السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
ندما يفقد الشارع مسرحه
ندما يفقد الشارع مسرحه
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. ذكرى عبد الصاحب
النـص :

فضاء الشارع  الذي انفلت من قيود المسرح التقليدية و تحرره من جدران مسرح العلبة متجاوزاً حدود جغرافيته التي كبلته  برونا وأبعدته عن جمهور اخر  ينتظره والذي بدوره يبث الجمال بشفرات إيقونية منسدلة من ذاكرة موًدين لتتجه صوب المتلقين ليصل الإنسان إلى رموز التطهير الروحي أصبحت  الآن  عروض الشارع واقعاً ملموساً متكامل الجمال في تناغم مكوناته بعد تطور الفكر البشري فلم يعد الممثل بجسده العاري وحده قادرا على ايصال رسالته الكاملة للمتلقي فقد اكتملت الصورة بالتعاون مابين الممثل وبيئته ليعطي مؤشراً اقرب وادق للحدث الدرامي الذي يعيش إيقاعه المتلقي قبل الممثل لأن التفاعل يرجع إلى الممثل أخيراً فيحسه المتلقي بمقدار أدائه وتمكنه من الدور المسند اليه إن العلاقة بين المسرح والجمهور تشكلها التفاعلية عبر تلك المسافات الجمالية مهما اختلفت الفضاءات وقد حقق مسرح الشارع هذه الصفة وربط المسرح بعلاقات متشعبة أكثر تواصلاً وتفاعلاً بين فريقي الارسال والتلقي وهنا يكمن جوهر المسرح بتجاوزه تلك المساحات المحدودة ليصبح فناً كونياً موظفاً قدرة الإنسان ومعطيات التكنولوجيا الحديثة بما وفرته له من إمكانات لإلغاء الحدود وتسيير عملية التواصل مع الآخر من خلال أجهزتها وأدواتها وبرامجها الرقمية التي أصبحت اليوم وسائلنا الميسرة لحياتنا المعاصرة فناً وجمالاً وتأثيراً ورغم كل هذا وكل الأشكال الجديدة التي طرأت في فن المسرح وجعلته حاضراً  منافساً  للفنون الأخرى لكن يبقى الحضور الآني والعلاقة المباشرة التي تجمع الفنان ومتلقيه معاً بشكل مباشر وآني تعد سمة مميزة لفن المسرح ونبضه الذي تفتقده مجمل الفنون الأخرى ، لقد أضافت التكنولوجيا تطورات جديدة رسخت العلاقة بين المؤدي والفضاء والمتلقي وأصبحوا في علاقة تكاملية حيث يتوجب على المتلقي إكمال فجوات النص التي يتركها المؤدي الذي يعيش حالة من التفاعل المتبادل بينه وبين الممثل فهو يعايشه ويتابع إيحاءاته وصوته وصمته كما أنه يسعى لتغطية وإكمال تلك الأجزاء الفارغة في بنية المشهد عبر خياله وإضافاته وكفاءة تلقيه ليحول تلك الشفرات إلى دلالات تفيض بالمعاني ..وبحكم هذا الجمهور المتعاطف المتفاعل مع تناغم مكونات العرض المسرحي حيث تكنيكية جسد الممثل الذي لم يعد يقف عارياً  بمكونات بيئته المسرحية  البسيطة ولا بقعة الضوء المتفردة على ممثل يسرد حواره التقليدي حتى يسدل الستار أخيراً فالحياة الحديثة وتمثلاتها الجمالية من مشهد وصورة وملونات ضوئية ديكورية وكاشفة والوان ال (makeup) الزاهية والمعبرة ليست فقط على الوجه والرأس كما كان انحسارها بل هي الأخرى أيضاً انفلتت عن واقعها بانفلات التكنولوجيا والصناعات الحديثة وتوزعت بين مكونات جسد الممثل من خلال تطور الإبداع والفكر البشري وما توصل اليه من ابتكارات وتمظهرات جمالية .. إ  لكن علينا أن لا نوقف عند تلك اللحظة في حياتنا الجمالية بهجرنا لفعاليات هي نبض الحياة فينا فلولاها لم تكن حياتنا قد اكتملت بمعانيها لكننا نصنع الاستحالة كنوع من وجودنا البشري لنتغلب على واقعنا بالتفكير الخصب وإيجاد الحلول بتطوير أدواتنا وما المواقع التواصلية الآن إلا هي التحدي بعينه والإرادة القوية للإنسان فتلك الأدوات هي الحل الأمثل لعدم وئد حياتنا رغم ابتعاد الجهور فهو البديل المؤقت لنا حفاظاً على أرواح مبدعينا ومتلقينا حتى تنجلي تلك الجائحة بعد فترة مستقطعة قصيرة من. لقد أصبح المتلقي في مسرح الشارع يشارك بحضوره ووعيه ليصنع بنية العرض بالاشتراك مع المؤدين إن هذه الحالة التواصلية اوقفت كل ماهو حيوي في حياتنا وبتوقف الحياة باسرها توقفت بدورها مهرجانات عالمية مثل مهرجان افنيون ومنها ما تحول الكترونياً ومنها من استأنف حركته رغم وجود الوباء اللعين كمصر وتونس لكي لا يبتعد المسرحيون عن إبداعهم فقد أصروا على التواصل عبر وسائط وبرامج اتصالية حديثة ومستحدثة وما هي إلا فترة ويرجع المسرح يتنفس الإبداع بتماسه مع جمهور الشارع وصالات المسارح وترجع المشاعر كما كانت تجيش من أول الاعلان حتى التوجه الى ساحات وصالات العرض فيصفق الجمهور بحرارة الوعي ويستل جسده خارجاً كأنه نزع من الهموم جلابيباً كانت قد اثقلته ..

 

المشـاهدات 933   تاريخ الإضافـة 27/07/2020   رقم المحتوى 8328
أضف تقييـم