الخميس 2024/3/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
أطياف صناعة الرواية في الغرب
أطياف صناعة الرواية في الغرب
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب سعيد هلال الشريفي
النـص :

كنت أعتقد باطمئنان لايشوبه الشك, بأن الكتابة الروائية موهبة فردية خالصة, تختص بها فئة محدودة من البشر تلازمهم منذ ولادتهم, شأنها في ذلك شأن بقية الفنون الراقية الأخرى, كنظم الشعر, والرسم, والغناء, إلى أن هزت قناعتي دراسة مطولة, نشرتها صحيفة «لوتان» السويسرية في عددها الصادر مؤخرا تكشف الكثير من المستور الذي لم نكن نعرفه بدقة عن عالم الكتابة والنشر, وأن الكتابة الروائية, أو ما يسمى أصلا, «السرد القصصي», صناعة غربية بامتياز, لاسيما في الثقافة الأنغلوسكسونية, وأن الأمر لايتعدى كونه مهارات حرفية  تكتسبها أغلبية الطامحين للكتابة الروائية داخل ورشات تدريب, يقيمها العديد من الجامعات في بريطانيا والولايات المتحدة, وفيها تخرج الكثير من الأدباء الذين تكاتفت مع بعضهم وسائل الإعلام الكبرى, فأوصلتهم إلى ذروة الشهرة العالمية.

تطالعنا الدراسة بحقائق مذهلة: 80% من كبار الكتاب في الغرب, خضعت رواياتهم الأولى, ليس فقط  لتنقيح لغوي صارم, بل لإضافة مشاهد, وحذف أخرى, وتعديلات جوهرية, بناء على طلب لجان القراءة, كانت تطول في كثير من الأحيان بنية الرواية ذاتها, أي إعادة هيكلتها من جديد.

تمضي الدراسة إلى أبعد من ذلك حين نكتشف مثلا أن جامعة «أيوا» الأمريكية قد أنشأت ورشة تدريب creative writing studies ou writer’s workshop  في هذا الشأن عام 1936,

وأن الكاتب  كورت فون غوت صاحب رواية (المسلخ 5) كان يدير ورشة كتابة, ومن تلامذته نتعرف إلى الكاتب الأمريكي الشهير جون ايرفينغ صاحب رواية (العالم  من منظور غارب), والذي صار بدوره بعد سنوات من الشهرة مدرباً في الجامعة, وتتلمذ على يديه الكاتب الأمريكي ت.سي. بويل صاحب رواية ( مياه الموسيقا)... نقرأ أيضا في سجلات ورشات التدريب التي أقامتها الجامعة منذ ذلك التاريخ فنفاجأ بأسماء بعضها لايزال يتصدر القائمة الأولى لمرشحي جائزة نوبل للآداب منذ سنوات, مثل الكاتب الأمريكي فيليب روث, جوناثان سافران فوير, يان ماكايوان, جوزيف بويدن, والكاتبة جويس كارول واتيز.

تذكرت فور الانتهاء من قراءة هذه الدراسة القيمة, حواراً أجراه برنار بيفو, مقدم أهم برنامج ثقافي «أبوستروف» في التلفزيون الفرنسي, حين استضاف كاتبة رواية «غربان حلب» الذي تصدر خلال الأسبوع الأول من نزوله المكتبات عام 1988, رأس قائمة المبيعات «بيست سيللر», وكيف كانت تتلعثم بالكلمات, وتستخدم مفردات وجملاً ركيكة, لا تستقيم مع المستوى اللغوي الأدبي الرفيع الذي تميز به كتابها.

الآن اتضحت الصورة لنا جميعا, ولم تعد ثمة حاجة للوقوف أمام أسئلة لغزية بعد الآن.

المشـاهدات 644   تاريخ الإضافـة 04/07/2020   رقم المحتوى 7820
أضف تقييـم