الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
تقاسيم على الهامش
تقاسيم على الهامش
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد السادة البصري
النـص :

(( الإهداء والمدخل .. قراءات متعددة !! ))

ملاحظة :ــ

في العتبة الأولى تحدّثنا عن الشاعر عندما يكتب روايةً ، واستشهدنا برواية الشاعر منذر عبد الحر كأنموذج ، وقلنا سنقرأ ها عتبةً وأخرى ، ألان في العتبة الثانية :ـ

في أغلب المؤلفات وبشتى الأصناف والأشكال ، نجد أن الكاتب قد ابتدأ مؤلفَهُ بإهداء ، قد يكون لأمه وأبيه ، أو لزوجته وأطفاله أو لصديق ما ، أو لمكان وما شابه ذلك ، يعتبر هذا جزء من ردِّ الدَيْن أو الوفاء لمن أسبغ الفضل عليه أثناء مسرته الحياتية أو الأدبية والعلمية !!

كما نجد في بعض المؤلفات مدخلا أو مفتتحاً يقتبسه الكاتب من الكتب السماوية أو أقوال العظماء من الفلاسفة والمفكّرين وغيرهم ، ويجعله بوّابة دخول لعالمه الكتابي !!

في روايته ( غناء سرّي ) منحنا الشاعر الروائي منذر عبد الحر منحيين للولوج منهما إلى عالمه والاستماع إلى دندنة غنائه ، وهما الإهداء والقصيدة المترجمة !!

الإهداء ص3 ــ ما أن نقرأ أولى كلماته حتى ندرك أن الكاتب سيأخذنا في رحلة سردية عبر ذاكرته الحياتية إلى مسقط رأسه في قرية ( الخاص ) الواقعة في قضاء المْدَيْنة ، والتي سمّاها ( شامة الفرات )،، نتوقف هنا لنتأمل قليلا في هذه الجملة ( حيث شهدت ضحكتي الأولى ، وبكائي الأول ) بمعنى ولادته في هذه القرية الغافية على ضفاف الفرات ، بعد ذلك يشرك في إهدائه عشيرته ( آل بو عوض ) أي انه سيتحدث عن القرية هذه بكل ماضيها وكيف كان يعيش فيها أهله وأبناء عمومته ، وسيأخذنا إلى عمق الهور في ليالي منغمسة ببحر الغناء الخرافي ، والذي صوّرها نجوماً وكواكب سابحة في ذلك الفضاء المفعم بالغناء الطالع من بين الضلوع والمعجون بآهات وتداعيات وهواجس النفوس والقلوب والأرواح الهائمة في عتمة ذلك المكان ، ثم يعرّج على عصير حياة الجنوبيين الممتزج والمختلط بكل خلاياهم ( الوجع و الطيبة ) !!

من خلال هذا الإهداء نرسم في مخيلتنا لوحة بانورامية كبيرة لعالم من حيوات سيسردها الكاتب لنا عبر متوالية استذكارية ، أي نتصوّر انه سيمنحنا بطاقة دخول إلى عالمه الحياتي الخاص ، لكن ما أن نقرأ ونتوغل داخل المتن حتى نجد انه قد أوهمنا بإيحاء مغاير جداً ، ليدهشنا بما سيفتحه من أبواب ونوافذ مشرعة على حياة رسمها من وحي خياله ، وهذا يعتبر نقطة في صالحه ــ الكاتب الموهوب هو الذي يجعل من القارئ مشاركا له في حياته الخاصة والعامة بكل تفاصيلها رغم عدم ذكرها بشكل حقيقي ــ !!

بعد الإهداء وما أعطانا من أكثر من مفتاح للقراءة ، نجده قد رسم لنا مدخلا آخر وثيمات أخر عن هذه الرواية ، من خلال القصيدة التي ضمّنها في بداية الرواية والتي يتحدث فيها الشاعر الانكليزي ( ايدموند جارلس بلوندن ) عن أجداده الذين بنوا انكلترا ، والمترجمة من قبل الدكتور ماجد الحيدر !!

القصيدة ص5 ــ 8 :ــ

أولاً تحمل ثريا نص ( الأجداد ) عنواناً ، وهذا إيحاء يضيفه إلى الإهداء لتأكيده وإيضاحه لفكرة السرد السيري ، وبما أنها تتحدث عن الأجداد وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى حيث تجده يكرر لازمة ( هنا ) :ــ

(من هنا مرّوا ،، هنا كدحوا تحت الشمس ،، هنا أخرجوا الطين من جدول الماء ،،هنا صنعت فؤوسهم فضاءً بأرض الغابة ،،  من هذه الكنيسة قادوا عرائسهم ،، ومنها اخرجوا محمولين على الأكتاف ،،،) وصولا إلى :ــ ( أيها الرجال الذين منهم تشرّبت طباعي ،، أنا الآن أتقلب في النعيم ،، جاهلا بمن يصنع العسل ،، قبل زمن طويل ) لم اذكر سوى مقاطع متفرقة من القصيدة ، مؤكدا على الجمل المعنية بذات الإشارة إلى ما أريد الحديث عنه ، وهو تدوين تاريخ العائلة بماضيها وحاضرها وكل ما لها وما عليها ، وهنا اللعبة الذكية التي لعبها منذر عبد الحر من خلال هذين المدخلين ( الإهداء والقصيدة ) ، حيث اخذ يروي لنا بصيغة الروائي العليم ، عبر أنا المتكلّم ، التي ستسرد قصة عائلة ما منذ الطفولة وحتى الصبا والشباب ، بطريقة ( الفلاش باك ) ، لا أريد الحديث عن الرواية لأن هناك عتبات ثلاث !!

الإهداء والقصيدة يجعلان المتلقي يدور في فلك بأكثر من قراءة ومعنى ، هذا ما سنسمعه من غناء سرّي للكاتب وهو يطوف بزورقه المتهادي فوق مياه الهور ذات ليلة صيف !!

المشـاهدات 339   تاريخ الإضافـة 26/07/2020   رقم المحتوى 8289
أضف تقييـم