النـص : تعد عمليات غسيل الأموال على المستوى العالمي ظاهرة، والتي تتمثل في غسل أموال المخدرات مـن تجارة الحشيش ما يطلق عليه اسم "جامعي أموال الكاش" بحيث يتـولون مهـمة جمع ونقـل ملايين الدولارات شهـريا في مخـتلف مدن في الـعالم، والتي يـتم تسلـيمها لشخـوص آخرين يـقومون بـدورهم بتـحويلـها عن طـريق نظام الحـوالة. والحـوالة هي وسيـلة لـتحويل الأمـوال من بلد لآخـر ومن عملـة إلى أخرى عن طريق شـبكة من الأشخـاص خارج النـظام المصرفي المتعارف عليهما، ويعتمد أساسا على عنصر الثقة. تظـهر بـدايات اسـتعمـال هذا الاصـطلاح (غسيـل الأموال) أي إزالة الـروائح القـذرة عن هذه الأموال حـتى لا يـتـعرف عـلى مـصـدرهـا ويـشـتـبه في أنـهـا ناتجـة عن مـصـادر المخدرات ونـحـوهـا، ثم تـطور مفهوم )غـسـيل الأمـوال) لـيـصـبح مـدلـوله يـعـني اسـتـعمـال وسـائل مـالـيـة وحـيل خـادعـة لإضـفـاء الـشـرعـية والـقـانـونـيـة عـلى هـذه الأمـوال المـكـتـسـبـة من مـصـادر قـذرة غـيـر مـشـروعـة. وهـكـذا أصـبح غـسـيل الأموال او (تبييض الأموال) اصطلاحان بمعنى واحد.إن هـذه الأموال الناجـمة عن كل ما هو مخـز للبشـرية ومشكلة حكـومية كانت ولا تزال تشـكل بحد ذاتها اقتـصاداً قوياً نشيطاً ''متوالداً'' وأموالاً الـقذرة أسهمت في إنقاذ مصارف ''محترمة ''في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، فضلاً عن أن الإحصاءات والـتقـارير الاقتـصاديـة تؤكد أن ظـاهرة غـسيل الأموال تـتصـاعد بشـكل مخـيف خاصة في ظل العولمة الاقتصادية وشيوع التجارة الإلكترونية. وبحـسب تقـرير الأمم المـتحدة تعني المخدرات الـصادر في أكـتوبـر/تشرين الأول 2011 فإن إجـمالي الأموال المبيضة عام 2009 قدر بتـرليوني دولار وقد تضـاعف هذا الرقم استنادا إلى إجمالي الـناتج الـعام العـالمي بنـسبة 100 بـالمئـة بعـد عقد من الـزمن وفق تقـرير صـادر عن صندوق النقد الدولي عام 2017. الأموال الـقذرة هـذه تتصـدر (في حجمـها) قـائمة الـناتج المحـلي السنـوي لأكثر من 30 دولـة عضو في الأمم المتـحدة وتشـكل ما ب 2 و4 في المئـة من النـاتج العـالمي وتتـجاوز الحدود و''تـقفز ''في الجـيـوب و''تـركن ''في الخـزائن. ورغم الخــراب الـذي تـنــشـره عـلى الــسـاحـة الــعـالمـيــة فـإن آلـيـات مقاومتها لا تزال دون المستوى وتـعـد غـالـبـاً الاقتـصـادات المتواضعة المصدر الـرئـيس لجـني الأمـوال الـقـذرة وفي عام 2017 قـدَّر مكـتب الأمم المتحدة المعنيُّ بالجريمة والمخدرات( ( UNOV قيمـة عمليات غسل الأموال على مستوى العالم بنسبة تتراوح سنوياً ما ب 2 و5 بالمئة من حجم الناتج الإجمالي العالمي وهو ما قُدر حينها بتريليوني دولار. إلا أن مـؤشر "بـازل" لمكافحة غسل الأمـوال الصـادر عن معـهد "بـازل" للـحوكـمة (مـقره سـويسرا) أشار في تـقـريره الـسـنوي لـعام 2017 : إن "حـجم عمـلـيـات غسل الأمـوال في الـعالم يـتـراوح ب 500 مـليـار دولار وتريـلـيون دولار سـنويـاً وهـو ما يـشكل 1 بـالمئةـ من حـجم الاقتـصاد الـعالمي الـبالغ 85 تريليون دولار. وبـحسب مـؤشر "بـازل لـعام 2018 فـإن أكثر 20 دولـة تنـتـشر فـيهـا عـملـيات غسل الأمـوال هي عـلى التـرتيب: طـاجـيكـسـتان ومـوزمبـيق وأفـغانـسـتان ولاوس وغـينـيـا بيـساو ومـينمار وغامـبـيـا ولـيبـيـريـا وكيـنـيـاوفـيتـنـام وهـايتي وبنما وسـيـراليـون والـرأس الأخـضر وزيمبابوي واليـمن وباراغـواي ونيكـاراغوا وتـنزانـيا.ووفق المـؤشر نفـسه فإن لـبنـان حلَّ بالمرتبة الـ27 عالمياً من حـيث انتـشار عـملـيـات غسل الأمـوال فيه والـسودان بـالتـرتيب الـ29 والمغربـ الـ57 وتونس الـ59 والإمارات الـ72 والـبحرين الـ81 ومـصر الـ87 والـكويت الـ90 والـسعودية الـ93 وقـطر الـ107 والأردن الـ 111من أصل 129 دولة دخـلت بـالـتـصـنـيف.ويـسـتـنـد مـؤشـر "بـازل" في تـصـنيـفه لـلـدول عـلى مـؤشــرات عـدة مـنـهـا: قـيـاس نـسـبـة الـتـزام الــدول للمعـايـيـر الدوليةـ وسـيـادة الـقـانـون والإجراءات المصرفية والـشفافية إضافة إلى الفسـاد والمخاطر السياسية والقـانونية.وحينما تبدأ عمليات غسل الأمـوال بإيداع الـنقود غيـر المشروعـة في مؤسسـة مالية أو يـتم تحويلـها إلى عملات أجـنبية أو شراء سلع باهظـة بها وفي المرحلة الثانية يتم التمويه على هذه الأموال حتى يصبح من الصعب تتـبُّع مصدرهـا وذلك من خلال تكـرار عملـية تحويـلهـا من بنك إلى آخر والـتحـويل الإلكتـروني لها وتحويلها إلى بنـوك لديها قواعد صارمة فيما يتعلق بسرية الإيداع.والمرحلة الختامية لغسل الأموال يـتــرتب عــلـيــهـا إضــفــاء طـابع الــشـرعــيــة عـلى الأمــوال ومن خلالــهـا يــتم دمج الأمــوال في الـدورة الاقـتـصاديـة لـتبـدو كـأنهـا عـوائد أو مـكـتسـبـات طبـيـعيـة لـصفـقـات تجاريـة مـثل الشـركـات الوهـمـية والقـروض المصطـنعة. امـا فيمـا يخص تـعامل العـراق مع جريمة غسيل الامـوال فقد اصـدر العراق قراراً رقم 15 لـسنة 1997 وهو يجسـد احدث التشـريعات في القـانون العراقي الـذي يتناول الاموال غيرـ المشروعـة في الفـقرة (اولا) مـنه وتنص (تصـادر الاموال الـقذرة بما فيهـا النـقود والامـوال غير المنقولة التي مليكتها الى الاشخاص بصورة غير شرعية وقام بنقل هذه الملكية الى الغير بقصد الـتـهـرب من حـكم الـقـانـون كـمـا انـضم الـعـراق الـى اتـفـاقـيـة الامم ـالمتـحدة 1988( اتـفـاقـيـة فـيـيـنـا) مكافحة الاتجـار غيـر المشـروعة بالمخدرات والمؤثـرات الـعقـلـيـة وفق القـانـون ذي الرقم (23/لـسـنة 1996) والمنشورة في الجـريدة الرسميـة (الوقائع العـراقية) بالعدد 3546 في 2/12/1996. حـيث تعمل الحـكومـات الوطنـية عـلى مكـافحـته مما يـشكل من تـهديـد جدي عـلى جمـيع مفـاصل الدولة، فـقد قامت فضلاً عن اصدارها الـقرارات التي تحد من جريمة غسيل الامـوال الى انشاء مكتب غسيل الاموال في البنك المركزي العراقي الذي يقوم بتلقي الاخبـارات عن جرائم غسيل الاموال واتبعه قانون اخر عـام 2015 بـالـرقم 39 حـيث مـنـحت المادة (8 اولاً (مكـتب مـكـافـحـة غـسـيل الامـوال وتـمـويل الارهاب الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري
|