ربما يكون سؤلاً ساذجاً  عن صُناع حركة احتجاجية مهمة في تاريخ العراق اثبتت للعالم ان العراقيين  لا ينامون على ضيم ولا يقبلون الذل ، وقد رضعوا ثقافة الرفض  للظلم مع حليب امهاتهم .

لكن من المنطقي ان نتسائل عن رجالاتها  وابطالها.

 ومن المنطقي ان نكتب تاريخا لا يشوبه التزوير والتأويل , وان نكتب بشرف عن حركة شرف وطني رفيع مضمخ بدماء الذين سقطوا  كي يسلم شرفهم الرفيع  من  أذى المتسلقين .

 ومن المنطقي ان نؤشر على راكبي الموجات و سماسرة الازمات  والباحثين عن فرص الخديعة .

 فلكل حركة  سياسية في التاريخ  هناك طرفان ... سلطة ومعارضة .

لكن ما نشاهده في احتجاجات تشرين يكسر قاعدةِ السلطة والمعارضة ويتعداها الى مديات هلامية  ..

 فهناك تماهي كبير بين طرفي المعادلة .

 فلا يمكن التمييز بينهما ، فالجميع تشرينيون، ومحتجون يرفضون النظام بما فيهم النظام نفسه.

 فالمتابع للاعلام العراقي ولصفحات التواصل الاجتماعي يرى بوضوح هذا المزيج الغير متجانس.

المتظاهرون يقفون مع مطالبهم والسلطة تقف مع مطالب المتظاهرين !!!

 والسؤال مَنْ  يطالب من ْ ومنْ يتظاهر على مَنْ؟ ومن يريد  أن يُسقط الاخر ؟

 قناة العراقية  تحتفي  بشهداء الاحتجاجات وهي قناة الدولة .. والمتظاهرون يتهمون الدولة بقتلهم .

  المسؤولون يصدرون البيانات لدعم التظاهرات وتأييد مطالب المحتجين !!!

 والمحتجون يملئون الشوارع احتجاجاً على سياسة الدولة  والمسؤلين.

 الطبقة السياسية بما فيها الاحزاب الدينية  تقف بكل ماكنتها الاعلامية مع حقوق المحتجين ، وبنفس الوقت المحتجون يتهمون الاحزاب بقتل رفاقهم واستخدم العنف تجاههم .

 صورة مشوشة  لا يعرف مَنْ  فيها ومن يغيب عنها.

 الجميع يدعي الوصل بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا ...

 لذا  يطرح السؤال مَنْ همُ التشرينيون؟؟

 وماذا يريدون ؟

 هل هم الرابضون في سوح التظاهر الذين رفعوا شعار نريد وطن ؟

أم اؤلئك الذين تسلقوا على ظهور الساحات واستلموا مناصب حكومية مرموقة ؟

هل هم الموجودون في السلطة الان؟

أم  اؤلئك الذين يرفضون الوطن المنقوص ؟

التشرينيون هم الذين ارادوا وطن وارادوا كرامة وبحثوا عن الحياة لصناعتها من جديد .

 التشرينيون اؤلئك النفر الذين فتشوا عن الحرية في خبايا الساحات وفي طيات اعلام العراق المرفوعة فوق رؤوسهم  .

 التشرينيون اؤلئك الذين اخلصوا لشعاراتهم وكانت دمائهم رخيصة في سبيل الحرية والكرامة ..

 التشرينيون لا يبحثون عن الوظائف ولا يريدون وطن الشوارع والبنايات . بل وطن الانسان المكرم ، الذي فضله الله على كثير ٍ مما خلق .

فلا وطن دون  دون كرامة ولا كرامة دون صدق واخلاص .

ومن هنوالتشرينات؟؟

 التشرينيات  النساء اللواتي توسدن تراب قبور ابنائهن من اجل ما قدموه .

التشرينيات تلك النساء اللواتي ترجمن مكنونات صدور المحتجين، ووقفن جنباً الى جنب التشرينين للمطالبة بوطن سلبه الجبابرة .

تظاهرات تشرين ليست مجرد حركة احتجاجية على اداء سياسي فاشل وليست  مجموعة محتجين يطالبون بوظائف وبحقوقهم المشروعة، وان كانت في طياتها هذه المطالب ، بل هي حركة صناعة تاريخ جديد لوطن انهكته الدكتاتورية ودمره الفاسدون .

لذا  التشرينيون  الحقيقيون هم من حمل الوطن هماً وقضية والكرامة عنواناً لمرحلة جديدة لا مكان فيها للسابقين ولا مكان للاحقين .

 ولا هوية لهم سوى هوية الوطن .