظم البلاد العربية على استقلالها بسنوات مختلفة وان كانت مبلة بنفوذ تلك الدول التي أخذت على عاتقها تمرير سياستها ونفوذها على تلك الدول مما أغضب شعوبها لوقوع الحاكم تحت وصايا تلك الدول الاستعمارية ومع ذلك ال انبلاج نحو التحرر والاستقلال والتوجه لتأسيس وبناء الدولة نرى أن معظم أنظمة الحكم لم تكن بالمستوى الذي يلبي طموح تلك الشعوب ولم تكن بحجم المسؤولية وبعبارة أخرى أن أنظمة الحكم كانت ضعيفة في بادئ أمرها بل كانت الدولة أكبر بكثير من سلطة الحاكم  وحتى من سلطة القرار ولذلك كانت سطوة وسيطرة الحاكم لاتتعدى مركز الحكم اوالعاصمة مما انعكس سلبا على حالة الأعمار والبناء من هنا نلاحظ البون واسع والفرق شاسع بين العاصمة والمدن الأخرى وهذا ينسحب على كل بلاد العرب والذي بدوره جعل من الدولة أسيرة العاصمة وبمعنى آخر دولة المدينة مما دفع بالناس للهجرة إلى العاصمة دون سواها لانها تلبي طموح ورغبات هؤلاء المهاجرين دون سواها من الحواضر الأخرى من هنا كانت القاهرة في مصر دون أسوان وبور سعيد وغيرها وبغداد في العراق دون العمارة وكركوك ودمشق في سوريا دون إدلب والسويداء والجزائر في الجزائر دون وهران وحاسي مسعود وهكذا وهي المرحلة التي نسميها دولة العاصمة أو المدينة وهذا ينطبق على معظم بلاد العرب....

وهذا بدوره خلق كيانا ضعيفا لأن مراحل التنمية والأعمار لم تمر على كل البلد بوتيره واحدة مما خاف مناطق ضعيفة من الناحية الجيوبولتيكة أسهم إلى حد بعد اي هذا الحال بخلق المناطق الهشة التي كانت موطن خلل بالنسبة للتحديات الخارجية تمكن منها الاستعمار من استغلالها واحتلال ذلك البلد عند عودته مرة أخرى لاحتلال ذلك البلد وهذا يتضح جليا باحتلال الأمريكان ودخولهم من ذلك المكان الهش فكانت نقطة الضعف حدوده الجنوبية عبر صحراء البصرة عام 1991وعام 2003 تكرر نفس المشهد وهكذا الحال بالنسبة لليبيا من جهة الصحراء وسوريا من حدودها الشمالية وكل دول العرب هي في ذات الخطر...

ولما كان الحاكم بهذا المستوى من الضعف لانستغرب من وقوع الانقلابات والثورات التي غيرت الحاكم الذي لم يرقى إلى حجم المسؤولية لذا أسقطت هذه الثورات والانقلابات الكثير من الحكام حتى أن فترة د وحكمهم قصيره وبعضهم لم يلبث سنه او اقل من ذلك في الحكم فهذا حسني الزعيم لم يستمر أكثرمن ثمانية أشهر في سوريا عام 1949 وهذا صالح جبر في العراق والبدر في اليمن...

وما أن حل عقد الخمسينات حتى تعضت قوة القائد أو الحاكم فجاء الحاكم القوى الذي تمكن من الدولة بل صار أقوى منها لأنه ذوب كل مامن شأنه أضعاف دوره فتصدى القبلية والعشائرية التي كان لها الدور الأكبر في رسم خريطة الدولة  وتوجيه الحاكم كما كان للدين ورجاله الأثر الأكبر في تيسير امور الدوله ولأننسى المؤسسة العسكرية خصوصا الجيش الذي أثر بشكل بالغ بمسيرة الدول وغيرها من مؤثرات استطاع الحاكم عبورها وصهرها والأمساك بقوة بالسلطة ونتج عن ذلك حاكم متجبر وشعب مغلوب على أمره مغيب للحقوق كما عبد الناصر في مصر والقذافي في ليبيا وهواري بومدين في الجزائر فصارت السلطة أقوى من الدولة وبالتالي أحدث سرخا بين الجمهور والحاكم مما أضعف البناء الوطني للدولة وصارت حينها الدوله كالبيضة قشرها صلب ومحتواها هش وهي كما في الحاله الأولى دوله هشة وصعيفة لكن في الاولى ان القرار للشعب في حين غيب الشعب لصالح الحاكم في الثانية...

ولما حل العقد التسعيني انقلبت الآية مرة أخرى للشعب حتى تهاوت الكثير من الأنظمة العربية الحاكمة يوم تسلح الشعب أو لنقل أن للحكومة وراس الدولة تحديدا كان السبب في وصول الأحوال إلى هذا المستوى عندما استدعى الدين وان تشظى طائفيا لنجدته من السقوط بعد شعوره بالوهن اما تحديات كثيرة طرأت منها القبلية والعشائرية و الفساد الذي تفشى في مفاصل الدولة وغيرها أسهمت إلى حد بعيد بأضعاف الحاكم حتى استقوت عليه وجعلته اما الجمهور الذي سرعان ماعالجه بالسقوط... غير أن حكاما وضفوا الدين والقبلية لصالح بقائهم في الحكم كما فعل حكام الخليج سواءا في السعودية التي وضفت الدين لديمومتها والإمارات التي طوعت القبيلة لصالحها وهكذا الحال لدول الخليج الأخرى في حين ترنحت أنظمة أمام ضربات الدين ومذاهبه والقبليه وعشائرها فذهب ذلك النظام ضحية ذلك كما كان مصير حكم على عبد الله صالح في اليمن لما تعاونت عليه القبائل والمذاهب وهكذا حال البشير الذي اسقطه الجيش وهو أقوى مناصريه عندما انقلب عليه الدين الذي أراد توضيفه ونتيجة كل  ذلك بقاء الدول العربية جميعا تراوح مكان التخلف والضياع ويصل الحال إلى فقدان الهوية

حتى امست الدول العربية كل الدول العربية دول هشه بل دول فاشلة وهذا مانلحظه عند براقتنا لما وصلت إليه هذه الدول الان.

المشـاهدات 605   تاريخ الإضافـة 06/06/2020   رقم المحتوى 7028
أضف تقييـم