الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
رأي في الموازنة العامة رشـدوا الانفـاق وتوسعوا فيـه .. غيروا سعر صرف الدينـار العراقي
رأي في الموازنة العامة رشـدوا الانفـاق وتوسعوا فيـه .. غيروا سعر صرف الدينـار العراقي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.عبد الباسط تركي سعيد
النـص :

لم يشهد الاقتصاد العراقي ولعقود خلت ازمة كالتي وضع فيها الان. واجهت الموازنة العامة في سنواتها المختلفة اشكاليه العجز الحقيقي وأحيانا تعاني عجز كبير، وكان مصدر هذا العجز باستمرار وبخاصة بعد اتفاقية مناصفة الأرباح مع شركات النفط في النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي، هو تراجع الإيرادات النفطية يقابلها طموحات سياسية في مزيد من الانفاق العام! وعند بروز هذا الاشكال تتصدر وثيقة الموازنة العامة وقانونها سجلات النقاش في أروقة صنع القرار والمهتمين بالشأن الاقتصادي. لم تعد الموازنة العامة في العراق أداة لإدارة مالية فاعلة بكل مفاصلها كما كان يجب ان تكون، بل استمر ينظر اليها باعتبارها صندوق للتمويل فقط. وفي حال ادراك متخذ القرار لوجود وفرة في الخزينة العامة فهو يقوم بمحاولة التوسع في الانفاق حتى متجاوزا على التخصيصات المصادق عليها في الموازنة العامة عبر اصدار قوانين وقرارات لمزيد من الانفاق، والإشكالية لدى متخذ القرار دائما هي في توفير التمويل للإنفاق وبخاصه الانفاق الاني وليس محاولة إعادة النظر في تفعيل دور الموازنة بإدارة السياسة المالية ، بل وبلغ الامر منتهاه في عدم اصدار قانون للموازنة العامة أصلا كما حدث في عام 2014 وما لا نتمناه هو عدم المصادقة عليها لعام 2020 . استمرت الموازنة العامة ولأغلب السنوات منذ عام 2003 ولحد الان بالتخطيط لعجز، حتى وان انتهت بفائض فعلي لغاية 2013 حيث تحولت بعدها ولغايه 2019 لعجز فعلي أيضا تآكل معه الاحتياطي لدى الخزينه العامة.عندما يستمر التخطيط لمزيد من الانفاق الجاري (توسع في الانفاق المصادق عليه في قانون الموازنه) فأن ذلك سيقود الى توسع فعلي وصرف حقيقي في الانفاق العام للسنوات التالية حيث يرتبط  التوسع في الانفاق المخطط بإجازة للإدارات العامة لمزيد من الالتزامات التي لا يمكنها التراجع عنها جميعا عندما لا تتمكن من تأمين التمويل اللازم لتغطيتها ، فعندما كان الانفاق المخطط  عام 2006 مصادق عليه بمبلغ 50,963 ترليون دينار كان الانفاق الفعلي  49.7 تريليون دينار , وعندما استمر المخطط بالتزايد لغاية 138 تريليون دينار عام 2013 كان الفعلي 131.2ترليون دينار فمن المستحيل على إدارة الموازنة العودة الى ما كانت عليه من انفاق فعلي لعام 2012 او حتى 2011 (94.109 تريليون دينار على التوالي ) مالم تمارس تعطيلا استثنائيا للاقتصاد . وهذا ما حدث لاحقا، اذ ان تقليص الانفاق العام يعني تخفيض للطلب الكلي وبالتالي تزايد من البطالة والكساد.في ظل الازمة الحالية فان المبادئ التقليديه للسياسه الماليه تتطلب عند التصدي لها تقليص الانفاق العام وزيادة الإيرادات. ولكن في بلد تبلغ به البطالة هذا الحد الاستثنائي منذ عقود ووصلت انعكاساتها الاجتماعية المدى التي هي عليه الان , المطلوب هو زيادة الانفاق العام وليس تقليصه واذا كانت حجة  من يرون ان ذلك لا يمكن ان يكون فعال في ظل الفساد المستشري فان المطلوب هو ترشيد هذا الانفاق وتأمين وصوله الى الغرض الذي اعد من اجله. ان الفساد الذي يضرب عقود بناء المستشفيات والتجهيزات الطبية يجب ان لا يدفع الى قطع التخصيص لهذا القطاع بل هو في البحث عن السبيل الى استخدام الأموال المخصصة له وبتزايد مع ضمان انفاقها في مواقعها الصحيحة. ان خطر تقليص الانفاق ينعكس بمزيد من تغول الفساد وشراسه مؤسسته , فلم يعد تقليص الانفاق العام, الان وفي الظروف السائدة فعال  في تجفيف (منابع الفساد).المطلوب هو التأكد من بناء المستشفى والتجهيز السليم لها وليس منع بناءها بحجة ما يترتب على عمليات البناء والتجهيز من فساد في عقود بناء او تجهيز المستشفيات مثلا.اما جانب الإيرادات العامة فان الموازنة العامة استمرت تغطي عجزها من خلال المديونية لتي تذهب دائما لتغطية نفقات غير استثمارية، وقدر تعلق الامر بالإيرادات فان ما يوفره تغيير سعر صرف الدينار العراقي 1 بالقياس الى ما هو عليه الان من سعر (مقابل الدولار الأمريكي) سيسهم في تغطية هذا العجز دون أي شروط تفرضها الجهات المقرضة ويعتبر الحل الأقل تكلفة على الاقتصاد العراقي وسيؤدي (من خلال تزايد الكتلة النقدية في التداول أيضا) الى تسارع الطلب الفعال في الاقتصاد.ويعترف اخرون بإلامكانيه التمويليه لتغيير سعر الصرف الا انهم يخشون من تضخم حجم الالتزامات الخارجية الواجب سدادها في جداول الموازنة العامة، أي اذا كان على العراق ان يسدد مبلغ 100مليون دولار في موازنة السنة الحالية فان ما سوف يثبت في جداول نفقات الموازنه العامه هو مبلغ 120000مليار دينار عراقي (بسعر 1200:1 ) في حين اذا خفض سعر صرف الدينار العراقي فان المبلغ المطلوب تخصيصه في الموازنة سيكون اكثر من 120مليار دينار ومن هنا يرون ان عوائد تغيير سعر الصرف للموازنة العامة سوف يتأكل جزء مهم منها لتغطيه هذه الالتزامات, بالإضافة لتضخيمه لمبلغ العجز والحقيقة ان هذا الكلام غير صحيح الا بما يتعلق بتثبيته في السجلات،اما من الناحية الفعلية فأن السداد للخارج سيكون بالعملة الأجنبية وهي العملة التي تتوفر للعراق من خلال الصادرات النفطية  بغض النظر عن سعر الصرف السائد الان او في المستقبل ومبالغ العمله الاجنبيه مسجله أيضا  في حساب خاص لتغطيه الاعتمادات والالتزامات الأخرى مع الخارج فالفرق الذي ستحصل عليه الموازنة العامة من موارد من خلال تغيير سعر الصرف ستذهب فقط لتمويل الإنفاق الفعلي بالدينار العراقي . ولن تستطيع ايه اداره من مواجهه اشكاليه التمويل لغرض تشغيل الاقتصاد وتقديم الخدمات اواقامه البنى التحتيه الضروريه فقط بالاضافه الى تامين الرواتب الشهريه (كما نرى) الا من خلال تغير سعر الصرف , وما نخشاه هو ان تلجاء اليه الإدارة بعد ان تغرق الحكومة بالمديونية الخارجية والداخلية وبعد تعطل وفقدا فرصه النهوض بالخدمات العامة المتأكلة وتشغيل وتفعيل المشاريع العامة القائمة او الملتزم بها حاليا في الأقل .

 (1) تلاحظ مقالتنا التفصيلية عن الاثار الأخرى لتغيير سعر الصرف.-

المشـاهدات 1725   تاريخ الإضافـة 04/07/2020   رقم المحتوى 7825
أضف تقييـم