السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
علي ..  الانسان والأسطورة
علي ..  الانسان والأسطورة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد الحميد الصائح
النـص :

اتردد كثيراً في الخوض بغمار قضايا دينية خلافية ، ليس جهلا بها؛ فلايوجد ماهو  أوضح من الدين ، وليس عصيّاً إكتشافُ الملفقين والمزورين وخطباء الحقائب الذين يملأون المنابر ووسائل الاعلام ويسفّهون المقدسات والقيم الروحية بالتخاريف والمبالغات و(تقديس المشيطن وشيطنة المقدس) ،لكنّ السبب في تجاهل مايدور  أنّ البعض يحاول أنْ يجعل من الدين تخصصاً وظيفياً  يحتكرُ الإجابة على الاسئلة كلها ، المباح منها والمحرّم ، حتى شهدت المجتمعات الاسلامية  خصوصا في العراق انتاجا عجيباً يثير الفزع للمقدسات ،أشخاصا وتجمعات . 

هذا التغييب والتجهيل الذي اصبح ثقافة تنتجها وتشجع عليها زمرة من المستثمرين في الجهل ، و(علماء) حشّاشة ،لاضوابط تحدهم ولاتمييز بين المقامر والمتآمر منهم . هؤلاء هم السبب الرئيس الآن في تشويش عقول الشباب ، تسويق الروايات (المتقدسة) حتى وان كانت عن البول و الغائط  و أجنحة الأنبياء و مركبات الائمة الفضائية والطب ، وإحياء الموتى ، وعبادة أعمدة الكهرباء والخرفان  والقنادر والاواني المنزلية! ومالم يحدث في اكثر مراحل الشعوب انحطاطا وتخلفاً ، خطاب خطير مُهين للدين وللمقدسات الحقيقية، مدعوم من المجرمين والمتآمرين الذين يريدون للإسلام أن يكون مثار تندّر وسخرية بين الأمم والشعوب . 

وعليه نرى مايتعرض له المصلحون المخلصون الذين يسعون لتقديم صورة معاصرة للدين بوصفه ملجأً روحيا آمنا لايبتعد كثيراً عن ركائز الاصلاح والبحث العلمي في عالم الافتراض والوهم وتدليس الحقائق، لتجريد الايمان الحقيقي معتقداتٍ ونصوصاً وثوابت وضوابط من أئمة الحقائب والبطالة واشاعة الكراهية وفتاوى الاباحة والتكفير المعروضة حسب الطلب ، اولئك الذين نجّسوا كلام الله باستخدامه في الحيلة، ونجّسوا سير الائمة العطرة بتهويل بركاتهم ،وسوّقوا حب الناس لاهل البيت والنبي لاسيما امير المؤمنين علي عليه السلام وأبناؤه وماجرى عليهم  ويضعونه في قوالب من الاكاذيب والترهات .

  الفكرة هنا في ظل ذلك : أن لعلي مراتب واقعية في التاريخ ، ومراتب مفترضة من الخيال وتحميل مالا يعقل من الغلو والتوهيم المعمّد بالخرافة . وهذا أمر طبيعي مع اي شخص في الوجود يتحول الى اسطورة ، الاسطورة في كل الاحوال هي انتاج المخيال الشعبي الذي يضفي عليها من الفخامة والتقديس واختلاق الحكايات. ومن الطبيعي أنْ تحظى شخصية عظيمة مثل الامام علي عليه السلام  الذي نَهل من سيرته وعِلْمه وتجاربه مفكرون ومؤسسات حقوقية دولية غير اسلامية ، من الطبيعي أن يكون مركزا للأسطرة والافتراض والتأويل. الواجب اليوم على الباحثين الاسلاميين الشجعان ، فك الاشتباك بين المُأوّل والحقيقي .. وانا ارى كباحث ان ذلك  في صالح عظمة الامام علي للاسباب التالية :  ان علي أوضحُ شخصية في الاسلام ، وهذا توصيف وليس انحيازاَ ، وسبب الوضوح هذا   أن سيرته  كلها مدعّمة بالآثار وليس بالروايات حيث يشتغل المخيال الشعبي والمبالغات في مناخ الرواية أكثر من الاثر ، وهو الامام الوحيد الذي ترك كتابا  وآثارا وحقائق عن معارك وتعاليم ودستور دولة وقصائد وتجارب من انجازه الشخصي بنفسه وليس وحياً يوحى ، وعليه فان البحث عن علي الحقيقي سيجعل منه معجزة وليس اسطورة ، من حيث أنّ المعجزة تَحقٌّقْ فيما الاسطورةُ افتراضْ .  لتتضح  تاريخيا وليس ذهنيا القيم الاصلاحية الثورية الانسانية لعلي على الصعيدين العملي القيادي المباشر و الديني الايماني الغيبي معا ،  خلاف ذلك إن تأويل علي عليه السلام  ليس في صالح الأمة والتاريخ والشيعة تحديدا ، فالانسان لايستفيد من السوبرمان بقدر ما يستفيد من الطبيب والحكيم ، وعلي الإنسان مفيد بينما علي السوبرمان مضرْ . الاول يكرّم الإنسان وينصرٌ الدين ويُقيم الفضيلة ويُنتج مجتمعاً فاضلاً ، مجتمعا لاينتجه  السوبرمان  الذي ينتظر اتباعه الكسالى عند باب العرش ليشفع لهم بغض النظر عن رذائلهم وخطاياهم. هذه الجهود الحرة الشجاعة  لن يخشى نتائجَها المحبون الحقيقيون للإمام بقدرماتخشاها جوقة المطبلين والمرعوبين والجهلة ، تخشى انتزاع دين العقل والحرية  من دين النصوص ،ودين الأثر الصريح من دين الرواية والتخريف ،دين الروح والتطهير والتقوى من  الدين السِلعي ، وفقهاء السوق الذين يحقنون المتعصبين بالاوهام ، ويبيعون الاطمئنان على الخائفين..

المشـاهدات 454   تاريخ الإضافـة 04/07/2020   رقم المحتوى 7826
أضف تقييـم