السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
فوق المعلق مسؤولية النشر وحرية الاخرين
فوق المعلق مسؤولية النشر وحرية الاخرين
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب الدكتور صباح ناهي
النـص :

 

 

إلى أي مدى وصلت حرية الاعلام في العراق ، بعد خمسة عشر سنة من التغيير الدراماتيكي الذي حدث بعيد سقوط بغداد واحتلال العراق ؟

ما الذي تاسس في بنية الدولة ومؤسساتها التي قطعت شوطا منذ انشاء الدولة العراقية الحديثة العام 1921 نتاج الحرب العالمية الاولى للتغيير بعد 58 سنة من وقف الحرب العالمية الثانية التي وضعت اوزارها العام 1945 ،  وليبدأ عهداً انفتاحيا جديداً وتنقلب فيه معادلات الوجود والعدم وترتفع فيه طبقات وشرائح ،  وتتغاير وظيفة السلطة والحكم من سلطة الخوف الى سلطة اخرى لم تجد من يُنظر لها بعد ، او يشكل سياجها  برؤية متكاملة فقد كانت سمة المرحلة اللاحقة لاعوام مابعد 2003 هي التجريب في كل شي وتكسير الاطر التي سادت لاكثر من ثمانين عاماً  ، تغيرت خلالها منظومات العمل السياسي والحزبي والاداري والثقافي والتربوي والاقتصادي وتوزعت مصفوفات النظم السائدة التي انصهرت بالغليان و ليس بالاقتاع او قبول السائد وهذه حقيقة يحاول الكثيرون تجاهلها ،  هناك عاملان يتغايران في  البناء العراقي المعاصر ، لم تمس بالتحليل والدراسة العلمية بعد ، وهم ثوابت بناء المجتمع الراسخة تربويا واجتماعيا بل حتى قيميا ً التي ظلت  بنى تحتية عميقة ومتجذرة من الصعب قلعها ، واخرى قابلة للتغيير والتعديل كالثقافة وقبول الاعلام الجديد وتداول السلطة والحقوق المدنية وبلورة مجتمع مدني يتشكل بدوافع الحاجة والابتكار معاً  الصراع بين الثابت والمتحول في البنية الفردية للاشخاص والجمهور  الممتحن كل حين بقبول تغيبر السائد الثابت القيمي ،  امام هذه المقدمة الجوهرية الطويلة التي وجدت لابد من تثبيتها لتحديد مرتكزات فهم حرية الافراد والمجتمعات ولا افول مجتمع واحد يبرز التناقض في الفهم لفكرة حرية الاعلام ، التي يتبعها متغير الناتج الفردي او الجماعي عبر المؤسسات التي تتولى النشر او البث في الوسائل والوسائط معاً ، هناك بلا شك تحديات تفرض نفسها امام مسوغ او دافع واتجاه لحظات الاسهام في المشاركة في ابداء الرأى فعلا وفكرا جديدا او تعليقا ومشاركة ، نناجها بالتاكيد ازمة كبرى في ذلك تكمن في الاطر والاسيجة المحددة للنشر وفي نوايا ملاحقة السحاب الذي يسعى اليه الضانون أن السقف الحالي  يمنعهم من الكلام المرسل باشكال مختلفة سواء مكتوب او بالصوت او الصورة كلها رسائل تبغي الوصول لاهدافها ومراميها ،  و لايوجد في الحقيقة من يتخيل انه حر تماما فيما يقول لينشر او يبث ما يريد دون اطار المسؤولية ،  لانك تبغي إحداث الاثر في الاخرين افراد او مجاميع ، وكما ينصح المتشددون اامؤمنون بنظرية المسؤولية الاجتماعية في الاعلام بان ليس كل ما يعرف يقال ، الذي يتعلمه اي داخل لابواب أية مؤسسة اعلامية ، قولا او عرفاً  ، لانك حين تدخل تلك الابواب للمؤسسات تعرف ان رايك ينصهر باهداف قيام المؤسسة ومالكها ووجودها حتما ، في وقت يرى الليبراليون أن حرية الكلام والاراء هي هدف في حد ذاته ، ويكون مكانهم في الاغلب في الوسائط مرتعا لهم و التي لم تترك تماماً كما يتخيل ووضعت لها قوانين منظمة ، لا معنى بان الاعلام والنشر حر بالكامل لانه مقيد بالقوانين التي تضعها الدول والمؤسسات التي اوجدت تلك الوسائط ، والا كيف يفسر عشرات القضايا التي تثار في المحاكم الان وانخرط فيها جيوش من المحامين والقضاة  الذين يجمعون ملفات القضايا حول النشر ؟

أن فهم حرية الاعلام المطلقة لا تجد قطعا من يؤيدها إلا قلة. لانها تصطدم بمبدأ (  أن حريتك تنتهي حين تبدأ حرية الاخرين ) ،   وهذا قيد اخلاقي وقانوني تدعمه القوانين التي تنظم النشر التي تغلّظ العقوبات على التمادي باستخدام مفردات نابية واعتماد القذق والذم للاخر الذي يحميه القانون أيضاً  لكن ثمة فوضى ومجانية سائدة لدى كروبات النشر التي تجد من بتبناها دون روادع منصفة للاخرين والمجتمع ، وهي قضية اشكالية في بعدها الذي يتخطى السيادة الوطنية ويكون عابراً للقارات إحياناً ، في الاعلام الحديث الذي يشكل تحدياً جديداً  بدات الحاجة الى فقه جديد للتعامل معه ، لاسيما في التعرض لمنظومات دبنية واخلاقية ومعتقدية وطائفية وعشائرية ومناطقية حتى تاريخية ،  لقد تاخر فقه الاعلام في تفسير الظواهر التي رافقت تطور النشر واتساع صوره ، في استصدار التشريعات اللازمة التي  في اطارها توقف الفوضى العارمة،   وتوجيه التفكير السائد بين الناس التي تسهم في خلق مركبات خطرة تهدم. البنية الاخلاقية والوطنية والحماية المجتمعية تحتاج دون شك إلى جهد نوعي لادراكها والتشريع لها ، كي تجب هذه الفوضى وتردعها ، وتحمي المجتمع في ظل اطار قانوني نافذ يؤسس لعقد وطني في الاعلام ويحد من الاختراقات .

المشـاهدات 287   تاريخ الإضافـة 04/09/2019   رقم المحتوى 716
أضف تقييـم