الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 35.95 مئويـة
اغتيال الدكتور هشام الهاشمي.. هل يعتقد القاتل أنه أسكت صوت الحق؟
اغتيال الدكتور هشام الهاشمي.. هل يعتقد القاتل أنه أسكت صوت الحق؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

من المؤلم حقا ان نشهد ظاهرة السعي لاسكات صوت الحق من خلال التصفية الجسدية التي تثير مزيدا من التساؤلات حول الجهة التي تعتقد انها قد حققت انجازا معينا بقتل شخص كل ما فعله من جرم - بنظرهم طبعا - هو أنه تحدث بأمور لا يريدون لأحد الانتباه إليها، وإلا ما الذي فعله شخص مثقف مطلع على أمور وخفايا وربما أسرار تخص العملية الأمنية والجهات الإرهابية التي طالما رصد معلومات عنها وقدمها للجهات المختصة لتقوم بدورها في التعامل مع هذه الجهات، وبالتالي فإنه قدم خدمة وطنية يستحق عليها كل تقدير.

وبغض النظر عن طبيعة هوية القتلة الذين شاهد العالم كله كيفية تنفيذ جريمتهم، وبحرفية عالية تنم عن تمرس وخبرة في الاغتيال والقتل، فإن هذه الجريمة واحدة من صور التعبير عن استياء المعني بأمر رأي معين أطلقه الراحل، ولم يستطع هذا المعني ان يتعامل مع الأمر بسبل سلمية راقية، كأن يرد بحوار أو بيان او رأي مضاد يقدمه أحد المنتمين إليه وبالتالي يفند الرأي ويشعر قائله بأنه على خطأ وانه لم يكن دقيقا في اطلاقه هذا الرأي، وينتهي الأمر بأسلوب حضاري سلمي، لا اراقة فيه للدماء ولا ازهاق ارواح بريئة تخلف ارملة وايتاما، وتولد هاجس رعب يضاف إلى هواجس الرعب المختلفة التي يعيش العراقيون كوابيسها يوميا.

ما الذي حققه القاتل، غير وحشية الفعل ودناءته وايغاله في العنف والجريمة، وهل يعتقد هذا القاتل، انه بإنهاء حياة الراحل الهاشمي قد اسكت صوت الحق أو أخفى الحقيقة، بالعكس، فكل الذين لم يكونوا متابعين للراحل في ارائه وقراءاته للوضع الأمني والسياسي، سيعودون إلى ما أدلى به، وسيشخصون بلا أدنى جهد هوية القاتل وجهة انتمائه وسبب امتعاضه مما قاله الراحل، وهو ليس اكثر من راي شخص فيه ظاهرة معينة من ظواهر تعامل بعض الجهات مع الأحداث، وكيفية تعاطيها مع مصالح الشعب، ومع مصالحها الضيقة.

ان جريمة اغتيال الرأي، ومحاولة تكميم الافواه، واسكات اي صوت يجهر بذكر الحقيقة، أو يشير إلى خطأ ما، هي جريمة تخدش جبين الإنسانية، وترسل رسائل في غاية الخطورة إلى الجميع، وهي ان لا يجرؤ احد على الإشارة لأي خطأ على حساب مصالح العصابات المسلحة التي جعلت العراق نهبا لاهوائها واهواء اسيادها، وبالتالي فإن هذه العصابات ستعاقب صاحب اي رأي يخالف توجهاتها، اما الوطن والمصلحة العامة، ومخافة الله عز وجل، فهي أمور لا وجود لها في قواميسهم الاجرامية، وفي خريطة تعلقهم باذيال من يتبعونه وهم اذلاء خانعين، لا يعرفون غير لغة القتل والاغتيال سبيلا للتعبير عن وحشيتهم.

اما الحكومة والجهات الأمنية المختصة فعليها ان تاخذ دورها الحقيقي لا الإعلامي الاستعراضي الفج الذي صار مستهجنا لدى عموم أبناء الشعب، فاللجان التحقيقية - وليس اللجنة - هي لجان طالما تشكلت حول جرائم سابقة، لكنها لم تعط قرارا ولم تحدد مجرما، بل جاءت لاسقاط فرض، ولادعاء العدالة التي لن تتحقق، طالما هناك عصابات وقوى لا تستطيع الحكومة التعامل بها، لذلك تكتفي بادعاء الغضب والاستنكار وملاحقة الجناة، لكنه يبقى كلاما إعلاميا لا فعل فيه.

لذلك يشعر أصحاب الرأي الحق جميعا بالريبة والخوف والقلق، وهذا حقهم، لأنهم يشاهدون باعينهم ما أدى اليه قول رأي، وربما ستختفي هذه الأصوات وتتوارى عن المشهد حفاظا على الحياة التي صارت مهددة ولارادع لمهدديها، ولا وجود لقوة رسمية تحمي المواطن من السلاح المنفلت.

 

نريد من السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ان يكون بمستوى المسؤولية للتصدي لهذا الملف الخطير، وإن يحدد الجناة بأقرب وقت، وإن لا يطول عمل اللجان التي شكلها، ليعرف الجميع من هو القاتل ولياخذ جزاءه القانوني والانساني والوطني الذي يستحقه، وأن لا تذهب دماء الشهيد هشام الهاشمي ودماء كل الأبرياء هدرا، وإن ياخذ الجناة حقهم مهما كانوا، فإن القانون لا يعلو عليه أحد..

احفظوا العراق من العابثين به، احفظوه من السراق والفاسدين والمتسلطين على رقاب أبنائه بالسلاح المنفلت، الذي لا وازع لضمير فيه. ولا توجه رصاصاته إلا إلى صدور الأبرياء وأصحاب الكلمة الحق والرأي الشجاع.

الرحمة للراحل الهاشمي ولكل شهداء الحرية والفكر الحر والضمير الحي، والخزي والعار لكل القتلة المارقين.

المشـاهدات 688   تاريخ الإضافـة 11/07/2020   رقم المحتوى 8032
أضف تقييـم