الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
السلام الإماراتي الإسرائيلي الأسباب والتحديات
السلام الإماراتي الإسرائيلي الأسباب والتحديات
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. عدنان عودة الطائي
النـص :

خرجت العلاقة بين الإمارات واسرائيل إلى العلن، وكانت واضحة المعالم بل حديث العالم كله وكانت خيوطها المخفية ظاهرة للعيان في عدة اتجاهات وحسبت  ضد القضية وأصحابها العتاك ومنذ الأربعينيات عشية قيام هذه الدولة اي إسرائيل  وانحيازا بعض العرب لهذه الدولة على حساب أمنهم القومي ومستقبل العرب وكان أمر الحسم اي إقامة العلاقات والتمهيد لها بيد الحاكم الفعلي  للإمارات محمد بن زايد بعد أن مرض رئيسها خليفة بن زايد ليعلن الزواج السياسي بين أبو ظبي وتل أبيب بعد خطوبة استمرت عدة سنوات، واجتاز فيها الطرفان كل المحرمات عربيا وإسلاميا، ورغم ذلك فقد نال هذا الزواج السياسي مباركة هيئة الإفتاء الإماراتية ببيان صادر عن رئيسها العالم الموريتاني عبد الله بن بيه الذي ايد انطلاق هذه العلاقات وقال عنها انها شأن داخلي لايحق التدخل فيه من أي طرف كان...وحقيقة الأمر أن بين الدولتين وشائج قديمة وأخرى جديدة غرستها الأجيال الجديدة من أبناء الشيخ زايد، ولعل أن هناك أسباب دفعت الإمارات لسلوك هذا الطريق لعل أبرزها: وقف نوايا إسرائيل في الضم اي ضم بعض الأراضي في الضفة والقدس الشرقية والاغوار وحتى غزة  وهذا هو المبرر الأبرز الذي قدمته الإمارات لخطوتها التي رأيتها انها جاءت في الوقت المناسب رغم التحفظ العربي والإسلامي عليها والذي وصل حالة السخط كما في الجزائر وإيران وهذا طبعا بدافع حكومي والغريب أن الشعوب العربية والإسلامية لم تبد اي استنكار كالذي كان يحصل في خمسينيات وستينات القرن الماضي أو أقل تقدير قبل عشرة سنوات فهد وصل العرب والمسلمون إلى مرحلة القناعة من أن الذي حصل أمرا واقعا لابد من التسليم به ، فقد أجمعت الآراء الرسمية وشبه الرسمية الإماراتية على المضي في هذا الطريق، غير أن الرئيس الأميركي  ترامب ورئيس الحكومة  الإسرائيلي نتنياهو لم يتأخرا كثيرا في نفي ذلك. فقد سارع ترامب للتأكيد على أن الذي سيكون هو تجميد لخطة الضم، وكذلك ردد مستشاره وزوج ابنته جاريد كوشنر، أما نتنياهو فقالها صراحة وبشكل قاطع انه لاتوجد نية لإلغاء الضم، وقال إن ما حصل وسيحصل هو مجرد تجميد، علما بأن خطة الضم كانت في الأصل في حالة تجميد، وتأخر تنفيذها أكثر من مرة عن وقتها اما إسرائيليا يلحظ أن  رئيس الوزراء الإسرائيلي   نتنياهو يعاني اليوم من أزمة معقدة وذات أوجه متعددة (سياسية وقضائية واقتصادية)، فمن الأزمة السياسية التي أدت إلى ثلاث انتخابات لم يستطع حسمها، إلى الملاحقات القضائية في ملفات فساد تدور حوله واامقرببن منه  ويخشى أن تقوده إلى أحد السجون كما حصل مع غريمه إيهود المارت ، وتقضي على ما بقي لديه من طموحات سياسية وانهاء مجده السياسي الذي يفتخر به... بالإضافة للأزمة الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة بين الإسرائيليين  ولأول مرة وما خلفه وباء كورونا من مصاعب على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني منذ سنوات خصوصاً حالة الركود التي تواجه العديد من منتجاته تأتي صفقة التطبيع محاولة من الإمارات  لإنقاذ لنتنياهو الغريق في بحر تلك الأزمات السياسية والقانونية والاقتصادية والتي تلقفها بسرعة اما صوب العم سام فكانت بحق اي إقامة هذه العلاقة هدية انتخابية لترامب التي وصفها صفقة التطبيع باعتبارها اتفاقا تاريخيامجيدا وأضافها لقائمة طويلة من المكاسب والهدايا التي قدمها لإسرائيل منذ وصوله للسلطة مادام القرار الأمريكي بقى وسيبقى في خدمة إسرائيل إذ كانت قرارات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها، والاعتراف بسيادتها على الجولان من ضمن ماقدمه يبدو ترامب اليوم في وضع صعب جدا سيما وهو يخوض أشرس انتخابات مع خصم عنيد انبرى من صفوف الديمقراطيين ويعرف كل مواطن ضعف ترامب وهو الذي وضف هذه العلاقة لأجل زيادة شعبيته وهو يريد مواصلة تحقيق أهدافه أو نواياه التي لم تكتمل بولايته الأولى ومن أهمها تركيع إيران وتطويع دول الخليج بل دول العرب جميعا في إقامة علاقات مع إسرائيل وهذا ماعجز عنه كل رؤساء أمريكا إلى جانب تقربه أكثر من اللوبي اليهودي وهو قائد المال والسياسة في أمريكا وهو مو ياخذ بيد من يريد إلى البيت الأبيض وهو اصلا القريب من الديمقراطيين منه من الجمهوريين وليفك العقدة هنا  فضلا عن عبوره المصاعب التي واجهت مسيرته وهي حقا مشاكل كبيرة من قبيل جائحة كورونا على أداء الاقتصاد الأميركي وما تسببت فيه من خسائر بشرية ومادية خصوصا قطاعات النفط والصناعة والتكنولوجيا في ظل موقفه المعلن من السعودية، وربما من المحور الذي يعتمد عليه ترامب حاليا في المنطقة العربية، تتوجس الإمارات خيفة من فوز بايدن وعودة الديمقراطيين مرة أخرى إلى الحكم وهو ماتراه الإمارات ودول الخليج تفتيت الضغط على إيران عدوها الأول في المنطقة لذا استثمرت الإمارات ومثلها السعودية كثيرا في ترامب من أجل المضي بمعاقبة إيران وتشتيت قوتها وتفتيت أنصارها لحصد مكاسبها وأولها عودة جزرها الثلاثة في الخليج ، إلى جانب الحصول على الأسلحة المتطورة التي تكبح جماح إيران مثل  الصواريخ الاعتراضية وطائرات F 35 المتطورة.. وتتهم الإمارات على نحو خاص بضخ المال  للحملة الانتخابية للرئيس ترامب في العام 2016، ومحاولة التأثير على الانتخابات الأميركية، وهي تهم بالغة الحساسية والخطورة لأنها تقرر مصير أمريكا وينظر خبراء في هذا الشأن أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات قد يمهد الطريق أمام بيع الولايات المتحدة مزيدا من الأسلحة للدولة الخليجية. وبالتالي دخولها تحت هذا التأثير في مفاوضات تسوية مع اسرائيل وهي مطوقة بعد مشاكل منها مشكلة الخوثين في اليمن وتمدد إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن فضلا عن شق قطر عصا الطاعة عن الدوله الأم السعودية وسعيها إدخال المنطقة باحلاف تجر المشاكل عليها في ظل تصاعد مد السلام السياسي ونبه سفير الأمريكي في  إسرائيل ديفيد فريدمان خلال مقابلة مع الإذاعة العامة الوطنية إنه "كلما أصبحت الإمارات صديقة لإسرائيل وأصبحت شريكة لإسرائيل وأصبحت حليفا إقليميا للولايات المتحدة، أعتقد بوضوح أن هذا سيغير تقييم التهديد، وقد يعمل في صالح دولة الإمارات" فيما يتعلق بمبيعات السلاح في المستقبل. كما قال مدير مشروع العلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ديفيد ماكوفسكي لوكالة رويترز، إن هذا الاتفاق "مكسب للإمارات، التي ستكون مؤهلة دون شك للمبيعات العسكرية التي لم يكن بوسعها الحصول عليها بموجب قيود التفوق العسكري النوعي بسبب الخوف من إمكانية استخدام تكنولوجيا معينة ضد إسرائيل.. ومن خلال ماتقدم تذهب التفسيرات المنطقية للخطوة الإماراتية أنها مجرد تتويج لمسار طويل من العلاقات السرية بين الطرفين، وإعلان رسمي لما كان مكتوما ومخفيا خلال السنوات الماضية، رغم أنه أطل برأسه أكثر من مرة على شكل زيارات أو لقاءات أو رسائل سياسية في مقالات أو تغريدات أو غيرها.ويبقى اختلاف المزاج الشعبي لدى الشعب الأماراتي الذي وجد في هذه العلاقة ومد جسور الصداقة مع إسرائيل حالة صحية وصحيحة تماما في ظل مانعيشه المنطقة من تحديات وتهديدات تمس أمنهم القومي وتطلعاتهم نحو المستقبل تشل كل مكتسباتهم في التحضر والمدنية وتقتلع تلك الإنجازات الباهرة جدير ذكره أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله مؤسس دولة الإمارات، من أبرز المؤيدين للقضية الفلسطينية، التي باتت عرضة للتهميش في أوساط النخب الخليجية هذه الأيام، في حين ينصب اهتمام نجله محمد بن زايد على إرضاء دونالد ترامب وإبقاء الولايات المتحدة منخرطة في مشاكل الشرق الأوسط المفتعلة حيث يرى جيل الإمارات ومعه حيل دول الخليج المتطلعين لإقامة دولهم الأخرى ذات العلاقة مع إسرائيل باعتبار ذلك طوق النجاة لهم ولدولهم.

المشـاهدات 802   تاريخ الإضافـة 26/10/2020   رقم المحتوى 8934
أضف تقييـم