أضيف بواسـطة addustor

لآياتي بناء الدولة العميقة لتكون ظاهرة ، من فراغ او رغبة أنية يسعى اليها شخص معين اومجموعة تلتف حولها قوى الحكم الفعلي والقرار النافذ وتكون محور السلطة كما يُظن ،

بل هي ظاهرة مرتبطة بامتدادات وتشتابكات عقدية عميقة ومتوغلة ومتغوله في جذورها الاجتماعية، والفكرية ونوازع أفرادها وصفات رموزها في فرض واقع غريب ، حتى لتسحيل رويداً رويدا ً إلى قدرة ذات فعالية لها نسغها الصاعد وآخر النازل ،لتتبلور في الآخر في كيان مجسد يتحكم به نظام قادر ان يفعل ما يشاء دون أن ينطق ،

الذي يفسد المفهوم هو التفسيرات التي رافقت تبلور الدولة العميقة الخفي وصناعتها بظروف متباينة التي تعمد الى تعويم الدولة الظاهرة نقيضتها ومنافستها المعلنة ،

والدولة العميقة نتاج الدكتاتورية السوداء التي لاتسمح بوجود واستمرار المعلن في الإدارة والقيادة ولا تتحمل منطق التغير وقدوم أجيال تريد ان تحكم بمنطق الشراكة و التجديد، فهناك صراع خفي لكنه معلن في أن حين توظف قرارات الدولة وتميع من ثلة لها اول وليس لها أخر تصنع عناصرها في الخفاء وتنسج عالمها الخفي الذي لايعرف مصلحة سوى مصلحة أفرادها المحكومين برغبة و نية أخفاء الخصوم باي ثمن وبأية وسيلة ،

الدولة العميقة كيان مرضي مثل الخلايا المستهلكة لصلاحية لطاقة البطارية في الصناعة ، أو مثل سقوط التجارب في التاريخ وهي عمق الجريمة المنظمة مهما كانت رموزها ودرجات تدرجهم في المؤسسة الخفية التي تختص بإلغاء الخصوم ومسحهم من خارطة الواقع وهي تعتمد على طابع الولاء العائلي في الأعم الأغلب ، لكنها تظل مذعورة خائفة مهددة على الدوام لفرط تخطيها للقانون والدساتير والأنظمة وخشيتها على تراكم ثرواتها وقدرة النفاذ في المجتمع السياسي والمالي الذي أسسته بظروف غاية في التعقيد بغفلة من الزمن ، لذلك تلجأ الى إشهارها فوهة الإطلاق المستمر على رؤوس خصومها الذين تضعهم في خانة الأعداء المحتملين الذين تراهم حتى في منامها وبتغليب قوانينها الخاصة المتخطية لقوانين الدولة المعترف بها امام المجتمع والتي تمثل شكل النظام العام الذي يسير ويسري في النور ،

الارتياب والمكنة في اتخاذ القرار الآني من افراد بعينهم هو سرها و اسلوبها وهدفها حين لايسمح قادتها بتغليب العام على الخاص الذي يمثلها ، والخشية وبث الرعب في قلب الخصوم ،هي من تديم وجود تلك الدولة العميقة التي تتوغل في قلب المجتمع وتلتقط المذعورين الذين بأمس الحاجة إلى الحماية والتستر خلف جناحها ، بمنطق العصابات المسلحة والميليشيات المدججة والمافيات القاسية ، وتاريخ موغل من تنفيذ الأفعال بأوامر تاتي من أربابها المدججين بالثروة المنتزعة والمنهوبة من المال العام وتحويله الى خاص ،بالقسوة والقلوب الميته ، التي ترى في الآخر أي أخر خارج منظومتها مدان حتى يثبت ولاءه لها ،

وتظن ان المال والمسدس والكاتم طريق البقاء ، وقدرة القبضة المحكمة في وأد الخصوم وإسكاتهم حتى وان كانت تعرفهم وتدرك نواياهم وتصفهم بالشرفاء والنزيهين رياءً ، لكن وجودهم خطراً عليها حين يقتربون من مصالحها او ينبهون لمخاطرها وتخطيها قوانين دولة القانون العام ، لانهم أي عناصر الدولة العميقة هم الخاص الذي يسوغ كل شئ ،وبأي ثمن !؟

في تاريخ الدولة العميقة صور للمأسي الحمراء التي خلفتها في عواصم ومدن كثيرة حين تركت ضحاياه في الشوارع ينزفون حتى الموت ، لأنهم خالفوها او كشفوا جزاً من تجارتها ،وهذا خط احمر لايمكن أن يصل اليه الخصوم ،فالسرية هدف معلن في عملها، والتخطيط الضيق الذي يصل الى أشخاص يعُدون على الأصابع لتنفيذ المهام، واختزان الأموال فن من فنون عملها اليومي وهم يؤرقها ويتحكم بنهجها ، وهم في قدرة تدويرها واحتكارها ،

لكنها دوما تقع في مطبات أعضائها الجهلاء المتمادين في أستخدام السلطة والإشهار غير المحسوب الذي يتربص به مختصو السلطة الشرعية الأقوى الأقدر الذين يستجلبونهم تحت سلطة القانون الذي ينتصر في أخر المشهد ، في المجتمعات المنظمة ،

الدولة الخفية حقبة سيئة وأستثنائية تمر بها البلدان في عصر السلطة الغاشمة التي تأسست بلا شرعية وطنية ، وتغولت في جسد مثخن بالجراح والألم وسني الضياع وهي تعتاش على نشيج الشعوب وتأكل من قوتها و حاضرها لتسرق مستقبلها ،

أفرادها ديدان الأرض بماركات عالمية وأحذية لماعة وأضواء زائفة ، تنتج افعال الألم المستمر لآمال الشعب الذي ابتلى بها ، وتدفعه للثورة والاقتصاص ومظاهر السحل بالشوارع ، لحظة تمكن الغضب والتمرد والاحتجاج الشعبي فوق أسفلت الشوارع الغارقة بالفقر .

المشـاهدات 607   تاريخ الإضافـة 28/10/2020 - 08:05   آخـر تحديـث 29/03/2024 - 00:15   رقم المحتوى 8955
جميـع الحقوق محفوظـة
© www.Addustor.com 2016