أضيف بواسـطة addustor

الجزء الثالث

 حاوره الشاعر والعازف :عدنان الحسين

 س٩ : لثرائك الثقافي والمعرفي تجليات واضحة في خوالدك الموسيقية وآلياتك التقنية في صياغة جملك الحية الموسيقية، فالذي يتبحر في فضاءات نصوصك السردية الموسيقية يجدك فنان تأملي فلسفي يعيد صياغة النغمات بمنظور فلسفي معرفي ويؤنسن العود؟

الحقيقة أن التأليف الموسيقي في الشكل الذي تفضلت به بسؤالك يكون الفضل لآلة الكمان بالدوزان الغربي الفضل الكبير في التأليف الموسيقي بعد أن درست الكمان الغربي بعد تمكني من العزف على آلة الكمان الشرقي ، درست على يد الأستاذ الكبير أحمد الجوادي رحمه الله وتعمقت في الدراسة وبدأت أسمع الموسيقى الكلاسيكية الغربية  فاختلفت نظرتي إلى الموسيقى بشكلٍ عام وتوسعت مداركي بشكل آخر وجديد ، وبدأت أفكر بشكل أوسع وأعمق ، ومن كثرة ما اصغيت وتأملت لخوالد عظيمة من الموسيقى الكلاسيكية ولمؤلفين كبار مثل موتزارت وبيتهوفن وجايكوفيسكي وماندلسون وشوبان وباجانيني وعشقت مؤلفاتهم العظيمة  لذلك اختلفت عندي الرؤية بالجملة الموسيقية وبنائها البلاغي والأسلوبي والرؤية في التأليف أيضاً ، فبدأت أفكر كيف أطوّر الجملة الموسيقية الشرقية وأجعلها جملة راقية فخمة غنية ومكتنزة ،لتكون بمستوى أومشابهة للجملة الموسيقية الكلاسيكية الغربية فبدأت أفكر في فلسفة الجملة نفسها ، لهذا بدأت لا أكتب جملة اعتيادية تلقائية مباشر وفقيرة المحتوى ، بل جملة تأملية فلسفية فيها تساؤل وثرية ومغدقة بالخيال وموضوعية البناء، كما في نماذج الجمل الكلاسيكية الغربية ، بعدذلك المؤلف الموسيقي الذي لا يقدر على رسم جملة موسيقية تأملية ذات طاقة تعبيرية هائلة ودافقة المعاني ،وتشتمل على الوجدانية وتعابير أخرى وكثيرة وشعور مرهف وحس أسلوبي عالي ، تكون عاجزة عن إيصال الوهج والتفاعل من المستمع ، لأن الموسيقى هي لغة ويجب على المؤلف الموسيقي أن يتكلم بهذه الطلاقة والبلاغة والفصاحة ، وأن يوصل هذه اللغة المكتنزة لمختلف مستويات المتلقي كموسيقى الناس البسطاء ، ويسمعها الجميع كسهل ممتنع في البيت والمقهى والمسرح وفي الاكاديميات لذلك مهمة الفنان المؤلف أن يرتقي ويجتهد من أجل إيصال لغته إلى كل هؤلاء.

س١٠: كما هو واضح لقارئك الموسيقي الفاعل انك وضعت بصمة خاصه في قوالب كلاسيكيه كالسماعيات والقطع الموسيقية والتقاسيم ولكن بصياغة حداثوية مائزة ومحايثة بنيوياً لوعيك المعرفي؟

فعلاً كما تفضلت أنني بدأت أغيّربعض الضغوط  بقالب الجملة الموسيقية خاصة في السماعيات وتجلى ذلك في سماعي حجاز مع آلة الكمان والقانون وبصيغة ثنائية أخرى مع العود والقانون وكان هذا السماعي المهم بعنوان ( من بغداد ) وتجلى فيه عدم كتابة الجملة الموسيقية بشكل رتيب وقالب جامد ، بل بدأت أغيّر بالضغوط الموسيقية داخل البار الواحد حتى أحصل على تكوين جملة جديدة تأملية الوهج و إنسيابية في دفقها الصوتي مشتملة على غالبية عناصر التأثير في المتلقي ، وهذه الأسلوبية التأليفية خلقت لدي جمل موسيقية جديدة ومستجدة في طرحها الدلالي ، وأصبح جلياً للمتلقي الواعي انبثاق وولادة أسلوبي التأليفي الخاص وتكويني للجملة الموسيقية المغاير لكن غير المنقطع عن جذوره التراثية ومغذياته المعرفية ، ومراجعه المدرسية ، بالإضافة إلى استخدامي تقنيات العزف البطيء في تكوين وصياغة الجملة الموسيقية ، فعنصر البطء  يمنح المتلقي فسحات من التأمل وشرفات من الرؤية لعوالم التعبير الموسيقي ، ويمنحه فرصة الولوج في جغرافية المقطوعة ، لتفاعل معه ويكوّن رؤيته الموازية لرؤيتي في المؤلف ورسالتي الفلسفية والمعرفية فيه ، ناهيك عن محمولاته الجمالية ، لهذا خلقت بجمل جديدة وفكر جديد غير تقليدي ومغاير لما تسمعه  من المؤلفين الآخرين في جملهم المستهلة والرديئة ، وهذا في الحقيقة أيضاً يعود للمخزون التراكمي عند المؤلف الموسيقي ومدى تماهيه الفكري وفهمه المعرفي لهذا المخزون ، وهذا الجهد انتج جملاً موسيقية خاصة تحمل بصمتي الجينية الروحية والفكرية ، وأيضاً التمازج الثقافي والحضاري بين الشرق والغرب لأن لكل خزين هويته الثقافية والحضارية ، فمنحني هذه القدرة على التمازج الهارموني البولوفيني المتناسق ، وهذا ينطبق غلى الفنون المتجاورة في آلياتها التعبيرية فالشاعر لن يكون شاعراً كبيراً مؤثراً وفاعلاً إذا كان يفقتقد لخزين شعري متنوع ، والرسام التشكيلي لن يكون فاعلاً في لوحته إذا لم يكن متشرباً لتجارب سابقيه ومدرك وعارف لمدارس الفن وتياراته المتعددة .

المشـاهدات 743   تاريخ الإضافـة 10/10/2020 - 23:05   آخـر تحديـث 29/03/2024 - 02:17   رقم المحتوى 8809
جميـع الحقوق محفوظـة
© www.Addustor.com 2016