الخميس 2024/4/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
الانسان بين الوجود والعدم
الانسان بين الوجود والعدم
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب امير ابراهيم
النـص :

شكلت حكمة الفيلسوف الفرنسي، ابو الفلسفة الحديثة رينيه ديكارت (انا افكر إذا انا موجود)  ميدانيا رحبا للإنسان كي يمنح السلطة لعقله الواعي  متحصنا من أي تأثير سلبي على حياته ككيان قائم بذاته له حقوق وعليه واجبات. وأصبح المؤمنون بجوهر هذه الحكمة، بعيدا عن أي تفسير أو تأويل ضيق ، مستقلون فكريا كونهم جعلوها محركا لسلوكهم المنطلق من إيمانهم بأن الإنسان خلق حرا كما أراد له الله سبحانه وتعالى ذلك ، ويرفض القيود التي تجعله مسيرا وليس مخيرا في تمشية شؤون حياته، بل ينبذ اي صورة من صور التسلط والتحكم  والجبروت والتبعية الفكرية للغير والتي وقع في فخها المهووسون بنرجسيتهم نتيجة تراكمات واسقاطات لتلعب دورا في  غياب الوعي والانجراف وراء نزواتهم  ومن ثم  الخضوع والاستسلام الكامل لأي قرار أحادي حتى وإن أدى ذلك إلى تجريد حياتهم من معناها الجميل وبالتالي الانزلاق نحو متاهاة  اللاوجود  أي  العدم ، و الانقياد الفكري الى سلطة الإنسان الكيفية التي تؤدي به إلى التهديم وليس البناء ، وهي بالمقابل عكس الوجود الذي يؤمن به الاخرين الذين يحترمون الفكر الخلاق المتجدد وبالقانون العادل في الحياة ويعدونه الفاصل الفعلي والحاكم بين الحق والباطل والخير والشر وصولا لتلمس كل ما هو مفيد لذاته والمجتمع والإنسانية بصورة عامة عبر التوظيف المثالي للامكانيات المادية  التي يمتلكها . و في هذا الإطار يشير الكاتب مصطفى محمود في كتابه الوجود والعدم " إن الصوفية التي تنادي بإهدار العقل و تُمجّد الفقر و لبس الخرق على أنها الطريق إلى الله هي انحراف في الدين و ابتعاد عن جادة الصواب، فلا ينبغي للمسلم أن يرفض الدنيا، و إنما عليه أن يجعل منها مطية إلى الآخرة، إن مفهوم الزهد عند المسلم هو رفض عبودية المال، لا رفض المال لكونه أجراً كريماً على عمل أو جهد” لعل الحياة التي يعيشها الانسان تسيطر على نفسه  ثلاثة أمور  وهي َ( الهو والأنا والأنا العليا) حسب مفهوم مؤسس مدرسة التحليل النفسي  سيغموند فرويد و يعدها أقسام النفس أو ما يطلق عليها  ب"النظرية البنيوية" حيث قدم هذه المصطلحات الثلاث ليصف فكرته عن التقسيم بين العقل الواعي والعقل اللاوعي ، فالوعي هو مركز الإدراك في حين أن اللاوعي كان مخزن الذكريات والرغبات والاحتياجات، وهو يرى ان أفكار وذكريات الماضي التي تم حذفها من الفكر الواعي قد تم تخزينها من قبل اللاوعي، وهذه الأفكار تساعد على توجيه أفكار ومشاعر الفرد والتأثير على عمليات صنع القرار. ووفق هذا الصراع التاريخي للحياة  بين الوجود واللا وجود (العدم) أي بين الوعي واللا وعي لايمكن للإنسان أن يتلمس جوهر الحياة ومعناها الفعلي دون التخلص من القيود الفكرية التي لا تؤمن بحرية  التعبير والحوار  والنقد البناء والتنوع و ألمحبة والتعاون والتسامح  وبالتالي نبذ الفرقة والتشتت والمحددات الفكرية التي تشكل معرقلات حقيقية للتطور والنهوض البشري القائم على الخلق َوالابداع والتجدد والبحث عن كل ما يؤدي إلى الرقي المجتمعي والإنساني  .

المشـاهدات 649   تاريخ الإضافـة 19/12/2020   رقم المحتوى 9294
أضف تقييـم