النـص : في مقطع عميق المعنى و الدلالة ، حاد المشاعر و اللهجة يستنطق الشاعر العراقي الراحل " بلند الحيدري " بنود جوهر قصيدته المطوّلة " حوار عبر الأبعاد الثلاثة " المنشورة في العام /1972 ما نصه ؛ " القاعة ذات القاعة / بكراسيها / و بصوت مُناديها / بعيون كلاب الصيد المغروزة في لحم أضاحيها / نفس الياقات البيضاء / و نفس الأحذية اللمّاعة / و الزمن المتخّثر في الساعة / ما زال كما ... / صّه ... لا تحكِ / و اللوحة ما زالت ذات اللوحة منذ العهد التركي / العدل أساس المُلك / ماذا ...؟ / العدل أساس المُلكِ / صّه ... لا تحكِ / كذب ... كذب ... كذب ... كذب / المُلك أساس العدلِ / أن تملك سكيناً تملك حقك في قتلي " ، لتؤكد بوعي مسبّق و جلاء سطوة و قوة " القوة " المتمثلة بالسلطة و التي هي - شئنا أم أبينا - وجه العملة الثاني للسياسة و هي تتقلّد زمام الحكم و السيطرة على مقدّرات الشعوب و تقرير مصائرهم على نحو ما تريد و ترغب ، كنا قد لمسنا و من خلال دراستنا و فحصِنا للكثير من التجارب في المنطقة العربية و بعض مجاوراتها من دول و أنظمة كيف تحوّلت فيها رؤى و تصوّرات و تطبيقات السياسة وفق مفاهيمها الإيديولوجية و مبادئها حال إستلامها للسلطة ، سواء أكان عن طريق الثورات أم الإنقلابات ، أو عن طريق الإنتخابات عبر ما آليات و تطلعات التبادل السلمي للسلطة " ، أو أية طُرقٍ أخرى ، ففي سياق بحوث عدّة أنضوت تحت مظلة ما أسماه الباحث و المفكر د.عبد الحسين شعبان " بصمة حقوق الإنسان " يشير - بوضوح - الى ضرورات محاولة التفريق ما بين من يدّعي بوجوب ما يضمن و يديم حقوق الإنسان في المجتمعات و كيف يجب ترسيخ " إستراتجيات " تطبيقها و العمل بموجبها على أرض الواقع ، بذلك يعني أهمية فرز ما أطلق عليهم " الناشطون الحقيقيون " عن غيرهم من " المزيفون " خاصة بعد عمليات كل ما حصل من إختلاط أوراق و تداخلات أضحت بمثابة إنقلابات و حالات عقوق و تجاوزات جائرة في طبيعة المواقف و التصرّفات و حقيقة ما كان قد يضمر الكثير من السياسيين في دواخلهم ، فيما أنكشفت الأمور و السلوكيات و الممارسات فاضحة ما يعكس حقيقة ما كان يعتمل في نفوسهم و تلافيف أدمغتهم و بنية أفكارهم ، أتضحت وبانت حيال سنحت لهم الظروف و الأحوال أن يكونوا في مواجهة واقعية مع جمهور أحزابهم ، بل قطعات الشعب عموماً ، الذي ما نادت أو طالبت بحقوقهم الشرعيّة و الدستوريّة فلن يكون حالهم و مصيرهم أفضل ممّا كانوا في زمن الديكتاتوريات السابقة و اللاحقة ربما ، يلخص د. شعبان مختصراً عبر معابر تلك المقالات و البحوث آراء قوله بالحرف الواحد ؛ " إن الجميع بمن فيهم بعض الحكام المستبدين و السياسيين المرتكبين و رجال مارسوا القمع ، أصبحوا بين عشيّة و ضحاها من أنصار حقوق الإنسان و من المدافعين " الأشدّاء " عنها، و يلهثون وراء كل كبيرة و صغيرة لتأكيد انتمائهم إليها ؟ أليس في ذلك مفارقة مثيرة للجدل و تحتاج إلى وقفة جدّية للمراجعة ، سواء على ا؟ ، لمستوى العالمي، فضلاً عن امتداداتها على المستوى الإقليمي ، العربي و الوطني للموضوع تكملة في مقالنا " الخميس " القادم .
|