الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
جلال الأوقاتي...موعد مع الموت...موعد مع الخلود
جلال الأوقاتي...موعد مع الموت...موعد مع الخلود
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب هدى عبد الحر
النـص :

في محلة النجار خانة ، أحدى محلات كرادة مريم العتيقة ، و تحديدا عند دكان طه  الذي يبعد عن منزله عشرات الخطوات فقط .. وفي  صباح يوم مشؤوم ببغداد السلام التي  لم تعرف السلام لحظتئذ وفي الساعة الثامنة والنصف صباحا يوم 28/شباط / 1963 م وفي جمعة تعطل فيها كل شيء إلاّ الغدر والقتل ...حدثت جريمة نكراء ...كانت مثل قصّ الشريط لجرائم مروعة خسر فيها العراق نخبة لم تعوض إلى الآن.في ذلك الصباح القارص خرج العميد الطيار جلال الأوقاتي مستصحبا ولده الصغير (علي) ذو السنتين ، بسيارته الخاصة ( بونتياك) وكان هو من يقودها  لكنه لم ولن يصل إلى مقصده  ، الذي  أختلف  معاصروه حوله  فهناك من يقول أنه خرج ليجلب: (  الفطور  لعائلته)  أما نجله الأكبر خالد فيقول :( خرج   لشراء صحف البارحة الخميس ) في  هذه الأثناء كانت  العائلة تستعد  لنزهة  مقررة إلى منطقة ( الفحامة) ...تلك النزهة التي تأجلت إلى الأبد...مثلما تأجلت الحياة في العراق كله لعقود طويلة بعد  أن أستولى (الفاشت) على مقاليد الحكم لعقود طويلة.فملامح ذلك اليوم الأسود كانت مختلفة  تماما إذ سرعان ما هاجمه القتلة حيث قطعوا  عليه  الطريق... فترجّل عن  سيارته وقد أستشعر نواياهم ، وابتعد خطوتين عنها خوفا  وحرصا على ولده . عجالوه برصاصهم الغادر.. ثم اقتربوا منه   ليتأكدوا هل بقي  فيه  نبض بجسده ..فقال لهم وهو يودع هذه الحياة : ( خونه ، فاشست)  ثم غاب إلى الأبد ، تجمع أبناء المنطقة على جثته الدامية كما وصفتها زوجته أم خالد ( مرميا على الأرض مضرجا بدمائه ) كانت هذه إجابتها  على اتصال  الزعيم عبد الكريم قاسم(1914-1963)  الذي ردّ عليها  بكلمة واحد...كانت تختصر كل ما سيأتي : ( متأسف) .ركض  خالد  ليرى المأساة الكبيرة بعيون الابن المفجوع المدهوش ،أخرج أخاه  الصغير من السيارة وحُمل الوالد المقتول  إلى سيارة الإسعاف للمستشفى ،بعدها  وصل  الطبيب أنور الأوقاتي شقيقه  ليستلم جثمانه لكن الإجابة  كانت صادمة وبلغة عنجهية وصوت عال اذهب وإلا ّنطرحك قربه ..!!فغُيب جثمانه  حتى الآن ، فقد أريد  لهذا الرجل الكبير أن يغيب عن الأذهان إلى الأبد .. لكن هل غاب الأوقاتي فعلا ...هل غابت السيرة العطرة ...الأوقاتي  المولود في محلة الشواكة العام 1915  في عائلة  عريقة متدينة عُرفت بحبها للعلم  ،تخريج  في الكلية  العسكرية الدورة (12) عام 1934 وكان الأول على دفعته . وما بين عامي (1942-1943) التحق بدورة طيران خاصة في بريطانيا وحصل على الأركان ...شغل العديد من المناصب منها :آمر رف سرب التدريب ، ضابط ركن الجناح الأول ، ضابط ركن في مقر آمرية القوة الجوية ، معاون آمر سرب التدريب ، معلم جوي أقدم في كلية القوة الجوية،  ثم قائدا للقوة قائد القوة الجوية من 14 تموز 1958 إلى 7 شباط 1963  .الآن وبعد 57 سنة على غيابه ....ما يزال الأوقاتي حاضرا في الذاكرة  فقد فات (القتلة الفاشست)  كما وصفهم هو أن الخلود  لا يأتي من قبر ...بل من سيرة ناصعة ووطنية خالصة .فاتهم أن الأوقاتي ...الطيار التقدمي سيعود دائما في أذهان الأجيال حاملا الأمل في عراق مزدهر ...عراق خال من الصباحات المشؤومة .

 

المشـاهدات 1222   تاريخ الإضافـة 13/07/2020   رقم المحتوى 8115
أضف تقييـم