النـص : تدل الجولة الأوربية التي قام بها السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي , على معطيات عديدة , وتشير إلى خطوات قادمة , بعضها واضحة المعالم بيّنة , والبعض الآخر من المؤكد أنه غير معلن , وربما تتضح معالمه في الممارسات الحكومية في الأيام القادمة , المهم في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها البلد , أن وفده ضم محافظ البنك المركزي، مصطفى غالب مخيف، الذي التقى بمحافظي بنوك الدول الأوروبية الثلاثة، لتطوير العلاقات المصرفية والتشجيع على الاستثمارات الدولية., وبالتالي انتشال العراق من دوامته المالية والاقتصادية , إن كان العمل فيها مدعوما بالجدية والمتابعة و والابتعاد عن لغة الفائدة غير القانونية وكذلك عن هاجس الفساد وسوء الإدارة .
هذه الجولة في دول لها ثقلها الأوربي والدولي , فرنسا وألمانيا وبريطانيا , يتأمل منها أبناء الشعب العراقي انتشالا للبلد من ما مر فيه , وبالذات على الصعيد الاقتصادي الذي مسّ العصب الحي في المجتمع – وهو عصب الرواتب – التي تعدّ المورد المالي الوحيد لملايين الموظفين والمتقاعدين , والتي شهدت ارباكا في توزيعها مؤخرا , كما يتمنى العراقيون أن لا تكون هذه الرحلات والزيارات ذات طابع دعائي أو إعلامي , أو تسوّف كما حصل مع زيارة السيد عادل عبد المهدي للصين وتوقيعه اتفاقية أثارت ردود أفعال متضاربة حتى صارت في مهب الريح .
تحديات العراق التي تعبّر عنها الملفات الشائكة والتي وعدت حكومة الكاظمي أن تتصدى لها , تتطلب حكمة وقدرة على إدارتها والتعامل معها , وأن لا تبقى مؤجلة بعيدة عن الحلول الحقيقية التي ينتظرها الشارع العراقي , ولعل أبرز هذه الملفات وأهمها حسم آليات إجراء الانتخابات المبكرة , وكذلك الكشف عن قتلة المتظاهرين السلميين , إضافة إلى التحدي الأكبر والأصعب وهو مواجهة الفساد وكشف المفسدين , وفي ظاهر الأمر أننا تلمسنا بدايات شروع في هذه الملفات , وسلّطت الأضواء عليها , وتم مناقشة قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية , لكنها ظلت مثار جدال , ربما يطول أمده , وكذلك اللجان التي شكلت حول الجناة وقتلة المتظاهرين ومنفذي جرائم الاغتيالات , علما ان هذه القضايا الأمنية , من المفروض أن السيد الكاظمي على معرفة بها , بحكم وظيفته السابقة ذات الأهمية الخاصة , وهي رئاسة المخابرات العراقية , أما ملف الفساد فقد تم فيه إلقاء القبض على عدد ليس قليلا من المفسدين , لكن أين نتائج لجان التحقيق واين المفسدون الأخطر , الذين أوصلوا البلاد إلى هذه المرحلة من الانهيار .
ومع هذه التحديات الداخلية , التي أثرت على استقرار البلاد وفقدانه ركنا مهما من أركان سمعته الدولية , يأمل المعنيون من هذه الجولة أن يرفع اسم العراق من قائمة الدول الخطرة , كي يتم التعامل معه تعاملا جديا , تشعر معه شركات الاستثمار والعمل الأوربية بالاطمئنان , وعدم تعرضها لأعمال إرهابية أو أعمال ابتزاز , وهنا من المؤكد أن يطرح على الطاولة موضوع التعامل مع السلاح المنفلت , وجعله بيد أجهزة الدولة المعنية بالجانب الأمني بالتحديد .
نقاط عديدة تثيرها جولة الكاظمي التي نأمل أن تسهم في إنقاذ البلاد مما هو فيه من أزمات , كما إننا نأمل أن لا تكون توريطا للعراق يزيد أزماته مع دول الصراع الكبرى , وبالتالي ستكون النتائج على غير ما نريد ونتمنى , وعندها يصح القول علينا وهو " زيادة الطين بلة " .
|