الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 29.95 مئويـة
ربما بعد لحظة من الآن
ربما بعد لحظة من الآن
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.ماري جرجس
النـص :

مع اضطراب وتيرة الأيام بين اغتراب وحيرة وغيام واكتراب نفوس أناس نيام واقتراب وشيك لساعة قيام تنوح نفس بآلام... وتبوح نفس بأحلام وتروح نفس في أوهام... وتلوح نفس  بإلهام ....وتفوح نفس بدر  الكلام جلست تلك (النفس) مع (عقلها) و(روحها) في ضيافة (جسد) مرهَق مرهِق وأبرموا معاهدة سلام وصلح لمدة ساعة من الزمن قد لا يتيح لهم الزمان فرصة تكرارها من جديد... عسي أن يخرجوا بمفهوم فلسفي حكيم يسهل لهم وعليهم ما تبقى من رحلة الحياة  قال (العقل) بصوت رزين متزن: تخيلوا معي يا أصدقائي لو انكم  علمتم  أن غدا هو المتمم لأيامنا على الارض و  نهايتنا؟  ردت (النفس) بكبر وغطرسة ماذا تعني ايها العقل الأحمق ب (نهايتنا)؟  رد العقل بصوت أكثر عمقا وكأنه يتمالك زمام نفسه ولجامها ويستحضر كل حكمة السنين كيلا يشتبك مع غرور ( النفس)  نهايتنا أيتها (النفس) أعني موت هذا (الجسد) الذي يجمعنا نحن الثلاثة بداخله رد (الجسد) بعنف وحدة :ويحك أيها (العقل) مالي أراك وقد أوشكت على الجنون... او ربما جُننت بالفعل انظر إلى جيدا وامعن النظر ألا تراني  بخير  بلا مرض ولا علة لازلت انتصف عمري ولازلت في اوج توهجي (حوَّل الثلاثة؛ (العقل) و(الجسد) و(النفس أنظارهم إلي (الروح) فوجدوها  مُثقلة ثقيلة في حالة خمول غريب قال( العقل): احضرينا أيتها (الروح) مالي أراكي فاترة بليدة متبلدة ليتك كنتي حارة او حتى  كوني باردة ماذا دهاكي؟  أفيقي قليلا وتفاعلي معنا فنحن في لحظة تاريخية لن تتكرر ثانية اعتدلت( الروح) في مجلسها وقالت بصوت حالم ناعس ما بالكم تشغلون أنفسكم بأمر بعيد الحدوث صحيح أنكم متشائمون سوداويون انظر لنفسك أيها (الجسد) ما أروعك وما أبهاك انت في ذروة نضوجك وقوتك وجمالك بلا مرض ولا ضعف وأنتي أيتها (النفس) انظري  كم أنتي  متعالية  مغرورة ومتكبرة تدرين جيدا قيمتك وترمحين في الأرض بخيلاء وعظمة وأنت أيها( العقل) أنظر إلى حالك أنت مُشَبَّع بالعلم والحكمة والفلسفة والتَدبُر إذن لماذا تزعجونني وتستدرجونني من راحتي وسباتي وتبلدي؟  النهاية بعيدة وغير واردة البتة  نحن الأربعة بكل خير ولأجل طويل بادرها ( العقل) بسرعة قبل أن تتهدل جفونها الناعسة من جديد وتدخل في غيبوبة قد يطول زمنها مهلا أيتها (الروح) أتوسل إليكي ابقى معنا لساعة واحدة وبعدها سأريحك تماما وكرر( العقل) طلبه (للروح) مرارا وتكرارا بلجاجة يصعب أمامها الرفض وافقت( الروح) علي مضض واعتدلت من جديد في مجلسها معلنة الاستسلام لقوة (العقل) فاستطرد ( العقل) حديثه قائلا  ها قد جمعتكم معي على افتراضية نهايتنا بموتك أيها (الجسد) غدا ورحيل كل منَّا إلى مصيره فليفصح كل واحد منكم عما هو بفاعل في الساعات المتبقية له ولكن قبل الإفصاح عليكم تعايش الحالة باندماج كلي وجزئي حتى تصلوا الي يقين كامل وتام انكم غدا موتي ساد الصمت أركان الكيان الرباعي  لبضع دقائق  اضطربت (النفس) بعدما كانت تجلس بفخر وجبروت وبدأت تنكمش  رويدا رويدا وقالت بصوت يفتقر تماما إلي الغرور والتكبر... أنا( النفس) ساخرج  منك أيها (الجسد) بلا رجعة ولن يبقى من أثري سوي ما تركته في نفوس كل من حولي وللأسف دوما كنت سباقة إلى التكبر والإمعان في تدليل الذات وتغذية الأنا والانتقاص ممن حولي وإدانتهم واغتيابهم والافتراء عليهم لإشباع غروري ومرضى وفشلي امهلني قليلا قبل النهاية سأذهب لكل نفس أحزنتها وسأجبِرها وسأجبُرها سأراضيها وأرضيها وأرديها مهبط الأمان والسكينة واردها سالمة لسعادتها المسلوبة بقسوتي وأُبلسم ما تسببت لها من جروح من فضلك لن استطيع ان اتحمل حساب كل من أهنتهم واغتبتهم وظلمتهم وأدنتهم وحقرت من شأنهم التفت (العقل) الي (الجسد) فوجد حاله لا يختلف كثيرا عن حالة (النفس) فبعدما كان يجلس منتصبا معجبا بجماله وصحته ونظافته... بدا مرهقا شاحبا  وكان من الواضح جدا انه قد بدأ في الانهيار...تريث وتمهل على أيها( العقل) اللعين و امهلني تلك الساعات المتبقية أحمل نفسي بما تبقى لي من قوة خارت من هلعي بسبب مصيري المحتوم يوم الحساب امهلني أرد كل ما استحلته واستلته يداي  من مال حرام الي اهله ولأقدم توبة صادقة بالصوم والتعبد والخشوع والسجود عسى ان أُكَّفِر عن كل معصية اقترفتها بكل عضو  بهذا الجسد اللعين امهلني لاغتسل غُسلاً طاهراً حقيقياً امهلني ساعات ساصلح فيها كل شئ... أعدك التفت (العقل) معاتباً الروح بنظرات حادة وأطفق  قائلاً... والان وقد جاء دورك أيتها المتبلدة هل افقتي  ام لازلتي في سُباتك ردت (الروح) بجبروت هادئ وقالت: أفقت عندما أفقت أنت أيها ( العقل)  عشت أيها( العقل) عقوداً داخل هذا (الجسد) تجاورني اناو(النفس)  تغذيت بكل حكم العالم الزائلة وتعلمت كل علوم الكون ولكنك أخفقت في أهم شئ وهو سلامة البصيرة والاستبصار كنت جبارا في تعزيز (النفس) بالكبرياء والغطرسة والغرور تحت مفهوم الكرامة والمساواة الزائفة أطعمت( الجسد) بكل مشتهاه وشهواته الأرضية الزائلة ولم تحرمه شيئا حتى دللته لحد الفساد والإفساد وها هو  يهرب مرتعباً من تلك اللحظة كما فعلت (النفس)  أهملتني انا ولم توجه حكمتك لتغذيتي  بغذائي الروحي ونموي النوراني كما فعلت مع (النفس و(الجسد) و الآن تنعتني بالسُبات والفتور اسمعوا مني جيدا كلنا.... انا (الروح) وانت (العقل) وانت( الجسد وانتي (النفس كلنا علي مركب واحد علينا ونحن عليها  عبور بحر هذه الحياة الغادر الثبات المتلاطم  الأمواج إن نجا مركبنا  نجونا وإن هلك هلكنا هلم نستيقظ عسانا ننقذ ما يمكن إنقاذه لأننا  وفعلا.. فعلا على موعد مع النهاية ربما ليس غدا لكن  أقرب مما نتوقع... ربما بعد لحظة من الان

المشـاهدات 794   تاريخ الإضافـة 18/11/2020   رقم المحتوى 9202
أضف تقييـم