الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
على ورق الورد البرامج التلفزيونية ..وأهدافها
على ورق الورد البرامج التلفزيونية ..وأهدافها
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منذر عبد الحر
النـص :

في طفولتي كنت , مع أبناء جيلي , نتابع برامج الأطفال بشكل يومي والتي تبدأ بعد تلاوة من القرآن الكريم التي يستهل بها بث التلفزيون في السادسة مساء وينتهي في الثانية عشرة ليلا , وكانت فترة برامج الأطفال تبدأ قبل السادسة والربع مساء وتستمر حتى السابعة مساء , تتضمن مجموعة من أفلام الكارتون الخفيفة المسلية مع برامج منوعة تأخذ الطابع التربوي المفيد للطفل والأسرة , وهكذا كنا نشاهد يوميا هذه الفترة بإصغاء وفرح ومحبة , وهكذا صارت لنا رموزنا الكارتونية المحببة لنا والتي نشعر معها بالألفة والحميمية وهي تجسد لنا قيما تقدّم لنا بأسلوب سهل بسيط شيّق .

وهكذا ظلت الصورة الذهنية ماثلة فينا منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما حتى دهمتنا الفضائيات الجديدة التي جاءت سيلا كاسحا في زمن الانفتاح واللاثبات وذوبان الحدود , فألغت هذه الفترة العذبة الجميلة , وأعني "فترة برامج الأطفال " وهذه هي التسمية التي شاعت ورسخت في ذاكرتنا .

لقد ظهرت قنوات متخصصة للأطفال , ومعظمها قنوات تربوية نظيفة تحمل ممارسات إنسانية وبرامج ترفيهية وأفلاما تروي حكايات ٍ مستلهمة من التراث أو من الأدب الحكائي العالمي وقد جسّدت بأسلوب شيّق سلس مقبول لدى عموم الأطفال الذين أدمنوا مشاهدة هذه القنوات التي أسعدتنا كآباء , وأصبحنا نروي لهم فتراتنا القصيرة الفقيرة التي كانت مخصصة لطفولاتنا البسيطة , ولكن ما أثار الريبة والاستغراب أن هناك قنوات مخصصة للأطفال أصبحت تتجاوز الحدود التربوية وتخرج بالأطفال إلى منطقة وعي في غاية الخطورة , وقد تجلّت هذه الأهداف من خلال مستويين في العروض الأول يخص القضايا العاطفية والممارسات التي قد تزرع الأسئلة الوقحة المبكرة في وعي الطفل وهي يعيش في مجتمع له خصوصيته وله وضعه وقيمه وأخلاقه , ولا أريد الاستطراد في الحديث عن تفاصيل هذا المستوى المريب الذي يشوّش ذهن الطفل ويقوده إلى مناطق محظورة في التساؤل وربما الممارسة الدخيلة على طبيعة عمره وتفهمه للأشياء , أما المستوى الثاني وهو الأخطر فيتجسّد في الإلام الكارتون التي تحتوي على مشاهد رعب ولقطات مخيفة وأجواء لا يمكن للطفل استيعابها , بل ستشكل لديه هاجسا من الخوف والهلع الذي يقوده إلى الرعب وبالتالي تخيّل الأشكال والصور في منامه الأمر الذي يعرّضه لأمراض نفسية خطيرة , إذ لا يمكن لطفل أن يشاهد الوحوش والأشباح والجماجم والمقابر وصور الرعب في عمل كارتوني للأطفال يعرض بعد منتصف الليل !

هل تكون هذه الهجمة الشرسة على أطفالنا غير مقصودة أو نابعة من أهداف نبيلة مدروسة تربويا ؟

أشك في ذلك , لأن التربية السويّة للطفل يجب أن تخضع لمعايير تحمّله للصور وفهمها واستيعابها وتمثلها أحيانا , لا أن أعرض له مشاهد ولقطات لكائن وحشيّ يتغير شكله من منظر مرعب إلى منظر آخر أكثر رعبا , ثم أنقل كائناتي الكارتونية لتتجوّل بين العظام الخاصة بالموتى وشواهد القبور والقتلة الذين يطاردون ضحاياهم , فأي كارتون هذا ..وأية تسلية تسعى إليها أفلام الرعب هذه ؟

علينا جميعا أن نضع حدودا للإستهتار بمصائر أطفالنا , الذين صارت ألعابهم عبارة عن أسلحة وعتاد وأدوات قتل , أصيب بسببها الكثير من الأطفال , على أساس أن العتاد غير مؤذ ٍ لأنه مصنوع من حبات البلاستك الصغيرة , والتي أصابت عيونا فأنلفتها , وعلينا أن نمنع كل الأفلام التي تشوش أذهان أطفالنا وتزرع فيهم الخوف والرعب , وذلك من خلال فضح هذه البرامج والقنوات وكل الذين يقبعون وراءها مستهدفين تعطيل جيل كامل يريونه معزولا خائفا مرعوبا مصابا بالعقد والأمراض الخطيرة .

المشـاهدات 660   تاريخ الإضافـة 05/07/2020   رقم المحتوى 7872
أضف تقييـم