الجمعة 2024/4/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
الأهداف في السياسة الخارجية العراقية
الأهداف في السياسة الخارجية العراقية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد كريم الخاقاني
النـص :

تعكس السياسة الخارجية لأي دولة، اهداف وتوجهات النظام السياسي القائم فيها، فلذلك تعد السياسة الخارجية من الآليات التي تستخدمها تلك الدول من اجل تحقيق أهدافها في محيطها الخارجي. وتختلف الدول فيما بينها في إتباع سياسة خارجية خاصة بها، فهي تتعلق بمكانتها في بنية النظام الدولي وهي ترجمة حقيقية لتحقيق طموحاتها عند تفاعلها مع غيرها، وبالتالي فجميع الدول لديها تلك الرغبات في تجسيدها بشكل اهداف في مجالها الخارجي وان اختلفت من دولة الى اخرى، ونتيجة الإهتمام المتزايد بظاهرة السياسة الخارجية بعد الحرب العالمية الثانية بسبب إزدياد الفاعلين في النظام الدولي، وهو ما ادى الى تعقيد السياسة الخارجية، فالدول وفي سبيل تحقيق اهدافها فهي تتواصل بشتى الوسائل والطرق، وعليه ظهرت العديد من التفسيرات لحركة السياسة الخارجية، فمنهم من يرى بإنها صورة من صور النشاط الخارجي حتى وان لم تصدر عن الدولة كحقيقة نظامية، وهناك من يرى في السياسة الخارجية عبارة عن برنامج عمل للتحرك الخارجي يتضمن تحديد الأهداف التي تروم الدولة تحقيقها والمصالح التي تأمل تأمينها، ومن أجل  تلك الغاية، فهي تستخدم كل الوسائل والطرق التي تعدها ضرورية لذلك، فهي تعد الهدف الخارجي للدولة بمثابة الحالة المستقبلية والتي يهدف صناع القرار السياسي الخارجي الى ترتيبها خارج حدود دولتهم بقصد تحقيق المصالح العليا، وبذلك تتضمن السياسة الخارجية لأي دولة من الدول، مجموعة من الأهداف والتي تعد بدورها إنعكاساً للقيم والمصالح للدولة.وتتباين الأهداف التي تسعى الدول الى تحقيقها بحسب الزمان والمكان، وهو يعود الى إختلافها من حيث أنظمتها السياسية وواقعها الداخلي والخارجي الذي تعيشه، وهذا ما يسمح بتأثبرات تلك المتغيرات على طبيعة اهدافها وبالخصوص في تفاعلاتها الخارجية.فالهدف عبارة عن إستراتيجية او برنامج عمل رسمي يضعه الممثلون الرسميون للدولة من بين مجموعة من البدائل من اجل تحقيق اهداف محددة في تفاعل الدولة الخارجي، فهناك من يرى مثل مورغان ثاو بإن الهدف الاساس للدولة يكمن في حصولها على القوة، بينما يرى آخرون بإن الدول تسعى لتحقيق اهدافها وذلك من خلال تأمين امنها اولاً، وعن طريق اهداف ثانوية ترتبط بالهدف الرئيس لها، فالهدف هو الغاية التي تسعى الدولة لتحقيقه في البيئة الدولية، وعليها ان تعمل على تحديد ذلك الهدف بشكل واضح عن طريق القيام بتصرفات في محيطها الخارجي، فيجب ان تتصف أهداف الدولة بالوضوح وهو ما يساعد على إبتكار وسائل جديدة لتحقيقه.ويمكن هنا تحديد ثلاث مجموعات من الأهداف التي تسعى الى تحقيقها الدول بهذا الشأن وهي؛ الأهداف الإستراتيجية العليا، والأهداف المتوسطة المدى، والأهداف الهامشية. فالأهداف الإستراتيجية العليا تتعلق بعلة وجود الدولة ذاتها وحماية امنها، وهي الأهداف التي يكون وجود الدولة ككيان مرتبط بها، اي تعكس اهمية وجود الدولة والنظام، ومن امثلتها السيادة وحماية الحدود وقدرتها على الدفاع عن نفسها ضد الأخطار الخارجية ومحافظتها على ثرواتها الوطنية وتماسك افرادها الإجتماعي وبناءها الحضاري والثقافي ووحدتها السياسية. ولا يمكن لأي صانع قرار ان يساوم على تلك الأهداف، لإن ذلك يعني تعريض الدولة ككيان الى الخطر وربما الى الإزالة وذلك بسبب عدم قدرتها على تنفيذ واجباتها والقيام بتنفيذ وظائفها إزاء تلك التحديات التي تواجهها،وهذه الأهداف الإستراتيجية لإي دولة بصرف النظر عن طبيعة نظامها السياسي وقدراتها ومقوماتها، فهي مشتركة بتحقيق مثل هذه الأهداف. وفيما يخص الأهداف المتوسطة المدى، فهي تتعلق بالبدائل المتاحة امام صانع القرار لكي يختار واحدة من تلك الخيارات وبما يتلائم مع تطلعاتها في محيطها الخارجي، وهنا يدخل عامل التردد في إتخاذها كمسألة إعلان الحرب، وكذلك تتصف بعدم الإلحاح في ضرورة إنجازها على العكس من الأهداف الإستراتيجية العليا، ومن ابرز الأهداف المتوسطة التي تأمل الدولة تحقيقها؛ تحقيق الرفاهية الإقتصادية للشعب، والبحث عن منافذ جديدة وذلك عبر تكثيف إتصالاتها مع غيرها مما يمهد لفتح اسواق حديدة لمنتوجاتها وزيادة دخلها القومي، والعمل على تكوين سمعة دولية. وبخصوص الأهداف الهامشية، فتختلف تلك الأهداف من دولة الى اخرى وبإختلاف نمط سياستها الخارجية وتفاعلها في النحيط الدولي، فالأهداف التي تراها دولة ما أهدافاً إستراتيجية عليا، فهي في نظر الدول الأخرى هامشية، وهذا ما يفسر سبب تناقض الدول بإنتهاج سياسات خارجية متباينة. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية العراقية، فإن رؤيتها في العمل وتحقيق الاهداف المرجوة تنطلق من الدستور العراقي الدائم لعام ٢٠٠٥ والبرنامج الحكومي والقوانين الداخلية بهذا الخصوص، فقد حدد الدستور العراقي المنطلقات الوطنية والثوابت القانونية لرسم السياسة الخارجية العراقية وعبر مواده المختلفة، كالمادة الثالثة منه التي حددت فيها التوجهات العامة للسياسة الخارجية العراقية وانه جزء من العالم الإسلامي وجزء من العالم العربي بكونه عضواً مؤسساَ في الجامعة العربية، وكذا الحال في المادة الثامنة من الدستور، والتي حددت ثوابت تطبيق السياسة الخارجية العراقية، وذلك بالإلتزام بمبادئ عدم تدخل العراق في الشؤون الداخلية لغيرها من الدول، والعمل على بناء علاقات حسن جوار، وغيرها من المواد التي تؤكد النهج الجديد للسياسة الخارجية العراقية بعد عام ٢٠٠٣.وتنطلق السياسة الخارجية العراقية ايضاً من البرنامج الحكومي الذي يعزز من وضع العراق من الناحية السياسية والأمنية والإقتصادية وتعزيز مكانته التي تسعى اليها الدولة، وذلك عبر تحديد طبيعة علاقاته مع دول الجوار العربي. ومن هنا نرى بإن البرنامج الحكومي قد تمت المصادقة عليه من قبل مجلس النواب العراقي بالإعتماد على ثلاث ركائز وهي السيادة والتوازن والتعاون، فمرتكز السيادة في البرنامج الحكومي ينطلق من رفض العراق لأي مس بسيادته الوطنية وعدم جعله قاعدة للإعتداء على غيره من الدول، وعدم السماح بجعله ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وفيما يتعلق بركيزة التوازن، فهي ركيزة اساسية في علاقاته الخارجية والتي تقوم على اساس عدم تبنيه لسياسة المحاور، والإنفتاح الإيجابي على الجميع وبما يؤمن مصالح العراق، وفيما يخص ركيزة التعاون، فإن العراق يسعى الى بناء منظومة متكاملة من المصالح المشتركة مع غيره من الدول، وهي تأمل الإسهام في حل النزاعات القائمة في المنطقة، وضمان مصالحها الوطنية وعبر إنتهاج طرق الحوار والتعاون في مختلف القضايا كما في ملفات المياه المشتركة و حقول النفط، والحرص على التعاون في قضايا مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة وغيرها من الملفات التي تتطلب تعاوناً ثنائياً مع الدول المجاورة واخرى دولية بشكل جماعي كما في ملف التعاون الأمني والإستخباري لضمان الامن الإقليمي والدولي.

المشـاهدات 1305   تاريخ الإضافـة 05/11/2020   رقم المحتوى 9030
أضف تقييـم