الأربعاء 2024/4/24 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
النهج الجديد للسياسة الخارجية العراقية
النهج الجديد للسياسة الخارجية العراقية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد كريم الخاقاني
النـص :

تقيم الدول علاقاتها مع غيرها وذلك من اجل تحقيق مصالحها واهدافها، وبذلك فهي تستخدم كل ادواتها ووسائلها السياسية والإقتصادية والثقافية والدبلوماسية من اجل هذا الغرض، وينطبق الحال هذا على العراق، فهو ينطلق من مبادئ وقواعد لإقامة علاقات متوازنة ومتكافئة مع دول العالم ومن ابرزها، إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.ومنذ عام ٢٠٠٣، إنتهج العراق سياسة مغايرة تماماً عن التي كانت سائدة  في عهد النظام السابق، فمن اجل تغيير الصورة التقليدية التي كان المجتمع الدولي ينظرها للعراق بإنه كان بلداً مهدداً للسلم والأمن الدوليين نتيجة مغامرات غير محسوبة ارتدت على العراق بشكل سلبي وعانى من تبعات قرارات دولية بحقه نتيجة تلك التصرفات العدوانية التي كانت سمة مميزة للنظام السابق، ولإن العمل الخارجي يستلزم جهوداً مضاعفة من اجل قيادة التغيير نحو واقع افضل مغاير لما كانت عليه السياسة الخارجية العراقية آنذاك، فإن الأمر يتطلب جهود مضاعفة لتغيير تلك الصور السلبية وبما ينسجم مع عراق ديمقراطي محب للسلم والأمن الدوليين، فكانت اولى خطوات التغيير تتطلب الإعتماد على كوادر دبلوماسية مؤهلة للقيام بمهام التغيير المرتقب وان كان خطوة اثر خطوة، مع تقديم دعم دولي للجهود العراقية بهذا الإتجاه وتقبل فكرة عودة العراق من جديد لمحيطه الدولي والإقليمي والتفاعل مع الأحداث المتسارعة في المنطقة، واثمرت عن عودة تدريجية لسفارات بعض الدول التي دعمت النظام الجديد في العراق واعادة فتح سفاراتها وقنصلياتها في العاصمة بغداد، ليكون العراق عنصراً فاعلاً ومؤثراً في جميع تفاعلات المنطقة، ولكن من دون تدخل مباشر في شؤون غيرها، ومن اجل تحقيق ذلك التفاعل الجاد، إنتهج العراق سياسة خارجية قائمة على اساس إحداث التوازن في محيطه الإقليمي وإتباع إستراتيجية قائمة على اساس تحقيق المصلحة العراقية العليا تعتمد الإبتعاد عن سياسة المحاور وتفضيل طرف على آخر وبالتالي نكون اقرب الى حالة الحياد الإيجابي في تفاعلات المحيط الإقليمي.واستثمرت الدبلوماسية العراقية كل فرصة ممكنة سنحت لها من اجل إيصال الرؤية العراقية الجديدة المتمثلة بتعزيز العلاقات مع الدول وفقاً لمبادئ القانون الدولي وإحترام مبادئ الأمم المتحدة، واعتمدت الخارجية العراقية منهجاً واقعياً في التعامل مع مختلف القضايا التي واجهتها، كقضية الإرهاب الدولي وتوضيح إنعكاساته على دول المحيط الإقليمي للعراق، فلا يقتصر على حدود الدولة العراقية، بل يشمل كل الدول، ومن اجل ذلك، وضعت الخارجية العراقية خططها لإستثمار هذا الخطر الذي يهدد العالم بإسره لتنبيه الجميع بإن الجميع معرض لآثاره السلبية ولابد من تكاتف الجهود لمحاربته والقضاء عليه، وعليه تم التعاون مع محيطه الإقليمي وفتح قنوات إتصال وإقامة علاقات تعاون مع الكل، فأستعاد العراق علاقاته وبمدة قياسية معها، فالخطر المشترك هو المنطلق الذي اعتمدته الخارجية العراق في إدارتها لمختلف الأزمات، وهذا ينم عن توجه جديد في طرق إدارة الأزمات مع دول الجوار العراقي، فهي قد عرفت كيفية إقناع المجتمع الدولي في محاربة عدوها المشترك الذي تمثل بخطر تنظيم داعش الإرهابي وأثره على سيادة الدول، إذ نجح هذا التنظيم من إحتلال مساحات واسعة من العراق وسوريا في تحدي لشكل الدولة الويستفالية القائمة منذ عام ١٦٤٨، وشعر العالم بخطورة مثل ذلك التحدي، فنجحت الجهود واثمرت عن قيام تحالف دولي لمحاربته، فالخطر المشترك  كان ثمرة رؤية إستشرافية للسياسة الخارجية العراقية، ترى بإن الإرهاب يطال الجميع وليس العراق فقط، ومن هنا فإن تكاتف الجهود ادى الى تحقيق النصر على تنظيم داعش الإرهابي وتحرير المدن العراقية من سطوته،فكان لدبلوماسية الحرب على الإرهاب هي المنطلق لسياسة خارجية طيلة مدة التحرير، وبعدها انتقلت الى إنتهاج دبلوماسية التنمية  كتوجه للهدف الذي يسعى فيه صناع القرار العراقي الى تحقيقه، والحصول على دعم دولي آخر لعمليات النهوض الإقتصادي في البلد وإعادة إعمار المدن المحررة وبالتالي جذب الإستثمارات الى الداخل العراقي وتحقيق التنمية المطلوبة. ويمكننا القول بإن السياسة الخارجية العراقية امتلكت الفاعلية المطلوبة للتفاعل مع تفاعلات المحيط الإقليمي على الرغم من الأزمات المتعددة لبعض الدول، فمن الناحية العملية إنتقلت السياسة الخارجية العراقية من رد الفعل الى القيام بالمبادرة بالفعل، اي بمعنى آخر، عدم الإنتظار لمعرفة رد الفعل إزاء اي فعل يحدث في المنطقة، وهذا ما يعطي إنطباعاً مميزاً للسياسة الخارجية العراقية ونهجها الجديد وإستعادة الدور الإقليمي المؤثر للعراق. وتعمل السياسة الخارجية العراقية على تحقيق اهدافها في المحيط الخارجي عبر الدفاع عن نظام الدولة القائم على اساس ديمقراطي منذ عام ٢٠٠٣، والحفاظ على امن البلاد، والعمل على مكافحة الإرهاب والإستفادة من التجربة العراقية في تحقيق النصر على المجاميع الإرهابية.

المشـاهدات 687   تاريخ الإضافـة 11/10/2020   رقم المحتوى 8820
أضف تقييـم