الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 33.95 مئويـة
تأملات زينب (ع) المرأةُ الموقف
تأملات زينب (ع) المرأةُ الموقف
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب  أحلام الزيدي
النـص :

 لقد اجتمع لزينب الكثير من باذخ الشرف وطهر النسب ، فهي زينب بنتُ علي بنُ أبي طالب ، وأمها الزهراء ، وجدها رسول الله ، وجدتها خديجةُ الكبرى ، وأخويها الحسن والحسين ، سلام الله عليهم جميعًا . ولزينب العديد من الألقاب التي أسبغوها عليها محبوها من الموالين لآل البيت  (ع) مثل جبل الصبر ، وسيدة الصبر ، وعقيلة الطالبيين ، وسيدة البيت الهاشمي . واشتهرت عند أهل مصر بسيدة العواجز لشدة حبهم لها وتعظيمًا لمقامها الشريف لما شاهدوا لها من الكرامات . ولأنها شهدت عبر مراحل عمرها من المصائب كرحيل جدها رسول الله وأعقبه الرحيل المبكر لإمها الزهراء ، ثم استشهاد ابيها علي ثم استشهاد اخويها الحسن والحسين ، لذلك لازمها لقب أم المصائب الذي اصبح في ما بعد هويتها وطابعًا شخصيًا لها بعد إستشهاد الإمام الحسين . لقد عاشت زينب مأساة الطف بكل أبعادها وما أعقبها من تداعيات ، ولقد كان للحسين الدور الفاعل في اعداد زينب لمهمة إكمال الثورة ، لما لشخصية زينب المتبلورة التي تحتوي على الكثير من المضامين الإنسانية العالية والتي من أهم أركانها قوة الشخصية ، ورجاحة العقل ، وبلاغة الفكر ، الى جانب طلاقة اللسان ، ورباطة الجأش الى آخرها من الصفات الرائعة التي كانت تتحلى بها زينب ، لقد كانت زينب شبيهة الحسين ، في قوة شكيمته ، وعمق إيمانه ، وثباته ، فلو كانت زينب رجلًا لكانت الحسين ، ولولا زينب لضاعت كل تضحيات الحسين ادراج الرياح ، فبعد إنتهاء المعركة التي حسمت باستشهاد ابي الاحرار وكل أهل بيتها اخذوها وما تبقى من اسرتها من النساء والأطفال ومعها الامام زين العابدين الى مجلس عبيد الله بن زياد لعنه الله ، وقد استجمعت زينب كل قواها وعزتها وبلاغتها ، ورباطة جأشها ، ولم تظهر إنكسارها ودموعها لأعدائها ، بل كانت بمنتهى الصبر والجلد ، لكنها عندما كانت تخلو مع نفسها لم تكن تهدأ أبدًا اذا ما جنٌ عليها الليل ، تبكي الحسين بكل جوارحها ، وتفكر في إختيار الكلمة اللاذعة في الردود السريعة على شماتة اعدائها ، وأحدثت زينب بذلك ثورة فكرية عارمة على يزيد ، لا يقل صداها عن صدى السيوف والرماح ، وحين أظهر بن زياد شماتته بها قائلًا : أرأيت صنع الله بأخيك ؟ اجابته بكل عنفوانها : ما رأيت إلا جميلًا هؤلاء قوم برزوا للجهاد وذهبوا الى مضاجعهم... الخ من خطبتها امام بن زياد ، ثم كان لها ما كان من موقفها المشهود مع أهل الكوفة وتوبيخها لهم وكذلك امام يزيد في مجلسه بالشام يوم وقفت أمامه تتحداه بكل جبروته وهي السبية المنكسرة ، كان موقفًا تعجز الكلمات على استيعابه ، والفكر على تصوره ، يوم قام يزيد بكل رعونته وحماقته آخذًا بمخصرته ليهوي بها ضاربًا وجه الحسين عندما وضع رأسه الشريف امامه ، عندها انتفضت زينب كما اللبوة الجريحة قائلة ليزيد : وان جرت علىٌ الدواهي مخاطبتك إني لأستهجنُ قدرك ، وأستعظم توبيخك ، اذ رحت تهوي بمخصرتك على ثنايا أبي عبد الله ، وما رأيك ألا فند ، وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد ، أتظن يا يزيد أن بنا على الله هوانًا وبك عليه كرامة ، مهلًا مهلًا لا تطش جهلًا ، أنسيت قول الله ولا يحسبنٌ اللذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين ، فوالله يا يزيد لا تمحو ذكرنا ، ولن تميت وحينا ، ألا يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين . الى آخر خطبتها التي هزت يزيد وعرشه حتى إستشاط غضبا وهمَّ بضربها ، لولا أن أمسك بيده أحدُ ندمانه ، قائلاً ويحك يا يزيد أتضرب إمرأة ؟! أجابه يزيد وهو مازال منفعلاً : أما سمعت ما قالته عني ؟ أجابه الرجل. : إنها إمرأةٌ ثكلى. قتل أخوتها وكل أهلها ، وعندما سمعت زينب كلمات الرجل التي أثارت شجونها أجهشت بالبكاء المر حتى أبكت كل السبايا معها ، وكانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي بكت بها زينب أمام أعدائها.. . هذه هي زينب ، بطلة كربلاء ، وتلك أيامها المروعة التي عاشتها بعد الحسين ، وظلت ذكريات مأساة الطف تطاردها ، وتؤرقها ، حتى آخر لحظة من عمرها الشريف ، وفي عينيها ، ذكرى ذلك اليوم الكربلائي العاصف .!

المشـاهدات 798   تاريخ الإضافـة 16/11/2020   رقم المحتوى 9196
أضف تقييـم