حسن عبدالحميد
أذكر أن راجت في وسطنا الأدبي قفشة شعريّة أجترحها أحد الشعراء الشباب ممن تغريهم متعة اللعب على حِبال الكلمات و تتأرجح على منوالها المعاني ، وفق محاولة خلق مفارقة حلّقت ترفرف بجناح دهشة ، يقول " الأخ " بهذه القفشة :
" أجمل خمسة أشياءِ
في الكون ؛ ثلاثة
المرأة و الشعر "
لعل ما ذكرّني بهذا الإستذكار الذي قد يبدو بعيداً - بعض الشيء - عن فحوى كتاب لممرضة إسترالية تدعى " بروني وير " حمل عنوان " أكثر خمسة أشياء ندم عليها الراحلون " و الذي يدور على ما رصدته و سجلته هذه الممرضة التي قضت سنوات عديدة و متواصلة للعمل في مستشفى خاص بالمسنين - تحديداً- في قسم العناية الخاصة بالاشخاص الذين يحتضرون على فراش حافة الرحيل ، و لا يوجد أمل في علاجهم ، أستطاعت " بروني " أن تسجل الأمنيات الاخيرة لهؤلاء من الذين وثقّت لهم على ضوء ما كان يضمر و يدور في دخائلهم ، ممن أجمعوا عبر ما أباحوا لها ، إنهم لم يندموا - قطعاً - على مال أو عيال أو ضياع فرص عمل ، أو عدم تقليد مناصب و نيل أوسمة أو نياشين وغير ذلك ، وقبل المرور على ملخصات تلك الاشياء التي ندموا عليها بحسب " وردان " ذلك في عموم ما توصلت إليه الممرضة ، لابد من ذكر حقيقة مفادها ؛ إن الإنسان في لحظات مواجهته الموت لايمكن أن يخدع نفسه ،ولا يمكن أن يقول غير ما يشعر به ، فماذا قالوا أبطال هذا الكتاب عن هذه الاشياء التي عنها ندموا؛
- ندموا على التفكير والقلق من أراء الناس فيهم ، وكم تمنّوا لو كانوا يملكون الشجاعة للرد عليهم و الدفاع عن أنفسهم .
- ندموا على عدم الإفصاح عن مشاعرهم ، خوفاً من إغضاب الأخرين ، فعاشوا حياة سلبية لا روح فيها، فالخوف جعلهم يضمرون ما يريدون قوله .
- ندموا على إدراك أن السعادة قرار بيديهم ، فأجلوا سعادتهم دون أن يعوا إنها سر أسرار حيواتهم .
- ندموا على اللهات و الركض غير المبرر وراء لقمة العيش فقط ، دون مرافقة الأباء و الأمهات والتفيس عما كان يعتري " الوالدين " من حاجات و مشاعر ،و أن ما ينطبق على الأم و الأب ، كذلك ينطبق على أبناءهم في مراحل مهمة من أعمارهم .
- وأخيراً ندموا على عدم خوض مغامرات معينة ، كانوا قادرين إقتحامها من خلال السعي على ملاحقة أحلامهم المعقولة و إمكانية تحقيقها على نحو ما .
|