الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
( لا خـَبـَر ) ... كأنَّ الحَمَامَ أضاعَ الرسائِل
( لا خـَبـَر ) ... كأنَّ الحَمَامَ أضاعَ الرسائِل
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب نامق عبد ذيب 
النـص :

ما لي كُلـّما أغتربَتْ روحي

أحدّقُ في السّماءِ باحثاً عن طيور ٍ عابرة

ما للرياح ِ تأخذني إلى غيومِها

فتورّطـُني هناكَ بمطر ٍ خديج

ما للبساتين تفضحُ ضَعْفي أمامَ قــُبـّرة ٍ تائهة

ما للأغاني تتكوّمُ مثلَ رمال ٍعلى شفتي

ما للأشياء تـُبعدُني عن مُسمّياتِها

أفكـّرُ في الرّبابَةِ

وأرسمُ على حائطٍ سَلـّة ً من حِراب

كأنني لستُ أعرفُ أغنـّي

كأنّ عليّ أن أكسِرَ القفصَ لأمتحنَ قلبي

لطالما غنــّيتُ حتى صمتـَتِ الريح

لطالما خرجْتُ من الأغاني

وأنا أحضنُ آهتي بيدين ِ مِن نايات

أكانَ عليّ أن أصدّقَ ما يقولـُهُ الرعاة ُ عن الغيوم ؟

قلتُ للرّبابةِ هؤلاءِ يسرقونـَنا

هم ورّطوا الغيومَ بربيع ٍ لا تعرفـُهُ ...

أخذوا الخيولَ إلى إسطبلاتِهم

ومنعوها من الصهيل

أخذوني إلى الحفـْـل لأغني عن الحبّ

ولكنّ الصدى أعادَ ليَ الأغانيَ وهي تشهقُ في العاصفة

كانتِ الأكاذيبُ تتجمّعُ مثلَ سَخـَـام ٍ في الجرائد

كانتِ الجرائدُ تخرجُ ملفوفة ً مثلَ جراح ٍ في الضمادات

والسيداتُ يبكينَ على نجومِهنّ التي تــُساقطـُ

ضوءَ أيامِهنّ في السواد ..

هل كذبِـَتـْني الأغاني ؟

هل أخذتـْني الربابة ُ إلى ما لا أعرفـُهُ من الصحراء ؟

أنا ابنـُكِ أيتها العتاباتُ التائهة ُ بينَ بروج الليالي الوحيدة

أنا ابنـُكِ أيتها العباءاتُ المرفرفة ُ في وهج النهارات السعيدة

أنا ابنُ الحكاياتِ تـُؤخـّرُ نهاياتِها إلى أنْ أنام

أنا ابنُ الليالي

أتوحّدُ في سوادِها ،

ولكنّ الفلكيَّ يُعدّدُني في النجومِ

حفظتُ حُمْرة َ الوردةِ من شوكةِ الأصابع الغادرة

وخرجتُ أقودُ السّحـَابة َ بغفلةٍ عن الرُّعاةِ

إلى زهرةٍ في الفلاةِ البعيدة ..

وحينَ رأيتُ رؤوسَ الحِرابِ

تمدّ أعناقـَها في النشيدِ البعيد

هربتُ من المدرسة...

كانتِ الموشحاتُ تركضُ خلفَ الكمنجات

والكمنجاتُ تحني ظهورَها خائفة ً من عصا المُعلـّم

والمعلـّمُ يغلقُ الشبابيكَ خوفاً على الأغاني

من المارشات …

ألأنني ارتجفتُ ضربَني المُعلـّمُ على رؤوس أصابعي ..؟

كانَ النشيدُ مُربـِكاً

كانَ النشيدُ ممتلئاً بالدماءِ التي سربلتــْني

وحين التفتُّ إلى صاحبي

كانَ يهربُ …

والصباحُ في ساحةِ المدرسةِ أسودُ كعباءَةِ أمّي

كانتْ ( بلادي ) هناكَ مُعلـّقة ً بين ساريتين ِ ترتجفان :

الأولى تقفُ عارية ً في الفراغ

والثانية ُ تعدّدتْ في المشانق

كلّ مِشنقة ٍ تشنقُ أخرى

كل مِشنقةٍ أحقادُها تترى

كأنَّ بلادََنا جهنمُ الكُبْرى

كأنّ بلادَنا هربتْ …

كأنّ الأغانيَ السعيدة َ

لم تكن أغانيَ سعيدة ً

كأنّ ( لا خـَبـَر َ) يأتي من الجميلاتِ

وهن يرقصْنَ في المساءاتِ على خُدودِ أحبابـِهن

كأنّ أحبابَهنّ خرجوا إلى الدّبْكةِ وتاهوا في غـُبارها

( لا خـَبـَر َ ) أيتها الكمنـْجاتُ يُخـْبـِرُ مُعلـّمـَنا

بأنّ الموسيقى هربتْ من حماقةِ المارشاتِ باكية ً

بكامل ِ أشجانِها …

( لا خـَبـَرَ ) …

كأنّ الحَمَامَ أضاعَ الرسائلَ

كأنّ موزّعَ البريدِ أضاعَ الحقائبَ

كأنّ الخيولَ - في طريقِها إلى الحرب -

أعارتْ صهيلـَها لنسوةٍ ثاكلات

كأنـّي أحدّقُ بينَ عيني غـُراب

فأرى جمرة ً في الخراب

فأرى زهرة ً في السّراب

فأرى المناديلَ مرمية ً في التـُّراب

فأرى الحامضَ – الحُلـْوَ مُكلـّلا ً بالذباب

فأرى الشموعَ مُطفأة ً في الغياب

……

……

……

( لا خـَبـَر )

المشـاهدات 655   تاريخ الإضافـة 05/07/2020   رقم المحتوى 7871
أضف تقييـم