الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
قصة مترجمة الشمس خورخي مونتيزا
قصة مترجمة الشمس خورخي مونتيزا
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب ‎ترجمة :د.حيدر هتور عواد
النـص :

قضى الليل باكمله جالسًا على مكتبه ، يزيل ويقوّم الجمل ويكتبها مرة أخرى بحماسة شخص يعتقد أن الكلمات يمكن أن تنقذ أو تدين.في تلك النشوة نام على الكرسي. ولم يستيقظ إلا عندما رن هاتفه الخلوي ودخلت الشمس الساطعة غرفته مصحوبة بضجيج المدينة عبر نافذة بلا ستائر كان قد خرج بمجرد أن تناول القهوة . وبينما يسير في طريق ضيق ، كان يقرأ تلك السطور مرة أخرى. اصطدم بشخص ما ، قام بطي الورقة وأعادها إلى حقيبته. الناس يأتون ويذهبون ، وضجيج السيارات يصرخ والشمس في أوجها حارقة، اتصلوا به من الصحيفة. وهذا  ما يخشاه  ، حيث كانت وظيفته سرد قصص الجريمة ويكتبها بذوق وأسلوب معين.لكن هذه المكالمة ، حسب اعتقاده ، لا علاقة لها بأسلوبه ، بل بما يسميها غالبًا "بالقنبلة". لابد من هناك شيء مثير للاهتمام في الأخبار اكتشفته عين مديره .بالتأكيد هذا ما أعتقده. ومن أجل "الحصول على هذا العصير منه" كان عليه ان يضيف له المطيبات ، كما يعبر عنه مديره ، أراد العبور إلى الجانب الآخر من الطريق ولهيب الشمس يلفح وجهه بالكامل ،  حركة السيارات كانت غزيرة. وخاف ألا يتمكن من عبور الخطوط الاربعه. وأخذ يفكر في تسريع وتيرة خطواته ، لكي ينتهي به الأمر بإخراج تلك الصفحة مرة أخرى ، تلك صفحة ماهي الا ورقة منزوعة من دفتر ملاحظاته. إنها مسودة وقائع وأحداث الجريمة والتي أعاد صياغتها للمرة الثانية عن القضية ، حيث كانت الصيغة الأولى مجرد ملاحظة صغيرة لإبلاغ عن اكتشاف جريمة لم تكن معروفة الدوافع ، اضافة الى انها تفتقر الى دراسة معمقة ومختلفة ، حيث أدرك أن كل نص حتى لو كان صحفي عادة له منطق تفتقر إليه "الحياة الواقعية" ، لذلك فهو يخشى أن تتطابق ملابس رئيسه الفضفاضة مع الحقائق وهذا يعني أنه يريد الاختباء خلفها بشكل غريب . وأخذ يتساءل لماذا كان يفكر بالابن بينما كانت القصة تختمر من دونه! وإن فكر بالتأكيد بذلك ، لأن الخبر كان معروف: هو وفاة رجل الأعمال والسياسي أوزيبيو تيخادا أنه رجل ثري وأرمل وليس له عائلة أخرى إلا بعض الأقارب في المرتفعات الوسطى. تم العثور عليه ميتًا في منزله بعد يومين من عيد ميلاده كان ذلك يوم (السبت) من خلال إصابة في الرأس ناجمة عن أداة حادة وهي(ثقالة ورق من البرونز). يستعرض الصحفي الأحداث في مسودته مرة أخرى.تشير اصابع الاتهام الى صديقان تجادلا معه بصخب (كانا يشربان في الأعلى) حيث حفلة الحزب التي كانت حافلة بخلافات سياسية قديمة ضمت ايضا بعض المومسات اللواتي "مكثن حتى نهاية الحفلة" حسب شهادة الضيوف وأقوال أحد أفراد الخدمة الذين ناموا في المنزل وغادروا فجر (الأحد) دون معرفة أي شيء، يبدو كأنه فيلم مثير لابد أنه فكر في كيفية تحقيق أقصى استفادة منه؟ والا ماهي اسباب ذكر الابن؟ ذلك اللقيط الذي نجح في جعل حياته خارج نظام الأب. ولم يعد يعيش معه منذ ثلاث سنوات ولسوء الحظ في تلك الليلة زاره مع خطيبته ، بقي بضع دقائق فقط وغادر. لأن الأب بدلًا من أن يكون سعيدًا بلقائه، أظهر امتعاضه وانزعاجه.تخيل الصحافي ان الفتاة كانت متوترة وأصبحت غير مرتاحة لوجود "سيدات من الشركة". وسخرية الأب من هشاشتها وانسحابها رأى الصحفي أن الابن أعتبرها بمثابة اهانة إليه وخرج من الباب يصرخ بصوت مكسور لا يسمعه أحد. طبقا للأقوال الشهود ، فإن الأب ظل منفعلا وحاد المزاج ولم يتوقف عن الشرب وأخذ صوته يرتفع. في ظل هذه الظروف وموجة الغضب ، أخذ يطلق على الصديقين تسمية الخونة. لكنهم لم يسكتوا لهذه الاهانة وبدأ الضيوف بالمغادرة. كتب الصحفي هذه السطور في نفس الليلة التي تحدث فيها مع ابنه البالغ من العمر( ٢٥عام) نفس عمره -. حتى اليوم الثالث من الجريمة لم تذكرها أي من وسائل الإعلام كان الابن شابًا لطيفًا ومقتضبًا في حديثه ،ويخفي بصره خلف نظارات حادة ، ويتكلم بكلمات مكسورة ومؤلمة ، يذكر فيها والده ، كيف كان أبويًا و حاسم مفرطًا بالاعتقاد أنه على حق دائما ،قال الابن مبررا ترك المنزل بعد أنهى دراسته التي خططها إليه والده وقرر أن يعيش حياة أخرى لنفسه. قال إن والده اعتبر حياته المهنية هي الطموح الوحيدة الذي سيغمره ، لأنه لم يهتم أن يكون محترفًا.لكنه غادر منزل والده ليصنع حياة أخرى بعيدا عن ديكتاتورية الأب حيث حصل على وظيفة في بلدة صغيرة وعنده خطيبة أيضًا. بعد فترة ، تمكن من الانتقال إلى مدينة أريكويبا حيث منشأه. كانت الأمور تسير على أفضل ما يرام بعد ذلك اقتنع بأن المصالحة مع والده ضرورية. استفاد من اقتراب عيد ميلاده.يكاد الصحفي أن يكون على يقين من أن مرض وهوس رئيسه يستهدف الابن لأن التكهنات المحضة ستزيد من المبيعات.وعند وصله إلى المبنى. وتوقف قليلا.و ضوء الشمس الحارق يغرق النهار.تحتم عليه أن يدخل البناية ويصعد السلم ويكتب بعض الأخبار الساخنة لكنه لم يفعل ذلك. على الرغم من أنه يعلم أنها هذه مجازفة بوظيفته. لكن ما هو الفرق الذي يحدثه؟. ان هذا الابن يستحق التقدير على الرغم من سوء حظه والعودة في اليوم التالي، مازال يحتفظ بمفاتيح المنزل وما زال يجد والده مخمورًا ومتغطرسًا ومازالت تقبع في ذاكرته محنة ثقالة الورق البرونزية. لكن الابن لم يذكر هذا أبدًا ، وهو الشيء الذي يعرفه الصحفي بشكل جيدًا. هذه الكلمات تم مسحها خلال الليل ولم تعد مسودة في سجله تاريخي ، بل مسودة ضمير مونولوجه الذي لن يخدم أي شخص غيره. اخذ ينظر الى السماء وضوء الشمس يؤذي عينيه ويلهب وجهها يا لهذا الشمس الحارقة!!. وضع الورقة مرة أخرى ،و يعبر الشارع أخيرًا ويستدير نحو الظل

من كتاب الظلال في الماء  (٢٠١١)

ولد خورخي مونتيزا أريدوندو في أريكويبا عام١٩٧٧. درس في كلية الآداب في جامعة سان أوجستين ، وهناك حصل على أول اعتراف أدبي له في ألعاب الزهور الجامعية (٢٠٠٠) وهناك اكتسب أيضًا اهتمامًا غير عادي .تم تخفيف قصص من كتاب الظلال في الماء في اللغة وتقنية السرد ، بشكل متناقض ، وذلك بسبب تعامل المؤلف الفعال مع هذه الموارد. عندما تتجاوز اللغة والتقنية القصة ، يشعر القارئ بغياب السرد ، أو أن المشاهد الثابتة تمر أمامها ، أو أن زمن السرد والصراع والنتيجة تمر مرور الكرام. ومع ذلك ، سيكون من اللائق جدًا الإشارة إلى أنها حيلة خالصة

المشـاهدات 1108   تاريخ الإضافـة 10/10/2020   رقم المحتوى 8808
أضف تقييـم